23.03.2014
صحيفة هوفنغتون بوست
صيف العام الماضي, ارتكب شر كبير. بعد ارتكاب الفظائع, ووجود أدلة دامغة على استخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب الأهلية السورية, تأرجحت بريطانيا على حافة الانعزال أو التحرك – أي إما التدخل أو الوقوف جانبا. إن تسمية الهستيريا التي حصلت “نقاشا” فيه تشويه للمصطلح. وقول إن الإجراءات الغوغائية التافهة التي قام بها قوميون مثل نايغل فاراج (التي وصفت ببلاغة في مجلة بروغرس من قبل جايمس بلودورث) لم تكن أكثر من مجرد مناورات سياسية سوف يكون أمرا ساذجا. أحرزت نفاط رخيصة واستغلال أرخص للمشاعر. وفي هذه الأثناء كان العالم يراقب.
البرلمان, الذي كان عائدا من العطلة للبت في الموضوع, صوت ضد مقترحات الحكومة. النتيجة المباشرة للتحرك قصير المدى وغير الدولي هو تخلي الرئيس أوباما عن محاولاته للحصول على موافقة الكونغرس على التحرك. بعد ذلك, لم يبق هناك من يتولى لبس العباءة الإنسانية. بدا أن الغرب تغاضى تماما عن المعاناة في سوريا. والرعب الرهيب – وهو رعب يتواطئ فيه الآن الغرب أخلاقيا- استمر دون توقف.
البرلمان, الذي كان عائدا من العطلة للبت في الموضوع, صوت ضد مقترحات الحكومة. النتيجة المباشرة للتحرك قصير المدى وغير الدولي هو تخلي الرئيس أوباما عن محاولاته للحصول على موافقة الكونغرس على التحرك. بعد ذلك, لم يبق هناك من يتولى لبس العباءة الإنسانية. بدا أن الغرب تغاضى تماما عن المعاناة في سوريا. والرعب الرهيب – وهو رعب يتواطئ فيه الآن الغرب أخلاقيا- استمر دون توقف.
سوريا الآن منكسرة ومضمخة بالدماء, ولكنها لم تمت بعد. لا زال هناك نبضات حياة وطنية كانت موجودة قبل الحرب الأهلية, ولكنها سرعان ما سوف تنتهي, ضحايا النزاعات الإقليمية وفوقها الديمقراطيات الموجودة وأصوات التحكيم الدولية ربما لا يكون لها أي أثر.
ما هو الوضع الآن؟ التجويع يستخدم كسلاح في الحرب وهناك زيادة كبيرة في عسكرة السكان, وسيناريو الكابوس الكامن أمامنا هو أن يتحول المشاركون إلى مستبدين وإسلاميين فقط.
بالنسبة لأولئك الذين لم يريدوا التدخل, لدي سؤال واحد فقط: هل هذا ما كنتم تعتقدون أنه سوف يحصل عندما فكرتم أو تصرفتلكم بت بالطريقة ؟ ربما فكر المرء باتجاه مختلف تماما عن العديد من المعارضين للعمل العسكري لكي يجيب بنعم. والقول إن الوضع الحالي في سوريا بعيد عن كل البعد عن النتيجة المرجوة سوف يكون بعيدا عن الصواب.
كلمتان: “الخط الأحمر”. في رأيي كانتا أسوأ خطأ ارتكبه الرئيس أوباما في سياسته الخارجية. ولكن الأمر لم يتوقف عند ذلك فقط؛ بل شكلت هذه الكلمات استسلاما جماعيا في العالم للدكتاتورية والاستبداد. عدم قدرتنا على متابعة التهديد بالتدخل – حتى بعد استخدام أكثر الأسلحة إثارة للإشمزاز عرفها الإنسان, والتي تدينها المعاهدات الدولية ورجال الدول وجميع أنواع الاتفاقيات – يظهر الطبيعة الانعزالية للسياسة الخارجية الغربية وخصوصا البريطانية.
للتوضيح, أنا لا أقول إن التدخل سوف يجل جميع المشاكل في سوريا. ولكن من الغباء الكبير مع استمرار رعب الحرب في إغراق هؤلاء الناس في ظلام دامس, الاستمرار في الاعتماد القسري على سياسة عدم التدخل كما هو حال ضيق الأفق الدولي الحالي وعتباره الخيار الصحيح للاستمرار به.
بدلا من ذلك, يبدو لي أن الرد الصحيح من قبل معارضي التدخل على هذه التطورات لا يكون بعدم الاهتمام أو مجرد الاعتراف بذلك. الرد الوحيد على كل ما جرى هو الندم.
قصر نظر مجلس العموم في رفض التدخل كان أمرا مذهلا, ومع استمرار عدد الضحايا بالارتفاع بشكل مضطرد, يبدو أن أعضاء البرلمان مشغولون في أمور أخرى. اللاجئون السوريون الذين يتركون بلادهم بالملايين, يعاملون وكأنهم بضائع مستوردة حيث يتم توزوينهم ووإعطاؤهم قيمة. يبدو أن البرلمان غير قادر على النظر في وجوه الضحايا خجلا منهم.
