أفاد مسؤولون من كوريا الجنوبية واليابان، بأن كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً باليستياً مرَّ فوق جزيرة هوكايدو اليابانية، قبل أن يسقط في المحيط الهادي، الجمعة 15 سبتمبر/أيلول 2017، في تصعيد جديد للتوتر، بعد قيام بيونغ يانغ بتفجير أقوى قنابلها النووية في الآونة الأخيرة.
وقال الأمين العام لمجلس الوزراء يوشيهيدي سوجا، إن الصاروخ مر فوق اليابان وسقط في المحيط الهادي على بُعد نحو 2000 كيلومتر شرق هوكايدو.
وصدرت إعلانات تحذيرية بشأن الصاروخ في نحو الساعة السابعة صباحاً (22.00 بتوقيت غرينتش يوم الخميس) بأجزاء من شمال اليابان، في حين استقبل مواطنون كثيرون
تنبيهات على هواتفهم الجوالة أو شاهدوا تحذيرات على شاشات التلفزيون تحثهم على الاحتماء في أماكن آمنة.
وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، إن الإطلاق “جعل ملايين اليابانيين يلتمسون الحماية من الهجوم”، غير أن السكان في شمال اليابان بدا عليهم الهدوء ومارسوا نشاطهم المعتاد.
وقال الجيش الكوري الجنوبي إن الصاروخ بلغ ارتفاعاً قارب 770 كيلومتراً وحلَّق نحو 19 دقيقة، قاطعاً مسافة 3700 كيلومتر تقريباً، وهي تكفي للوصول إلى منطقة غوام الأميركية.
وبعد قليل من الإطلاق، ذكر الجيش الأميركي أنه رصد إطلاق صاروخ باليستي متوسط المدى، لكنه لم يشكل تهديداً لأميركا الشمالية أو منطقة غوام الأميركية بالمحيط الهادي والتي سبق أن هددت بيونغ يانغ بإطلاق صاروخ صوبها.
وقال مسؤولون أميركيون إن التزام واشنطن بالدفاع عن حلفائها لا يزال “صلباً”. ودعا وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، إلى “إجراءات جديدة” ضد كوريا الشمالية، قائلاً إن “هذه الاستفزازات المستمرة لن تؤدي إلا إلى زيادة عزلة كوريا الشمالية الدبلوماسية والاقتصادية”.
وذهب رئيس كوريا الجنوبية، مون جيه-إن، إلى ما ذهب إليه تيلرسون، وقال إن “الحوار مع الشمال مستحيل في هذه المرحلة”. وأمر المسؤولين بتحليل عملية الإطلاق والاستعداد
لتهديدات جديدة من كوريا الشمالية.
في غضون ذلك، قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن سيجتمع الساعة الثالثة مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (19.00 بتوقيت غرينتش)، الجمعة، بناء على طلب الولايات المتحدة واليابان، وذلك بعد أيام قليلة من إقرار المجلس، المكون من 15 عضواً، بالإجماع، تشديد العقوبات على كوريا الشمالية على أثر تجربتها النووية الأخيرة في الثالث من سبتمبر/أيلول.
وشملت هذه العقوبات حظراً على صادرات النسيج وواردات النفط الخام. وكان ذلك تاسع قرار بخصوص العقوبات يتبناه المجلس ضد كوريا الشمالية منذ عام 2006.
وقال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي للصحفيين في طوكيو: “المجتمع الدولي بحاجة لأن يتحد ويبعث برسالة واضحة إلى كوريا الشمالية، مفادها أنها تهدد السلام العالمي بأفعالها”. ووصف الإطلاق بأنه “غير مقبول”.
“رماد وظلام”
وأطلقت كوريا الشمالية عشرات الصواريخ في عهد الزعيم الشاب كيم جونغ أون، فيما تسرع العمل في برنامجها الذي يستهدف إعطاءها القدرة على استهداف الولايات المتحدة بصاروخ قوي محمل برأس نووي.
وكانت كوريا الشمالية أطلقت الشهر الماضي، صاروخاً متوسط المدى من منطقة مماثلة قرب بيونغ يانغ ومرَّ أيضاً فوق هوكايدو ليسقط في المحيط، وقالت إنها ستطلق المزيد.
وقال أندرو كاز الذي يدرس اللغة الإنكليزية بمدينة كوشيرو في هوكايدو: “المرة الأولى كانت غير متوقعة، لكني أعتقد أن الناس اعتادت هذا كشيء طبيعي جديد… أكثر شيء عرقلته فيما يبدو كان قهوتي”.
وقالت كوريا الجنوبية إنها أطلقت صاروخاً صوب البحر ليتزامن مع عملية الإطلاق الكورية الشمالية، ودعا القصر الأزرق الرئاسي إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن القومي. كما عقدت اليابان اجتماعاً لمجلسها للأمن القومي.
وجاء الإطلاق بعد يوم من تهديد بيونغ يانغ “بإغراق” اليابان وتحويل الولايات المتحدة إلى “رماد وظلام”؛ لدعمهما قراراً لمجلس الأمن بشأن العقوبات ضدها.
ومن ناحية أخرى، أعلن الجنرال جون هايتن رئيس القيادة الاستراتيجية الأميركية، يوم الخميس، أنه يؤيد فرضية أن كوريا الشمالية أجرت تفجيراً لقنبلة هيدروجينية في الثالث من سبتمبر/أيلول، وذلك استناداً إلى حجم الانفجار.
وقال هايتن لمجموعة صغيرة من المراسلين الصحفيين، كانوا يرافقون وزير الدفاع جيمس ماتيس في رحلة إلى مقر القيادة الاستراتيجية في نبراسكا: “أفترض أنها كانت قنبلة هيدروجينية. يجب علي أن أفترض هذا بصفتي ضابطاً بالجيش”.
وأضاف: “لست عالماً نووياً؛ لذا لا يمكنني أن أبلغكم كيف تم ذلك وبماهية القنبلة… ولكن يمكنني أن أبلغكم أن حجم التفجير الذي رصدناه ورأيناه يدفعني إلى أن أوضح أنها كانت قنبلة هيدروجينية، وعليّ أن أقيّم مع حلفائنا ما هو الرد المناسب على حدث كهذا”.
“خطير ومتهور”
وتتهم كوريا الشمالية الولايات المتحدة، التي لديها 28500 جندي في كوريا الجنوبية، بالتخطيط لغزوها وتدأب على التهديد بتدميرها هي وحلفائها الآسيويين.
وهبط الدولار بشدةٍ مقابل عملات تعدّ ملاذات آمنة مثل الين والفرنك السويسري، في التعاملات المبكرة بآسيا، متأثراً بعملية الإطلاق، غير أن الخسائر سرعان ما تقلصت في تعاملات متقلبة.
وفي واشنطن، قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب جرى إطلاعه على إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي.
وكان ترامب قد تعهد بعدم السماح لبيونغ يانغ بتهديد بلاده أبداً بصاروخ نووي، لكنه طلب أيضاً من الصين بذل المزيد لكبح جماح جارتها. وتؤيد الصين بدورها رداً دولياً على المشكلة.
وقال تيلرسون: “يجب على الصين وروسيا أن توضحا عدم تسامحهما مع عمليات الإطلاق الصاروخي الطائشة هذه، باتخاذ إجراءات مباشرة خاصة بهما”.
والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لا تزالان في حالة حرب من الناحية الفنية مع كوريا الشمالية؛ لأن الصراع الكوري الذي دارت رحاه بين عامي 1950 و1953 انتهى بهدنة وليس باتفاق سلام.
هاف بوست عربي