بعد لجوء النظام السوري إلى الحل الأمني في مواجهة معارضيه، كان لابد لسكان المناطق المحررة من إيجاد طرق لحماية أنفسهم وأبنائهم من خطر الطائرات والقذائف، فلجؤوا إلى استخدام المغارات القديمة التي كان يستخدمها أجدادهم في رعاية الماشية والسكن في الشتاء، بعد أن أصبحت الحصن المنيع الوحيد الذي يقيهم من هذا الخطر الكبير.
“أبو محمد” أحد سكان ريف إدلب يحكي عن استخدامه لهذه المغارات فيقول:” لقد كان جدي يعيش في مغارة قديمة، فهي دافئة في الشتاء وباردة في الصيف، لهذا كان يستخدمها غالبية القدماء، وقد اضطررنا إلى استخدامها بعد القصف الجوي والمدفعي على مناطقنا، لأنها تكون حصينة تحت سطح الأرض وفوقها طبقات من الصخر الصم، وقد قام العديد ممن لا يملكون مغارات قديمة بحفر مغارات في منازلهم لحماية أطفالهم”.
وقد اعتمدوا على معدات بسيطة في حفرها، حيث تبلغ تكلفة الحفر 30 ألف ليرة سورية، تختلف باختلاف حجم المغارة وقساوة الصخر المتواجد فوقها، ويعود السعر المرتفع لعملية الحفر بسبب ارتفاع أسعر المحروقات، وخاصة مادتي البنزين والمازوت الضروريتين لعملية الحفر، حيث اعتمد العاملون عليها في المجال الصحي والمشافي الميدانية، حيث نقلوا المعدات الإسعافية وأجهزة المشفى إلى داخلها، لحمايتها من القصف، بعد تدمير عشرات المشافي كونها الهدف الأول لطائرات النظام والطائرات الروسية.
و قد أفاد لنا الدكتور أبو خالد العامل في أحد مشافي ريف إدلب عن استخدام هذه المغارات في مجال عملهم الإنساني بالقول: ” لقد قمنا بحفر مغارات ضخمة وجعلناها مقراً للعميات الجراحية والإسعافية، بالإضافة إلى إنشاء عيادات الفحص داخلها، لضمان سير العمليات بنجاح وعدم ترك المريض إذا ما حدث قصف على المشفى، ولدفع الناس إلى الإقبال على المشافي بعد الخوف الشديد من الاستهداف”.
كما زادت الحاجة لها بعد عمليات النزوح الكبيرة التي تشهدها غالبية المناطق التي تعاني من المعارك وعمليات القصف العنيفة، حيث اعتمد عليها غالبية النازحين بسبب عدم توفر منازل للإيجار، بسبب الأعداد الكبيرة التي لجأت إلى أرياف محافظة إدلب من ريفي حماة وحلب.
ويروي “أبو أحمد” أحد نازحي ريف حماة عن استخدام هذه المغارات كبديل عن المنازل بالقول:” بعد أن دمر منزلي بسبب الحرب والمعارك هربت أنا وعائلتي إلى ريف إدلب الجنوبي، فصدمنا لعدم توفر منازل للإيجار تؤوي أطفالي من برد الشتاء، وإذا تواجد المنزل يكون بأسعار مرتفعة لا قدرة لي على دفعها، حيث لا يوجد منزل بأقل من 10 آلاف ليرة، فلجأت أنا وأطفالي إلى إحدى المغارات القديمة، فقمنا بتنظيفها وإعدادها للعيش”.
فبعد الهجر الكبير الذي لحق بمساكن أجدادنا عادت الحياة من جديد إليها، بل وأصبح الناس يتفاخرون بها وبالزينة التي ينحتونها في داخل هذه المغارات، فأصبحت المنزل المفضل لجميع سكان الشمال السوري.
المركز الصحفي السوري
أحمد الإدلبي