في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى معركة الموصل والعمليات العسكرية التي تخاض ضد تنظيم الدولة الإسلامية، كانت طائرات النظام السوري و روسيا تدك مدارس الأطفال في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي بسبعة غارات بالقنابل الفراغية (ذات المظلة) مودية بحياة أكثر من 20 طفلا بعمر الزهور تلقفتهم يد الموت لتغتال براءتهم.
لا تستطيع الكلمات أن تعبر عن هول المجزرة المقززة التي ارتكبت اليوم في بلدة حاس، بل إن العار كل العار ممن لا يزال يشاهد هذه الصور ويتشدق بالدفاع عن الإنسانية وحقوق الطفل سواء من المنظمات الدولية أو من دول العالم “المتحضر”، لقد ماتت الإنسانية في سوريا منذ زمن، اختطفتها الوحشية والبربرية والإرهاب الممارس من قبل الأسد وحلفائه وبتغطية واضحة من المجتمع الدولي،نتساءل هنا ما ذنب هذه الطفل في مدرسة حاس، والذي لم يبق من جسده الضعيف سوى يد متناثرة تمسك بأمله وحلمه الذي تلاشى تحت شظايا القنابل المحرمة من الطيران الغادر.
وفي آخر تقريرللشبكة السورية لحقوق الإنسان ذكر بأن أكثر من 19 ألفا من الأطفال السوريين استشهدوا على يد قوات النظام، كما أحصت تضرر آلاف الأطفال السوريين بحرمانهم من عائلاتهم ومن التعليم، فضلا عن الجنسية أيضا في مخيمات اللجوء.
إن هذه المجزرة بحق الأطفال ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة على الأرجح، طالما أن حسابات الدول تطغى على الدماء حتى ولو كانوا أطفالا لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في زمن الحرب، وهي امتداد لإرهاب الدولة الذي يتجرع السوريون سمه منذ ست سنوات مضت، وذكرت الشبكة السورية العديد من المآسي التي طالت أطفال سوريا جراء الثورة التي تحولت إلى حرب طاحنة، حيث أشار آخر تقرير صادر إلى أن عدد الأطفال الذين قتلت قوات النظام آباءهم بلغ 37 ألف طفل يتيم من ناحية الأب، أما عدد الذين استشهدت أمهاتهم فيقدر بنحو ستة آلاف طفل.
كما وثق التقرير تضرر نحو 4083 منشأة تعليمية، مما أدى إلى حرمان ما لا يقل عن مليوني طفل داخل سوريا من التعليم، فضلا عن تجنيد قوات النظام مئات الأطفال في عمليات قتالية مباشرة وغير مباشرة.
في خضم هذه المعمعة العسكرية المحتدمة في سوريا لن تجد الوكالات الدولية وكذلك المسؤولون في الدول سببا لإدانة هذه المجزرة، بل ما الذي سيجنيه أطفال سوريا من هذه التنديدات سوى زيادة الاستقطاب بين الدول المتنافسة الذي سيدفعون ثمنه دما، قالها أبناء بلدة حاس يوما:” أيها العالم أشلاء أطفالنا عزفت لحن الوداع الأخير للضمير العالمي” وذلك في لافتة مظاهرة خرجت في البلدة في حزيران عام 2012، لتصبح هذه اللافتة بعد أربع سنوات واقعا حقيقيا جسدته أشلاء أطفالهم.
المذابح التي لم تتوقف في سوريا جعلت الإنسان السوري يفقد الأمل بالقريب والبعيد، رددوها قبلاً وما زالوا يرددونها:”يا الله ما إلنا غيرك يا الله”، حيث لن تجد الأمهات الثكالى اليوم سلوى لمصابهن سواها، فقد أيقنّ أن الفرج لن يأتي ممن يدّعون أنهم أصدقاء للشعب السوري، بل رمقنَ بعيونهن إلى السماء بالابتهال علّهن ينشدن فرجاً قريباً.