رجح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الإعلان قريباً عن إقامة منطقة خفض توتر في إدلب، وتحدث عن «تقدم مهم» في المشاورات حول تحديد خريطة المنطقة وتنسيق آليات العمل والرقابة فيها، في حين أعلنت وزارة الدفاع الروسية تفاصيل اضافية عن عملية فك الحصار عن دير الزور، وأشارت الى «تحرير تحصينات كانت تحت سيطرة إرهابيين من روسيا وجمهوريات سوفياتية سابقة».
وأطلق لافروف أمس أول إشارة تفيد بحصول تقدم على صعيد المشاورات الجارية بين الأطراف الضامنة وقف النار في سورية حول الوضع في إدلب. وكانت موسكو أشارت سابقاً الى تباينات مع الضامنين الآخرين (تركيا وإيران) عرقلت إقامة منطقة خفض التوتر في إدلب وفق اتفاق آستانة الموقع في ايار (مايو) الماضي. لكن لافروف أشار أمس، في مؤتمر صحافي عقده في ختام اعمال منتدى اقتصادي في أقصى الشرق الروسي، الى ما وصفه «تقدم مهم تم تحقيقه»، وأعرب عن أمل في «الإعلان قريباً عن اتفاق نهائي في شأن المنطقة».
وقال الوزير الروسي إن المشاورات مع تركيا وإيران قطعت شوطاً كبيراً، موضحاً أن الحديث يدور عن تنسيق المواقف في شأن خريطة المنطقة، وأساليب ضمان الأمن في ريف إدلب. وزاد: «آمل أن نعلن قريباً تفاصيل أكثر».
واعتبر لافروف فك الحصار الذي كان تنظيم «داعش» يفرضه على مناطق في دير الزور «منعطفاً مهماً للغاية في مسار محاربة الإرهاب في سورية».
مشيراً الى أن «الانجاز يوفر ظرفاً مواتياً لتحقيق هدف ضروري آخر يكمن في تحرير محافظة دير الزور من الإرهابيين بالكامل».
وتواصلت أمس في روسيا تداعيات التقدم الميداني في دير الزور الذي وصفه الكرملين بأنه «انتصار استراتيجي». إذ أفردت وسائل الإعلام الروسية مساحات واسعة من تغطياتها للحدث، واعتبرت انه يعكس التحول الجذري في موازين القوى، وبداية «الانتصار النهائي على الإرهاب، وتوسيع سيطرة القوات الحكومية».
وأصدرت وزارة الدفاع الروسية، بيانات عدة ركزت على تفاصيل العمليات العسكرية التي وقعت في المدينة، والدور الروسي فيها. وأشارت في بيان الى أن عمليات دير الزور كشفت تفاصيل عن تواجد واسع لإرهابيين من روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش». وكانت موسكو أعلنت سابقاً أن نحو 7 آلاف الى 10 آلاف متشدد من روسيا وبلدان سوفياتية سابقة ينشطون في سورية. وأفاد بيان وزارة الدفاع بأن المعلومات التي حصلت عليها روسيا بعد اقتحام تحصينات كان التنظيم أقامها في دير الزور عززت المعلومات الروسية بأن المنطقة كانت تحت سيطرة ناطقين بالروسية.
وأوضح البيان أن القوات السورية استولت على منطقة محصنة كبيرة لمسلحي «داعش» بعد توجيه ضربات دقيقة عليها باستخدام الطيران الروسي، وصواريخ «كاليبر» المجنحة التي أطلقتها الفرقاطة «أدميرال إيسن». وأضاف البيان أن العملية أدت إلى مقتل أكثر من 200 مسلح، وتدمير 12 آلية من العربات المدرعة، بما في ذلك 4 دبابات، و6 مرابض للمدفعية والهاون، إضافة إلى مركز مراقبة واتصالات، وثلاثة مستودعات ذخيرة.
ووفقاً للبيان، كان «داعش» يستعد لحصار طويل، و «تم تجهيز خطوط دفاع متعددة مجهزة بمنظومة لإطلاق النيران، تضمنت مواقع للدبابات والمدفعية ومدافع الهاون، تربط بينها شبكة أنفاق تحت الأرض. كما تم إنشاء مساكن تحت الأرض تصلح للإقامة الطويلة، ومستودعات أسلحة وذخيرة، وتم تجهيز احتياطي كبير من الغذاء والأدوية».
في السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إرسال «مساعدات إنسانية عاجلة من المواد الغذائية والمستلزمات الأولية الى المناطق المحررة من دير الزور».
وقالت إن قافلة المساعدات حملت «محطات لتنقية المياه، ومولدات كهرباء ديزل متحركة ومياه شرب، وكميات من السلع الغذائية والأدوية». مشيرة الى إرسال فرق طبية روسية الى المنطقة.
على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إقامة منطقة لفض الاشتباك بين وحدات «الجيش السوري الحر» والوحدات الكردية في محيط مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي.
وأوضح الفريق أول سيرغي رودسكوي، رئيس غرفة العمليات في الأركان الروسية، أن المركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتنازعة الذي يدير عملياته من قاعدة «حميميم» الروسية قرب اللاذقية، ساعد في ترتيبات تحديد منطقة فك الاشتباك لمنع وقوع استفزازات أو صدامات وتثبيت وقف النار، مشيراً إلى «نشر وحدة من الشرطة العسكرية الروسية في المنطقة وإنشاء حاجزين و4 نقاط للمراقبة، يتواجد فيها العسكريون الروس».
وذكر بأن الوحدات الكردية كانت انسحبت من تل رفعت، وانتشرت مكانها وحدات من القوات السورية الحكومية.
وأكد المسؤول العسكري الروسي أن الجولة المقبلة لمفاوضات آستانة ستعقد في الفترة ما بين 13-15 أيلول (سبتمبر) بمشاركة ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة.
ولفت الى جهود جارية لـ «إقرار وثائق تنظم عمل القوات المعنية بالرقابة على خفض التصعيد في كل مناطق تخفيف التوتر الأربع بما فيها منطقة إدلب التي ما زالت قيد الإنشاء، إضافة إلى تبني نظام خاص بإقامة مركز تنسيق مشترك».
الحياة