يرى محللون أن نظام الأسد، الذي استهدف في 21 آب 2013 الغوطة الشرقية بالأسلحة الكيماوية، وقتل قرابة 1500 شخص غالبيتهم من الأطفال، استطاع أن يفلت من العقاب، عبر مسرحية دولية تضمنت إدخاله إلى منظمة الأسلحة الكيماوية وسحب الترسانة الكيماوية منه، تبين لاحقاً أنه جرى سحب جزء منها، وكذلك عبر التحصّن وراء الفيتو الروسي، ومراوغة الروس لصالح الأسد، مع لجان التحقيق الدولية المشكلة من خلال حصر دور تلك اللجان، في “هل جرى استخدام السلاح الكيماوي في سوريا؟”، وليس من الذي استخدمه، على الرغم من أن جميع المنظمات ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أثبتت أن نظام الأسد هو من استخدم الكيماوي في الغوطة عام 2013، ومنها وكالة الـ (سي آي آيه) الأمريكية التي أخذت آنذاك عينات من الغوطة وفحصتها في الولايات المتحدة، وفق هؤلاء المحلّلين.
مسرحية إنهاء ملف الكيماوي السوري
يؤكد العقيد (أحمد الحمادي) المحلل العسكري، أنه “جرى في 21 آب 2013 قصف الغوطة بقذائف صاروخية من مواقع النظام في قاسيون ومواقع الحرس الجمهوري، على مناطق متفرقة من الغوطة وراح ضحيتها 1456 قتيل وآلاف المصابين، حيث صدر القرار 2118 عقب شهرين من المجزرة ونص على تجريم النظام، لكن الرئيس الأمريكي السابق أوباما، والرئيس الفرنسي هولاند آنذاك اتخذا إجراء عسكرياً ضد النظام وقتها؛ إلا أنه في الساعات الأخيرة من تنفيذ الهجوم على النظام توسّطت إسرائيل وروسيا، لسحب أداة الجريمة عبر مسرحية إنهاء ملف الكيماوي السوري مقابل السكوت عن جريمة النظام”.
ولفت (الحمادي) في تصريح لـأورينت نت إلى أن “النظام لم يُعاقب وقتها بل ضُغط عليه لمنع عمل عسكري ضده، عبر إدخاله إلى منظمة الأسلحة الكيماوية وسحب الأسلحة منه، حيث سحبت اللجنة ما يقارب 40 إلى 50 بالمئة من ترسانة الأسلحة الكيماوية التي بحوزة النظام، وليتبيّن لاحقاً أن النظام استخدم الكيماوي مرات عديدة ضد المدنيين بعد عام 2013 وهذا ما وثقته اللجان الدولية”.
التحصّن بالفيتو الروسي
وحول ما إذا كانت روسيا تعمل بالخفاء مع النظام منذ البداية على الرغم من إعلانها التدخل إلى جانبه بشكل رسمي في أواخر أيلول 2015، قال العقيد “روسيا كانت موجودة منذ جنيف 2012 إلى جانب النظام، وهي تعمل مع النظام إلى اليوم على فبركة الأحداث، وهم متحصّنون وراء الفيتو بمجلس الأسد، وكانوا يقولون إن المعارضة هي من استخدمت الكيماوي، وبالتالي هذا دليل على استخدام الكيماوي من قبل النظام”.
وأضاف: “الروس استطاعوا عبر مجلس الأمن منع اللجان الدولية من تحديد من استخدم السلاح وقتها، واقتصرت مهمتها على هل جرى استخدام السلاح الكيماوي في سوريا فقط، ولكن من استخدمه لم تسمح روسيا بتقديم الإجابة عليه”.
نبش القبور
وأشار (الحمادي) إلى “أن نظام الأسد إلى الآن لم يُعاقب ولم يُجرّم بهذه المجزرة، وبالتالي فإن النظام عقب سيطرته على الغوطة الشرقية، عمد إلى إنهاء أي أثر للجريمة، خشية من فحص الجثث مرة أخرى، من قبل لجنة تحقيق جديدة، عبر نبش قبور هؤلاء الضحايا في زملكا لإخفاء معالم الجريمة”.
اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية
بدوره اعتبر اللواء (عدنان سلو) رئيس أركان الحرب الكيماوية سابقاً، في تصريح لأورينت نت، أن “جميع المنظمات ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أثبتت أن نظام الأسد هو من استخدم الكيماوي في الغوطة عام 2013، والتي راح ضحيتها 1450 قتيلا وقرابة ثلاثة آلاف مصاب”، موضحاً أن ” وكالة الـ سي آي آيه الأمريكية أخذت عينات من الغوطة وفحصتها في أمريكا وأثبتت أن النظام هو من ارتكب المجزرة الكيماوية، لكن استخدام روسيا 12 مرة حق النقض الفيتو في مجلس الأمن هو ما حال دون معاقبة النظام”.
ونوه (سلو) إلى أنه “لا توجد وسيلة لعقاب المجرم بشار الأسد سوى التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية المسيّسة، ويجب أن تكون هناك دول كبرى تتبنى إحالة بشار الأسد إلى المحكمة مثل (أمريكيا فرنسا بريطانيا)، وقد شهدنا ما حصل لـسلوبودان ميلوزيفيتش – رئيس صربيا، الذي بقي يحاكم 17 عاماً وأعدم لأنه نفذ مجازر البوسنة والهرسك، وكذلك محاكمة الرئيس التشادي الأسبق حسين حبري، بالسجن المؤبد، لارتكابه جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
ونوه إلى أن “النظام لن يفلت من العقاب ولن تسقط هذه الجرائم بالتقادم، حيث ينص القرار 2118 تحت الفصل السابع على تقديم مرتكب مجزرة الكيماوي حتى ولو تطلب الأمر استخدام القوة”.
تصريحات مبطّنة
من جانبه رأى (باكير آتاجان) محلل سياسي تركي في تصريح لأورينت، أن “ارتكاب نظام الأسد لمجزرة الكيماوي عام 2013 لم تكن لتحصل لولا تنسيق نظام الأسد مع الدول العظمى، والدليل أن الرئيس الأمريكي أوباما وقتها كان له تصريحات بأنه سيعاقب النظام، إذا ما استخدم الكيماوي، لكن كانت تصريحاته كإشارة للنظام أن افعلها ونحن وراءك”، وفق تعبيره.
وشدد (آتاجان) على أن “ما حدث من قصف أمريكي على مواقع نظام الأسد، رداً على مجزرة الكيماوي في خان شيخون في نيسان 2017، هي ليست معاقبة، والدليل عدم تأثير تلك الضربات على قوة النظام وحتى عدد عناصره”. واعتبر “أن صيغة العقوبة على نظام الأسد عقب ارتكابه مجزرة الكيماوي عام 2013، تكون عبر فرض حظر الطيران على طائراته، أو قصف قصر بشار الأسد بشكل مباشر، وبالتالي كانت العقوبات شكلية ولم تكن صارمة، بل كانت مجرد ضوء أخضر جديد لإطلاق يد النظام من جديد وهذا ما رأيناه بعد عام 2013 من قصف عدة مناطق بسوريا”.
المصدر : اورينت