قالت مجلة “لوبوان” الفرنسية (Le Point) إن المفوضية الأوروبية قدمت “ميثاق الهجرة الأوروبي” الجديد بعد 4 سنوات من فشلها الأول.
وأكدت أنه يمثل إصلاحا شاملا لقضية اللجوء ويعيد الثقة بين الدول الأعضاء بالاتحاد، كما يعيد التوازن بين التضامن والمسؤولية، حسب رئيسة اللجنة الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
ويقول مارغريتيس شيناس، المفوض عن اليونان نائب رئيسة اللجنة إن هذا الاتفاق نتيجة مشاورات طويلة مع الدول الأوروبية من خلال “جولة في العواصم”، مشيرا إلى أنه “لا توجد دولتان من الدول الأعضاء تواجهان ظاهرة الهجرة بالطريقة ذاتها”، بالنظر إلى الجغرافيا والتاريخ.
وأوضحت المجلة أن الميثاق الجديد يترك للدول خيار إعادة توطين اللاجئين أو “رعاية عودتهم” إلى بلدانهم الأصلية، واختارت 5 نقاط فيه رأت أنها لا بد أن تبرز وتبقى في الذاكرة.
1. ضوابط أسرع على الحدود
قالت المجلة إن أول تجديد في الميثاق الجديد هو تنظيم ميثاق دبلن، وينص الآن على وجوب تسجيل مرشح اللجوء ببصمات الأصابع في بلد الدخول الأول، مما يجعل الدول الساحلية كإيطاليا وإسبانيا واليونان ومالطا هي الأكثر تعرضا للتدفقات القادمة من الجنوب التي لا يمكنها إدارتها بمفردها، ولذلك تقترح اللجنة الإبقاء على هذا المعيار، مع إضافة معايير أخرى تسبقه لتسمح بتوزيع العبء بشكل مختلف.
وبحسب المجلة فإذا كان المرشح للجوء حاصلا على شهادة دراسية في دولة عضو أو لديه عائلة كالوالدين والإخوة في دولة عضو، فإن معالجة طلب اللجوء الخاص به سيكون على مسؤولية تلك الدولة، كما سيتم إجراء فحص طبي شامل عند الدخول.
وستكون إجراءات الحدود سريعة، تسمح خلال 5 أيام بإعادة من ليسوا مرشحين للبقاء طويلا داخل الاتحاد -خصوصا طالبي اللجوء ممن فرصهم ضئيلة في الحصول عليه- لبلدانهم الأصلية إذا كانت آمنة مثلا، وتسمح اللجنة في هذه الحال بفترة أقصاها 12 أسبوعا.
وأشارت المجلة إلى أن الوكالات الأوروبية وحرس السواحل ستكون أكثر دعما للدول الأعضاء وستكون لديها قواعد بيانات مترابطة، تقول إيلفا جوهانسون، المفوضة عن السويد المسؤولة عن هذا الملف “كلما كانت الإعادة أسرع، سنقطع مزيدا من التمويل عن المهربين”، حيث يقدر الاتحاد الأوروبي أرباح المهربين في البحر الأبيض المتوسط بنحو 300 مليون يورو بين عامي 2017 و2019.
وتسمح الإجراءات الجديدة للاجئين المعترف بهم على هذا النحو بالاستفادة من حرية التنقل في أوروبا بعد 3 سنوات بدلا من 5، مع أنها لا تقول الكثير عن الأشخاص الذين فروا أثناء إجراء الفحص، ولا تدعي سوى أنها تقوم بسد بعض الثغرات.
2. تعاون أفضل مع بلدان المنشأ والعبور
ومع أن أوروبا أبرمت 24 اتفاقية قبول إعادة مع دول المنشأ، فإن هذه الاتفاقيات -حسب المجلة- لا تعمل بشكل جيد، ولذلك فإن عمليات الإعادة قليلة، وعليه ستعاقب الدول غير المتعاونة بسياسة غير كريمة فيما يتعلق بالتأشيرات، وعلى العكس ستُمنح بلدان المنشأ المتعاونة تأشيرات أوروبية على نطاق أوسع، على أساس مبدأ العصا والجزرة.
