يطرح الكثير من المتابعين والمحللين هذا السؤال، فبعد إعلان الممثل الخاص للتحالف “بريت مكورك”، من بغداد، قبل عدة أيام، عزم الولايات المتحدة الأمريكية رفع مستوى التنسيق والتعاون بينها وبين الحكومة العراقية، ومدها بجنود أمريكان ذوي خبرة، لبدء عملية تحرير الموصل من “داعش”.
وتعقيبًا على هذا القرار، تشير الكاتبة “مروة شبنم أوروتش” إلى أن هذه الخطوة ستكون إيجابية، على الرغم من ازدواجية الولايات المتحدة في التعاطي مع العناصر المهددة للمنطقة، مؤكدةً أنه كان على أمريكا التي أعلنت الحرب على “داعش”، من خلال تأسيسها لتحالف دولي، أن تبدأ منذ زمن بعيد الحرب ضد داعش في الموصل نقطة الانطلاق الأساسية لداعش نحو سوريا وغيرها من المناطق الأخرى، لإحراز نتائج إيجابية ملموسة في عملية القضاء على داعش بشكل جذري.
وفي إطار تقييمها للقرار، تتساءل أوروتش عن سبب عدم قبول الولايات المتحدة بالخطط التركية الجذرية الخاصة بالقضاء على داعش في العراق وسوريا معًا؟ وتوضح الكاتبة في إجابتها أن الولايات المتحدة ترى أن العراق ما زال قائمًا على أصوله ولم يُصَب بانقسامات كبيرة مثل سوريا، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن العراق أصبح بعد انسحابها لقمة سائغة على طبق من ذهب لإيران، لذلك أرادت من خلال هذا التحرك، إعادة إثبات ثقلها في العراق، والحفاظ عليه كقاعدة لها بعيدًا عن روسيا وإيران.
وتبيّن أوروتش أن عدم وجود موافقة أمريكية لتركيا على خططها الجذرية في القضاء على داعش ونظام الأسد، ليس لأنها تعارض أي تحرك تركي من الأساس، بل لأنها متأكدة من أن الإقدام على التدخل العسكري الجاد في سوريا، إلى جانب تركيا وحسب خططها، سيكلفها الكثير من الخسائر المادية واللوجستية التكتيكية والاستراتيجية، منوّهةً إلى أن الأسباب التالية هي الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة داعش بشكل جاد في الموصل، وعدم محاربتها في الرقة:
ـ دعم الولايات المتحدة الأمريكية للخطط التركية، للقضاء على نظام الأسد إلى جانب القضاء على داعش، سيسبب لها اصطدامًا سياسيًا وعسكريًا حادًا مع روسيا، تحرص على عدم التعرض له في الفترة الحالية.
ـ رأت الولايات المتحدة أن الانقسام في سوريا، دليل على استحالة تجميع قواها لتحويل سوريا إلى قاعدة عسكرية لوجستية تابعة لها. وترى الولايات المتحدة كذلك أنه لا يوجد طرف جاد يمكن الاعتماد عليه لتحقيق هذه الأهداف بعد القضاء على داعش والنظام، إذ تعد تركيا دولة منافسة أكثر منها حليفة. أما فيما يتعلق بحزب الاتحاد الديمقراطي فالولايات المتحدة تعي جيدًا أن ارتباطه بروسيا سيحول دون إخلاصه لها بالشكل الذي تريد بعد التدخل في سوريا.
ـ إمكانية استغلال تركيا لهذه العملية في ضرب حزب الاتحاد الديمقراطي، نقطة أخرى تقلق الولايات المتحدة، إذ ترى أنه في ظل انعدام الأمل في تحويل سوريا إلى منطقة تابعة لها، فلا بد من استغلال حزب الاتحاد الديمقراطي في خطط التقسيم، لإحداث حالة من استنزاف القوى وإضعاف الجميع إلى درجة تحول دون وجود معارضة حقيقية لمصالحها ومصالح حليفها الأساسي في المنطقة “إسرائيل”.
وتختم أوروتش بالقول “نحن نعول دومًا على الولايات المتحدة أو غيرها من القوى، لتحدث لنا التغيير الذي نريد، ولكن هذا لن يحدث إطلاقًا، لأن هذه القوى لا تخطو أي خطوة إلا من خلال دراسة معمقة وقياسات دقيقة لإمكانية خدمة مصالحها من هذه التحركات، وليس مصالح منطقة ما، إن أردنا إحداث تغيير ما في الشرق الأوسط، فلا بد من تشكيل تحالف قوي يُجبر الآخرين على احترام الخطط المشتركة للمنطقة، فعالم المصالح لا تحكمه إلا القوة!”.
ترك برس