منذ عرفت سوريا حربا طاحنة كان على شعبها الأعزل أن يدفع أفدح أثمانها، ومن بين ذلك عمليات التفريغ الواسعة من تركيبات سكانية مستقرة في مناطقها.
ومن قائل إن الحرب تفعل فعلها في كل مكان من العالم من تهجير ودمار مؤقتين، وآخر يرى أن ثمة أجندة موثقة تبرز تلازما بين التطهير وإحلال آخرين مكانهم، سواء على أساس مذهبي وطائفي أو حتى عن طريق تجنيس ملايين الأجانب.
هذا ما وضعته حلقة الثلاثاء (5/1/2016) من “الاتجاه المعاكس” على الطاولة للنقاش، واضعة أمام الضيفين رأي الجمهور المستفتى في سؤال: هل تعتقد أن سوريا تخضع لإعادة تشكيل سكاني ومذهبي؟ ليذهب 95.8% للقول: نعم، إن ثمة إعادة تشكيل سكاني ومذهبي، بينما قال 4.2%: لا.
السنة أقلية
الكاتب والإعلامي أحمد كامل قال إن نتيجة الاستفتاء تشير إلى حقيقة واضحة، فقد كان عدد السوريين السنة 16 مليونا، بينما بقية المكونات ثمانية ملايين، أما الآن فعدد السنة تسعة ملايين وباقي الفئات سبعة ملايين ونصف، مشيرا إلى أنه في غضون سنة أو سنة ونصف سيصبح العرب السنة أقلية للمرة الأولى منذ مئات السنين.
ويفصل أجندة النظام في التفريغ والإحلال عبر القتل، حيث قتل 300 ألف عربي سني، وبالتهجير فإن مخيمات اللاجئين تضم سبعة ملايين نسمة من العرب السنة ونصف مليون من المكونات الأخرى.
ويضيف أحمد كامل: الطيران السوري ومن بعده الروسي لا يقتل سوى العرب السنة. أما البند الأكثر فاعلية في رأيه فهو التجويع الذي يدفع الناس للاستسلام وترحيلهم وإحلال أكراد وشيعة مكانهم، لافتا إلى أن جميع الهدن التي تمت برعاية الأمم المتحدة كانت خاتمة لسياسة التجويع التي فعلها النظام وحزب الله ولم يفعلها هتلر ولم تفعلها إسرائيل.
في المدى الأخطر والأبعد فإن المهجرين -كما يضيف كامل- سيصبحون لاجئين ولن يرجعوا بسهولة إلى بلدهم، وسيجري عليهم ما سبق وجرى على اللاجئ الفلسطيني.
ويواصل القول إن الأطفال في تركيا يندمجون ويتعلمون اللغة التركية، وإن اللاجئ يندمج وينجب ويواصل حياته بعيدا عن وطنه، فها هو مخيم الزعتري في الأردن بات شبه فارغ لأن الناس لن يمكثوا طويلا في الخيام.
وتحدى أحمد كامل ثبوت قتل أحد على يد الطيران السوري والروسي سوى العرب السنة أو التركمان السنة.، سوى عدد قليل من المسيحيين قتلوا لوجودهم بين السنة.
الدولة تدافع عن نفسها
لكن في المقابل فإن المحامي والكاتب السياسي جوزيف أبو فاضل يحيل كل ما قاله أحمد كامل إلى تركيا وقطر والسعودية، فهي في رأيه التي وقفت وراء تسليح وتمويل السنة وغررت بهم، فما كان من الدولة السورية إلا أن دافعت عن نفسها.
ومضى يقول إنه لم تكن في يوم سياسة الدولة السورية، خصوصا منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد سياسة طائفية، ضاربا مثلا على ذلك بأن غالبية الشخصيات في المشهد السياسي كانوا من السنة، ومنهم من هم في صف الرئيس السوري الحالي بشار الأسد كوزير الدفاع ووزير الداخلية.
وردد أبو فاضل غير مرة أنه منذ 2011 انطلقت في الشارع هتافات تقول “العلوي عالتابوت والمسيحي عبيروت”، وهو ما كذبه كامل وطالبه بأن يبرز دليلا واحدا يثبت ذلك.
وخلص أبو فاضل إلى القول إن المناطق التي لا توالي النظام لا يوجد بها أحد من المكونات الأخرى، ورد كامل بأن السبب ليس طائفية العرب السنة، بل لأن المنطقة تحولت إلى جحيم تحت البراميل والصواريخ، فكيف يعيش بها من يوالي النظام؟
الجزيرة