تناولت دراسة قدمها معهد واشنطن تفاصيل التحول في الموقف الأمريكي تجاه الأزمة السورية، وتماهي الولايات المتحدة مع رؤية إيران للحل.
وأشارت الدراسة إلى أن الموقف الرسمي الأمريكي من حل الأزمة السورية، تجلى في “بيان جنيف” لعام 2012، الذي تم التوصل إليه عن طريق التفاوض بين دبلوماسيين أمريكيين وروس وأوروبيين في حزيران/يونيو من ذلك العام.
فقبل الجولة الأخيرة من المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة في شباط/فبراير 2014، والمعروفة باسم “جنيف2″، أصرت واشنطن على منع إيران من المشاركة في العملية، إلى أن تقبل المبادئ المركزية للبيان المتعلقة بالفترة الانتقالية.
وينص القسم الثاني من البيان، بفقرته الثانية، على أن “إحدى الخطوات الرئيسية” من أجل التوصل إلى “أي تسوية” للأزمة، تتجلى في تشكيل “هيئة حكم انتقالي” تتمتع بـ “صلاحيات تنفيذية كاملة”، من شأنها إنشاء “بيئة محايدة لتتم العملية الانتقالية وسطها”.
ويمكن لهذه “الهيئة” “أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة والجماعات الأخرى …وأن يتم تشكيلها على أساس التراضي”.
وأشارت الورقة البحثية التي نشرها المعهد، إلى أن هذه الصيغة لروسيا سمحت باستباحة ضم الأسد إلى “هيئة الحكم الانتقالي” بينما تبقى ملتزمة بالبيان، كما سمحت للولايات المتحدة بمقاومة ذلك.
وأوضحت أن غياب صياغة نصية محددة تعيّن الطرف الذي سيمثل المعارضة، يعني أنه لا يتعين على “الحكومة الحالية” (أي نظام الأسد) سوى التحالف مع جزء من المعارضة، للعمل على التوصل إلى حل تفاوضي.
ووسط هذا الغموض، سعت إيران إلى المزيد من التأكيدات أن الأسد سيبقى رئيسا للبلاد، وذلك عبر اعتماد خطتها التي تقوم على أربع نقاط لإنهاء الصراع.
كما أعادت التأكيد في آب/أغسطس الماضي، تشمل المبادئ الرئيسية للخطة وقفا فوريا لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء تغييرات دستورية لحماية الأقليات، وإجراء انتخابات خاضعة للمراقبة.
وأشار المعهد إلى أنه بعد إبرام الاتفاق النووي الإيراني في حزيران/يونيو الماضي، وبعد أن بدأ التدخل العسكري الروسي بعد ذلك بوقت قصير، وافقت واشنطن على مشاركة طهران في عملية التفاوض من دون إجبارها على قبول “بيان جنيف”.
وبين أن اجتماعا عُقد في 30 تشرين الأول/أكتوبر خلص إلى إصدار بيان مشترك يدعو لاتخاذ تدابير مشابهة جدا لخطة طهران القائمة على أربع نقاط، بما في ذلك وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد كافة، وإنشاء “حوكمة غير طائفية موثوقة وشاملة”، وإقرار “دستور جديد”، وإجراء انتخابات على غرار رواية “جورج أورويل” بما “يرضي الحوكمة”. وفي حين ذكر النص أن النقاط الثلاثة الأخيرة ستتم وفقا لبيان 2012، إلا أنه لم يأتِ على ذكر كلمة “انتقال”.
وقال إنه “عقب الاجتماع التالي الذي تم في 14 تشرين الثاني/نوفمبر، أصدر المتفاوضون – الذين كان قد وصل عددهم آنذاك إلى ثماني عشرة دولة، باتوا يطلقون على أنفسهم اسم “المجموعة الدولية لدعم سوريا” – بيانا يتوازى مع توجه النص الذي استُعمل في عام 2012 حول عملية الانتقال، والصيغة القائمة على النقاط الأربع التي أُقرت في 30 تشرين الأول/أكتوبر”.
وعندما تم اعتماد هذا النص إلى حد كبير على أنه قرار مجلس الأمن رقم 2254 في كانون الأول/ديسمبر، “دعمت” مادته الأولى البيانين الصادرين في 30 تشرين الأول/أكتوبر و14 تشرين الثاني/نوفمبر في “السعي إلى التنفيذ الكامل لبيان جنيف”، على أنه “الأساس لعملية انتقال سياسي بقيادة سورية وملكية سورية”. هذا وحددت المادة الرابعة مدة ستة أشهر كهدف لتحقيق الصيغة القائمة على النقاط الأربع ولإقامة “الحوكمة”.
وأشار إلى أنه مع انطلاق الجولة الأخيرة من المفاوضات، لا يزال هناك التباس كبير حول كيفية تطبيق دعوة بيان 2012 إلى “الانتقال” بـ “التراضي”، وفقا للبيانين الصادرين في تشرين الأول/أكتوبر وتشرين الثاني/نوفمبر، اللذين لا يعالجان سوى “الحوكمة”.
وبحكم تعريفها، تنطوي عملية الانتقال على نقل السلطات من كيان إلى آخر، في حين أن إنشاء “الحوكمة” لا ينطوي على ذلك. وقد أدى هذا إلى انتشار القلق في صفوف المعارضة، وخاصة “الهيئة العليا للمفاوضات”، التي مقرها الرياض، وداعميها الإقليميين الذين يخشون من أن يبقى الأسد جزءا من “الحوكمة” في سوريا خلال الأشهر الثمانية عشر القادمة. فمن شأن هذا الاحتمال إلغاء أي فرصة تقريبا للمرشحين الآخرين لهزيمة الأسد عند عقد الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، كجزء من العملية الانتقالية.
عربي 21