افتتح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، السبت 22 يوليو2017، قاعدة “محمد نجيب”، العسكرية بمنطقة الحمّام في محافظة مطروح، شمال غرب البلاد، وهي أكبر قاعدة عسكرية في أفريقيا والشرق الأوسط، وأول قاعدة عسكرية متكاملة على أرض مصر.
وتحمل القاعدة اسم اللواء محمد نجيب أول رئيس لمصر بعد ثورة 23 يوليو 1952. وتضم مختلف الأسلحة الرئيسية وبها فرقة تقدر بـ20 ألف مقاتل وتهدف إلى مواجهة أي تهديدات إرهابية محتملة من ليبيا، وتأمين المفاعل النووي في الضبعة، بحسب التصريحات الرسمية.
وجرى الافتتاح بحضور ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، وولي عهد البحرين، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، والأمير خالد الفيصل، أمير مكة، والشيخ محمد الخالد الحمد الصباح، وزير الدفاع الكويتي، واللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، قائد القوات الموالية لمجلس نواب طبرق.
وتعد قاعدة محمد نجيب العسكرية أول قاعدة عسكرية متكاملة على أرض مصر، يتمركز بها تجميع قتالي يتوافر به المأوى وميادين التدريب المجهزة لمختلف العناصر القتالية والتخصصية، وفق ما نشره متحدث عسكري مصري.
وبعيداً عن كون القاعدة خطوة كبيرة في مجال تطوير قدرات القوات المصرية وتعزيزها، وأنها تمثل رسالة لكل من يسعى لاستهداف مصر والنيل من أمنها واستقرارها، كما يقول سياسيون وإعلاميون مصريون، فإن ثمة تساؤلات طرحها البعض بشأن اختيار موقع القاعدة، وما تضمنته من منشآت، وما سيترتب عليها من فوائد.
ٍ- الموقع
أول ما لفت الانتباه هو موقع القاعدة القريب من الحدود الغربية حيث الجارة ليبيا، وليس الحدود الشرقية التي يخوض الجيش فيها منذ ثلاث سنوات معركة لا تنتهي مع تنظيمات مسلحة في شبه جزيرة سيناء، فضلاً عن كونها (الحدود الشرقية) خط الدفاع الأول في مواجهة “العدو التاريخي” لمصر (إسرائيل).
افتتاح قاعدة مصرية بهذا الحجم وفي هذا المكان والتوقيت، حيث تعيش الساحة لحظات فارقة في معركة سياسية وعسكرية لا تقف فيها مصر موقف الحياد، وإنما تعلن تأييدها الكامل للواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يعتقد كثيرون أنه سيكون سبباً في تقسيم البلاد إن لم ينجح في إعادتها إلى ما قبل ثورة العام 2011 التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي.
في العام 2015 تواترت أنباء بشأن رغبة السيسي في التدخل عسكرياً في ليبيا للاستفادة من نفط المنطقة الشرقية التي بات حفتر يسيطر عليها بشكل شبه كامل، غير أن محللين عسكريين رجحوا في حديث سابق مع “الخليج أونلاين”، أن يكون الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، رفض هذا الأمر.
لكن يبدو أن الأمور قد تغيرت مع وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض في يناير 2017، خاصة أن إدارة ترامب باركت الضربات الجوية المصرية لمواقع في درنة الليبية في مايو 2017، على عكس ما فعلته إدارة أوباما مع ضربات مماثلة على بنغازي في أكتوبر 2014.
مصادر مصرية كانت أكد لـ”الخليج أونلاين”، أن ثمة رغبة مصرية أكيدة في الاستفادة من نفط ليبيا، قائلة: “إذا لم يتمكن حفتر من السيطرة على هذا النفط فقد تتدخل مصر للسيطرة عليه، في حال وجدت غطاءً من قوة كبرى”.
في 14 مارس 2017، نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر أمريكية ومصرية ودبلوماسية أن روسيا نشرت فيما يبدو قوات خاصة في قاعدة جوية غرب مصر، بالقرب من الحدود مع ليبيا. وقال المسؤولون الأمريكيون إن أي نشر لقوات روسية من هذا القبيل قد يكون في إطار محاولة دعم خليفة حفتر.
وكالة رويترز نقلت أيضاً عن دبلوماسي غربي (لم تكشف هويته)، أن روسيا تتطلع إلى دعم حفتر على الرغم من أن تركيزها الأولي على الأرجح سيكون على منطقة الهلال النفطي في ليبيا، مضيفاً: “من الواضح جداً أن المصريين يسهلون الانخراط الروسي في ليبيا، من خلال السماح لهم باستخدام هذه القواعد. من المفترض أن ثمة تدريبات تجري هناك في الوقت الحاضر”.
وتعزز روسيا علاقاتها مع مصر التي ربطتها علاقات مع الاتحاد السوفييتي في الفترة من عام 1956 وحتى عام 1972، رغم الأزمة التي أحدثها إسقاط تنظيم الدولة لطائرة روسية تحمل 224 شخصاً فوق سيناء في أكتوبر عام 2015.
ولأول مرة أجرى البلدان في أكتوبر الماضي تدريبات عسكرية مشتركة، الأمر الذي كانت تجريه الولايات المتحدة ومصر بانتظام حتى عام 2011.
صحيفة “إزفستيا” الروسية، ذكرت في أكتوبر 2016، أن موسكو تجري محادثات لفتح قاعدة جوية في مصر أو استئجارها. لكن صحيفة “الأهرام” المصرية نقلت عن متحدث باسم الرئاسة قوله إن القاهرة لن تسمح بوجود قواعد أجنبية على أراضيها.
وقالت مصادر مصرية إنه لا يوجد اتفاق رسمي على استخدام روسيا للقواعد المصرية. لكن ثمة مشاورات مكثفة بشأن الوضع في ليبيا، بحسب وكالة “رويترز”.
المحلل السياسي المصري سيف عبد الفتاح قال في مداخلة مع التلفزيون العربي الاثنين 24 يوليو 2017، إن موقع القاعدة يؤكد سعي السلطات المصرية لترسيخ فكرة أن العدو أصبح على الحدود الغربية (ليبيا)، وليس الشرقية (إسرائيل)، مضيفاً: “السيسي وحلفاؤه يسعون لدعم خليفة حفتر الذي يقود ما يسمى بالجيش بالوطني، سعياً لتحقيق أهداف الثورات المضادة”.
واعتبر عبد الفتاح أن كل المجموعات المسلحة التي تحمل اسم “الجيش الوطني”، “ليست إلا أداة لقتل الشعوب ووأد أحلامها في التحرر”، بحسب تعبيره.
وفي السياق تساءل مسؤول الملف المصري في شبكة “الجزيرة” الإخبارية، عبد الفتاح فايد، عبر صفحته على فيسبوك: “هل تحول عدونا من الشرق إلى الغرب”؟
الخليج أون لاين