نشرت صحيفة “لوريون لوجور” اللبنانية الصادرة باللغة الفرنسية، تقريرا حول تأثير الصراع اليمني على الوضع الداخلي اللبناني، ورد فيه بأن موقف حسن نصر الله من عملية “عاصفة الحزم” التي شنها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، أثر على علاقاته الداخلية مع خصومه وحلفائه على حد السواء.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي اطلعت عليه “عربي21“، إن تدخل حزب الله في الشأن اليمني عبر دعم المليشيات الحوثية، لم يمر دون أن تكون له انعكاسات على موقع الحزب في المشهد اللبناني والتحالفات السياسية المعقدة التي يعرفها لبنان.
ورأت أنه من الواضح أن حزب الله تم تكليفه من قبل إيران بالتكفل بالملف اليمني، تماما كما تم إرسال الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، للاهتمام بالملف العراقي، واعتبرت أن هذا هو التفسير الوحيد للموقف الذي اتخذه الحزب إلى جانب مليشيات الحوثيين في اليمن، تحت شعار “الوقوف إلى جانب المستضعفين”.
وقالت الصحيفة إن مصادر مقربة من تيار 14 آذار اعتبرت الظهور الأخير للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، غير موفق وذا استتباعات سلبية على تحالفاته، على الصعيد الداخلي؛ ومع القوى السنية بشكل خاص.
واعتبرت الصحيفة أن الحملة التي شنها الحزب الشيعي ضد المملكة السعودية كانت غير مبررة، كما أنها تزامنت مع وصول أولى شحنات السلاح الفرنسي، الذي تعهدت المملكة بدفع ثمنه البالغ ثلاثة مليارات دولار كهبة للجيش اللبناني، وقد أضافت عليه الولايات المتحدة هبة بمليار دولار كمساعدات بعنوان “مكافحة الإرهاب”.
ونقلت عن مصادر رفيعة المستوى اعتبارها أن “هذه الحملة الشعواء وغير المنطقية التي يشنها حزب الله ضد الرياض ليست إلا نتيجة لوصول التعليمات من إيران بالرد على عاصفة الحزم”.
وقالت الصحيفة إنه بعد الخطاب الأخير لحسن نصرالله، بادر وليد جنبلاط بالتصريح بأن “الخطاب المتشنج لحزب الله لا قيمة له وأن التهدئة هي الحل الأمثل”. وفي السياق نفسه، رأت مصادر سياسية أن موقف جنبلاط يؤشر على انتهاء الهدنة بينه وبين حزب الله، التي تم التوصل إليها في خضم إعادة تشكيل المشهد السياسي على إثر الانتخابات البرلمانية في سنة 2009.
وأضافت أن تبعات الخطاب الأخير لحسن نصر الله لم تشمل فقط وليد جنبلاط، بل امتدت إلى حلفاء سوريا وخاصة التيار الوطني الحر الذي يقوده العماد ميشال عون، حيث استغل وزير الخارجية جبران باسيل إحدى الاجتماعات التي نظمها هذا التيار للرد بشكل غير مباشر على تصريحات الأمين العام لحزب الله من خلال القول إن “كل حزب يستقوي بالخارج سيسبب تدمير لبنان”. وهو ما اعتبره الملاحظون تلميحا من الوزير باسيل برفض حزبه لسياسة حزب الله التي تسعى لإقحام لبنان في الصراعين السوري واليمني، ما يؤكد وجود صدع بين التيار العوني والحزب الشيعي في عدة مسائل، على رأسها تمديد فترة عمل المسؤولين الأمنيين.
وقالت الصحيفة إن غياب أي لقاء مباشر بين الطرفين في الفترة الأخيرة يؤكد سوء العلاقة بينهما، ونقلت عن مصادر مطلعة وجود جهود لترتيب لقاء بين الأمين العام لحزب الله وزعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، لرأب الصدع بين الطرفين.
وأفادت الصحيفة بأن تيار 14 آذار يعتبر أن خطاب نصر الله الأخير لم يأت بجديد غير أنه يرمي إلى حشد صفوف أنصاره، في وقت يجد فيه صعوبة في تسويق مواقفه حتى بين أكبر مناصريه. ويعتبر تيار 14 آذار أن لبنان لا علاقة له بالصراع اليمني، وأن الهدف المعلن لـ”المقاومة”، المتمثل في تحرير الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، فقد مصداقيته مع تورط المليشيات الشيعية في الصراعات في سوريا والعراق والآن في اليمن.
وهو ما يعني – بحسب الصحيفة- نهاية شعار “الجيش- الشعب – المقاومة”، الذي لطالما تمسك به حزب الله، كما أنه يعني أن حسن نصر الله ليس في وارد انتقاد التدخل السعودي في اليمن بينما ينغمس هو نفسه في المستنقع السوري بتعليمات مباشرة من طهران، وبينما لا يتوانى جنرالات إيران عن بذل الجهود من أجل استعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، ويعكس أيضا “تضارب مواقف نصر الله” الذي يتحدث عن الدفاع عن المظلومين بينما هو يشارك في قمع الشعب السوري.
وخلصت الصحيفة إلى أن لبنان أصبح ساحة أخرى لمواجهة إقليمية، لا يعدو ملف الانتخابات الرئاسية إلا أن يكون مظهرا من مظاهرها. ونقلت عن أحد قيادات قوى 8 آذار أنه إلى حد الساعة لا توجد أي بوادر لحل قضية الرئاسة على المدى القريب، وأن هذا الملف أصبح هو أيضا ورقة سياسية في أيدي القوى الإقليمية.
وأضافت في السياق نفسه، أن حزب الله أعلم بعض حلفائه بطريقة دبلوماسية أنه يعارض انتخاب رئيس للجمهورية، إلا إذا كان هذا الأخير من “تيار الممانعة” ويحظى بدعم طهران، لأن الحزب لا يريد تكرار تجربة ميشال سليمان.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن الملاحظين يجمعون على أن التطورات الأخيرة في الصراع اليمني سيكون لها تأثيرات إيجابية على الداخل اللبناني ستتمثل على الأقل في تحريك ملف الانتخابات الرئاسية.
عربي21