صحيفة العرب القطرية
الضربات الجوية غير ناجعة وبدون نتائج» هكذا قال باك مكيئون، رئيس لجنة مجلس الشيوخ للقوات الأميركية عندما عارض قرار الرئيس الأميركي براك أوباما للقصف الجوي كجزء من الاستراتيجية الأميركية في الحرب ضد الدولة الإسلامية ، ويبدو أنه رغم القصف الجوي الكثيف للتحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة، فإن داعش لا يتوقف ويزداد مؤيدوه ويحتل قرى أخرى غرب سوريا وفي العراق.
واضح أن استخدام القصف الجوي لن يحقق هدف القضاء على الدولة الإسلامية، وهو غير فعال لعدة أسباب: أولا، العدد القليل للهجمات الجوية قياسا مع المناطق الواسعة التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية (شمال العراق وغرب سوريا). منذ بداية قصف طائرات التحالف الدولي في نهاية سبتمبر وصل العدد فقط إلى 500 طلعة جوية، ولكي يحقق الأميركيون هدفهم عليهم توسيع الطلعات واستخدام أكبر للطائرات التي يملكونها. وإذا لم يفعلوا ذلك فإن الدولة الإسلامية ستتسع وتزيد من سيطرتها على مناطق أخرى – وهكذا فإن فاعلية الهجوم الجوي ستقل بسبب قدرة عناصر الدولة الإسلامية على زيادة سيطرتهم على المناطق التي قاموا باحتلالها، والحصول على سلاح متطور، الأمر الذي سيهدد طائرات التحالف الدولي. المشكلة الثانية تتعلق بالتكتيك الخاص بالتحالف الغربي، على الهجوم أن يركز على مدن محددة فيها قيادات الدولة الإسلامية من أجل إحداث شلل لها، ومن أجل زرع الخوف لدى النشطاء، وبسبب غياب المعلومات فإن القصف اليوم يستهدف مواقع ومعسكرات مفتوحة للدولة الإسلامية. في هذا القصف لا يوجد قيمة أو فائدة، وقد اعتاد نشطاء الدولة الإسلامية على مواجهة هذا القصف، عندما تقترب طائرات التحالف يتركون مواقعهم، يختبئون وبعد ذلك يعودون. ثالثا، غياب المعلومات وغياب الرغبة في التعاون مع نظام الأسد تتسبب في غياب المعلومات النوعية، الأمر الذي يصعب على القوات الأميركية العمل في سوريا. ليس مثل العراق حيث توجد للولايات المتحدة معلومات نوعية في أعقاب التعاون مع جهات كثيرة بما في ذلك السلطة المركزية في بغداد والأكراد في الشمال، ولكن في سوريا، وبسبب غياب المعلومات، يضطر الأميركيون إلى الاعتماد فقط على الأقمار الصناعية وعلى الطائرات من دون طيار وعلى تتبع جوي من أجل الكشف عن أهداف ممكنة لقصفها، وإهمال أدوات جمع معلومات أخرى. وكنتيجة لذلك يتبين أن معظم الهجمات التي تقوم بها طائرات التحالف في سوريا تستهدف مباني فارغة، تم إخلاؤها قبل ذلك بدقائق. إضافة إلى ذلك فإن غياب المعلومات يمكن أن نلاحظه في كثرة الإصابات بين المدنيين الغير مشاركين، الذين يزداد عددهم مع استمرار القصف الجوي. وأخيرا، على الأميركيين أن يفهموا أن الدولة الإسلامية لن تهزم بواسطة القصف الجوي مهما كان كثيفا. المعركة للقضاء على الدولة الإسلامية يجب أن تشمل عوامل كثيرة بما فيها قوات برية، ولهذه القوات أبعاد أخرى بما فيها العمليات العسكرية، جمع المعلومات الأمنية والسياسية، أي أنه يجب أن تكون العلاقة وطيدة مع السكان، وتقديم المساعدات لهم، الدعم الاقتصادي والمساعدات الإنسانية إضافة إلى التعليم، الدعاية والتوعية – هذا يساعد الأميركيين على تقليص تأثير الدولة الإسلامية على السكان ومنع انضمامهم لصفوف داعش. لذلك فإن الخطر من استمرار القصف الجوي سيدفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى التورط أكثر في حرب في العراق وسوريا، إضافة إلى الخوف من المس بالمدنيين الأبرياء، وهذا سينتج عنه رأي عام متحفظ في الولايات المتحدة والعالم على هذه الحرب قبل الانتهاء من تحقيق المهمة. لهذا آن الأوان لإعادة النظر في الاستراتيجية الأميركية قبل فوات الأوان.