3. خياران للتضامن الإجباري
وحسب النظام الجديد، عندما تحدث أزمة، تقوم المفوضية بمبادرة منها أو بناءً على طلب إحدى الدول بتقييم مدى تعرض أحد الأعضاء أو أكثر لضغط الهجرة، وفي هذه الحال يتم تفعيل آلية تضامن دائمة، حيث تدعو المفوضية إلى تضامن الدول الأعضاء الأخرى بأحد خيارين، إما بإعادة توطين طالبي اللجوء الجادين لديها بمساعدة مالية أوروبية، وإما “برعاية إعادتهم” إذا لم يكن لديهم أمل في العثور على ملجأ في أوروبا.
وتعني هذه “الرعاية” أن الدولة العضو المعنية تتحمل مسؤولية ضمان العودة الفعالة للشخص المرفوض إلى بلده الأصلي، وقد تفتح المفوضية خيارا ثالثا دون تحديده تحت عنوان “اتخاذ تدابير دعم عملياتية أخرى”.
وإذا تم اعتماد هذا النظام -كما تقول المجلة- فسيتم تفويض اللجنة لاتخاذ إجراء ملزم قانونا بصورة نهائية لمساعدة الدول الأعضاء التي تغمرها تدفقات الهجرة، بحيث تكون الدول التي ترفض التعاون مثل المجر قادرة على إعادة طالبي اللجوء إلى بلدانهم، وبالتالي القيام بدورها في أعمال تأمين الحدود الخارجية لأوروبا.
4. عمليات الإنقاذ في البحر
فيما يتعلق بإنقاذ المهاجرين في البحر، تؤكد اللجنة مجددا أن البحث عن المهاجرين وإنقاذهم في البحر “التزام قانوني” و”واجب أخلاقي” بالنسبة للدول الساحلية، وذكّرت بأن حرس الحدود والدول الأعضاء أنقذوا 600 ألف شخص في البحر منذ عام 2015.
ومع ذلك، تعتبر المفوضية أن عمليات الإنقاذ في البحر هي مصدر قلق الاتحاد الأوروبي بأكمله لأن الركاب يصبحون، بحكم الواقع، طالبي لجوء خاضعين للنظام الجديد الذي تم تطويره.
وعليه -تقول المجلة- إن المفوضية الأوروبية ستترك كل عام مجالا للرعاية دون قبول اللجوء -كهامش للمناورة تلجأ إليه حال الاضطرار- بالنسبة للأشخاص الذين يتم إنقاذهم في البحر والقُصّر، وبالتالي ستعلن كل دولة عن عدد الأشخاص الذين تم إنقاذهم في البحر والذين توافق على رعايتهم. وإذا كانت الالتزامات تمثل أقل من 30% من الاحتياجات، فإن المفوضية ستعقد “منتدى رفيع المستوى حول التضامن”.
5. الأرقام الحالية
تحاول رئيسة اللجنة الأوروبية أن تقنع أعضاء الاتحاد بأن إغلاق أوروبا بالكامل وهْم لا يمكن تحقيقه، حيث يبلغ عدد الأجانب الذين يعيشون بشكل قانوني في أوروبا 20.9 مليون شخص، أو 4.7% من إجمالي سكان القارة.
وفي عام 2019، استفاد مليونا شخص من تصريحات الإقامة القانونية، من خلال الروابط الأسرية والدراسة والعمل أو طلب اللجوء، وقد غادر مليون شخص أوروبا، حين منح الاتحاد الجنسية لـ 700 ألف شخص، وكان عدد الوافدين غير النظاميين 142 ألف شخص.
ونبهت المجلة إلى أن أرقام الهجرة عام 2019 بعيدة جدا عن أرقام عام 2015 التي شهدت دخول مليون و820 ألف شخص إلى أوروبا بشكل غير قانوني في أعقاب الأزمة السورية.
وفي العام الماضي أيضا، بلغ عدد طالبي اللجوء 698 ألف شخص، كما أحبط دخول 370 ألفا آخرين، ولم يعد إلا ثلثهم إلى بلادهم، وقد بلغ عدد المستفيدين من وضع اللاجئ في أوروبا 2.6 مليون بنهاية عام 2019، أو 0.6% من سكان القارة.
نقلا عن الجزيرة