وقالت رئيسة لجنة التحقيق فرجينيا غامبا عقب اجتماع لمجلس الأمن ناقش التقرير، إن اللجنة توصلت إلى قناعة بأن لديها أدلة كافية لتحديد المسؤولين عن تنفيذ ثلاث هجمات.
ومن بين تسع هجمات أثبتت لجنة دولية سابقة أن أسلحة كيميائية قد استخدمت فيها، توصل فريق غامبا إلى أن النظام السوري مسؤول عن تنفيذ هجومين منها بغاز الكلور، بينما يتحمل تنظيم الدولة المسؤولية عن تنفيذ هجوم واحد بغاز الخردل.
ويترقب مجلس الأمن نتائج إضافية من اللجنة بشأن ثلاث هجمات أخرى، تقول اللجنة إنها باتت قريبة جدا من تحديد هوية مرتكبيها. والهجمات الثلاث -وفقا للسفير البريطاني في الأمم المتحدة ماثيو ريكروفت، ولمنظمة هيومان رايتس ووتش- “يقف وراءها النظام السوري بالنظر إلى أن طبيعتها تشير إلى أنها نفذت من الجو وبطائرات، وهو ما لا تملكه المعارضة السورية أو تنظيم الدولة.
ويرى مدير شؤون الأمم المتحدة في منظمة “هيومن رايتس ووتش” لويس شاربينو، أن تقرير اللجنة “غير مسبوق في تاريخ الأمم المتحدة، ووضع مجلس الأمن أمام استحقاق لا يمكن الفرار من مواجهته، وفي حال فشل في ذلك فإن المجلس الأمن سيفقد أهميته”.
وقال شاربينو للجزيرة إنه بعد سنوات من الدمار في سوريا “تشاركت خلالها الحكومة السورية مع تنظيم الدولة استخدام السلاح الكيميائي، يتعين على مجلس الأمن أن يتحرك لفرض عقوبات، فمرتكبي هذه الهجمات يتحدّون قرارات المجلس والقانون الدولي باستخدامهما أسلحة محرمة دوليا”.
وكان مجلس الأمن قد فشل مرارا في فرض عقوبات على النظام السوري بسبب المعارضة الروسية الصينية، لكن المجلس يؤكد صراحة في قراره رقم 2118 -الذي اعتمد عام 2013 للتخلص من سلاح سوريا الكيميائي- استعداده اتخاذ إجراءات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، وهو الأمر الذي تتمسك بتنفيذه الدول الغربية.
ويقول شاربينو إنه في حال معارضة روسيا مجددا فرض عقوبات، فإنها “سترسل رسالة بأن قرارات مجلس الأمن لا معنى لها، وأن بإمكان الدول -بما فيها الأعضاء في معاهدة حظر السلاح الكيميائي- خرق المعاهدة دون الخشية من عواقب”.
وتؤكد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سمانثا باور “ضرورة التحرك بسرعة لمواجهة الاستخدام المنتظم للسلاح الكيميائي من قبل النظام السوري، وذلك كي يؤكد المجلس أنه حينما شكل لجنة التحقيق المشتركة كان جادا بشأن إقرار المحاسبة للمنتهكين في النهاية”.
أما السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا دولاتر، فيقول “إن الضعف ليس خيارا في حالة كهذه، فالذي على المحك هو نظام منع انتشار أسلحة الدمار الشامل الذي يمثل العمود الفقري للأمن والسلم الدوليين، فالمسألة مسألة وجود ويجب أن تكون عابرة للخلافات والانقسام في المجلس”.
ويؤيد السفيران السوري بشار الجعفري والروسي فيتالي تشيركين ما ذهبت إليه لجنة التحقيق في تقريرها بشأن استخدام تنظيم الدولة للسلاح الكيميائي، إلا أنهما رفضا ما توصلت إليه بشأن مسؤولية النظام السوري عن هجمات مماثلة.
وشكك تشيركين في دقة النتائج التي توصلت إليها اللجنة بشأن الهجمات المنسوبة للنظام، مشيرا إلى الحاجة إلى مزيد من التحقيقات، معتبرا أنه “لا يوجد في التقرير ما يمكن الاستناد إليه لفرض عقوبات، وأن العواصم الغربية تريد تسييس نتائج التقرير ليس إلا”.
ولذلك يرجّح محرر الشؤون الدبلوماسية في مجلة فورن بوليسي كولم لينش، أن تلجأ روسيا إلى إبطاء أي تحرك غربي باتجاه محاولة فرض عقوبات. وقال لينش للجزيرة إن أفكارا عديدة تناقش وراء الكواليس من بينها إمكانية إحالة سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية، وهو خيار بات مستبعدا في المرحلة الراهنة”.
ويرى لينش أنه سيكون من الصعب على الروس “أن يظهروا كطرف يمنع محاسبة أشخاص انتهكوا معاهدة دولية باستخدامهم أسلحة محظورة، لكن روسيا ستحاول توظيف التقرير كدليل على استخدام تنظيم الدولة لسلاح محرم، والتركيز على عناصر معينة في التقرير للدفع من أجل إبعاده عن مجلس الأمن حيث يمكن فرض عقوبات، وإعادته إلى منظمة حظر السلاح الكيميائي التي لا تملك صلاحية كهذه”.
الجزيرة