غموض يكتنف اجتماع “الأستانة” المرتقب انعقاده في عاصمة “كازاخستان” في الثالث والعشرين من الشهر الجاري, فالدعوات التي وجهتها روسيا للأطراف المشاركة في هذا الاجتماع هي غير مكتملة وغير واضحة المعالم حتى الآن, فقد تعودنا من المسؤولين الروس قولهم أن حواراً سيجري بين أطراف النزاع السوري في لقاء “الأستانة” وهنا بيت القصيد: “أطراف النزاع”, فهذه العبارة تحمل في طياتها الكثير من المعاني؛ فأطراف النزاع لم تعد مقتصرة على طرفي النظام والمعارضة, فهناك العديد من الأطراف الإقليمية والدولية ذات التأثير الكبير على صعيد سير الأحداث العسكرية والسياسية على الساحة السورية.
موقف مختلف أطياف المعارضة من اجتماع الأستانة:
تباينت مواقف العديد من شخصيات المعارضة السورية, واختلفت آراء التكتلات السياسية التي تجمع عدداً من قوى الثورة والمعارضة السورية في الداخل والخارج, فبينما يتسرب لوسائل الإعلام عن نية موسكو توجيه دعوات لحضور عدد من الشخصيات المعارضة التي تعتبر “مقربة من موسكو”, يفتح العديد من المعارضين السوريين بعض الأسئلة التي تعبر عن قلقهم اتجاه النوايا الروسية, فروسيا وبدون شك تتفرد إلى حد بعيد بالترتيبات اللازمة لانعقاد الاجتماع, الأمر الذي سيعكس بالضرورة نتائج الرؤية الروسية “التي دائما ما تصب في صالح النظام” على مقررات اجتماع “الأستانة”.
ويتهم العديد من السياسيين المعارضين لموسكو سعيها لإبعاد الهيئة العليا للتفاوض عن حضور هذا الاجتماع, من خلال توجيه دعوات منفردة لأفراد محددين من هذه الهيئة, وبذلك يظهر الأمر وكأن روسيا تريد سحب البساط, ورفع الشرعية عن الجسم المعارض الأكبر الممثل للثورة السورية وهو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة, وستساهم هذه الخطوة إن حدثت بإنشاء حالة عزل بين الدعوة الروسية-التركية لمؤتمر “أستانة”, ودعوة المبعوث الدولي إلى سورية “ستيفان ديمستورا” لمؤتمر “جينيف”, لذلك يتهم بعض السياسيين السوريين المعارضين روسيا بنيتها جعل مؤتمر أستانة مؤتمرا مستقلا لا يستند إلى نتائج مقررات جنيف والشرعية الدولية من خلال إبعاد الهيئة العليا للتفاوض عن لقاء “الأستانة”.
بينما يتسرب من الطرف التركي بعض المعلومات التي تفيد بأن مؤتمر الأستانة هو من أجل تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في العاصمة التركية أنقرة الشهر الماضي بضمانة كل من روسيا وتركيا, لذلك سيكون الممثل الأبرز عن المعارضة السورية لهذا الاجتماع, هم قادة الفصائل المسلحة الذين تم الاتفاق معهم على إبرام الهدنة, لأن تثبيت الهدنة يعتبر بمثابة الخطوة الضرورية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية مستقبلاً.
أما بالنسبة لمختلف فصائل المعارضة المسلحة على الأرض, فموقفها يبدو متماشيا مع الرغبة التركية إلى حد ما, وذلك بعد التزامها بالهدنة المعلنة عدا عن قيامها بالرد على بعض الخروق التي قام بها النظام في بعض المناطق, وإن أعلنت بعض الفصائل عن تحفظها على بعض بنود اتفاق وقف إطلاق النار في أنقرة, وإعلانها عن تحفظها الجديد اتجاه النوايا الروسية من خلال الدعوة لمؤتمر “الأستانة”, ولكن بالمحصلة يبدو أنها ملتزمة “بالنصائح” التركية إلى درجة كبيرة.
وفي الداخل السوري يستمر الحراك السلمي وتستمر التظاهرات التي تدعو إلى وحدة الصف, وتدعو الممثلين السوريين عن المعارضة في أستانة, إلى التقيد والتمسك ببند إدراج كل المناطق السورية ضمن خارطة تثبيت وقف إطلاق النار والابتعاد عن الاستثناءات التي حصلت بالفعل من خلال الهجوم الذي قام به النظام بمشاركة حزب الله اللبناني على منطقة وادي بردى, وذلك بعد أن خرجت مظاهرات عارمة في مختلف المناطق السورية أكدت على استمرار الثورة والتمسك بأهدافها.
المركز الصحفي السوري- فادي أبو الجود