هذا الأسبوع دعت صحفة التيليغراف بقوة إلى الواجب الأخلاقي “لإبعاد الضرر” وعندما أصبحت القضية أن على بريطانيا أن تقف إلى جانب الدول الأصغر حجما و التي تتعرض لتخويف من الأكبر, كان المعنى الضمني واضحا. بعد كل شيء, كان هناك أثر مباشر للضعف الأخلاقي الذي لزم الناتو صيف 2013 تمثل في الدراما التي تحصل الآن في البحر الأسود وتحيق بأوكرانيا.
التداعيات الجيوسياسية لعدم التدخل واضحة كفاية. يمكن لبوتين أن يشعر كم هو هين لمحبوبه الهروب من الحساب الدولي على الجرائم التي يرتكبها. وهو ما طور أسلوب تفكيره. هل لأن أمريكا وحلفاؤها غير قادرين على معاقبة القتل الجماعي في الشرق الأوسط, حدث بوتين نفسه بضم دولة من دول الجوار؟ وبالتالي القيام باحتلال غير معترف به ومن ثم إجراء استفتاء غير شرعي بذريعة واهية في القرم: بوتين واستراتيجياته لاحظوا عجز الغرب عن العمل, فاستغل الوضع وانفض.
بعيدا عن وجود مواقع سحرية لكاميرات الأخبار, الوضع في سوريا لا زال على حاله. صحيح أن التقارير الواردة من هناك أقل من تلك الواردة عن باقي الأزمات الدولية, ولكن ذلك لا ينتقص من أهميتها الحيوية الناحية السياسية إضلفة إلى المصداقية الأخلاقية. الدول الغربية تنظر بضعف في وجه المعارضة المحلية (واأنا أعني هذه الكلمة بكل ما تحمله من أبعاد سيئة). السياسة الخارجية الأخلاقية وضعت جانبا لصالح الصراع الحزبي في الداخل, وهذا لا ينعكس إيجابيا على أي طرف.
الكارثة المستمرة في ضرب الشرق الأوسط متواصلة, ويجب أن تقلق كل شخص يقرأ هذه الكلمات, ولكن ذلك على أهميته, لا يمكن أن يغطي الحقيقة المحزنة وهو أن الوضع الراهن في سوريا لم يكن ليكون موجودا لو أن الأسد أوقف عند حده في أغسطس.
كان علينا أن نتدخل في سوريا. يبدو أن الأشخاص الوحيدون الذين لا يوافقون بعد رؤية نتائج عدم القيام بذلك هم إما حمقى بقلوب باردة أو أنهم يسعون بشراهة للانتخابات.
ما هو الوضع الآن؟ التجويع يستخدم كسلاح في الحرب وهناك زيادة كبيرة في عسكرة السكان, وسيناريو الكابوس الكامن أمامنا هو أن يتحول المشاركون إلى مستبدين وإسلاميين فقط.
بالنسبة لأولئك الذين لم يريدوا التدخل, لدي سؤال واحد فقط: هل هذا ما كنتم تعتقدون أنه سوف يحصل عندما فكرتم أو تصرفتلكم بت بالطريقة ؟ ربما فكر المرء باتجاه مختلف تماما عن العديد من المعارضين للعمل العسكري لكي يجيب بنعم. والقول إن الوضع الحالي في سوريا بعيد عن كل البعد عن النتيجة المرجوة سوف يكون بعيدا عن الصواب.
كلمتان: “الخط الأحمر”. في رأيي كانتا أسوأ خطأ ارتكبه الرئيس أوباما في سياسته الخارجية. ولكن الأمر لم يتوقف عند ذلك فقط؛ بل شكلت هذه الكلمات استسلاما جماعيا في العالم للدكتاتورية والاستبداد. عدم قدرتنا على متابعة التهديد بالتدخل – حتى بعد استخدام أكثر الأسلحة إثارة للإشمزاز عرفها الإنسان, والتي تدينها المعاهدات الدولية ورجال الدول وجميع أنواع الاتفاقيات – يظهر الطبيعة الانعزالية للسياسة الخارجية الغربية وخصوصا البريطانية.
للتوضيح, أنا لا أقول إن التدخل سوف يجل جميع المشاكل في سوريا. ولكن من الغباء الكبير مع استمرار رعب الحرب في إغراق هؤلاء الناس في ظلام دامس, الاستمرار في الاعتماد القسري على سياسة عدم التدخل كما هو حال ضيق الأفق الدولي الحالي وعتباره الخيار الصحيح للاستمرار به.
بدلا من ذلك, يبدو لي أن الرد الصحيح من قبل معارضي التدخل على هذه التطورات لا يكون بعدم الاهتمام أو مجرد الاعتراف بذلك. الرد الوحيد على كل ما جرى هو الندم.
قصر نظر مجلس العموم في رفض التدخل كان أمرا مذهلا, ومع استمرار عدد الضحايا بالارتفاع بشكل مضطرد, يبدو أن أعضاء البرلمان مشغولون في أمور أخرى. اللاجئون السوريون الذين يتركون بلادهم بالملايين, يعاملون وكأنهم بضائع مستوردة حيث يتم توزوينهم ووإعطاؤهم قيمة. يبدو أن البرلمان غير قادر على النظر في وجوه الضحايا خجلا منهم.
هذا الأسبوع دعت صحفة التيليغراف بقوة إلى الواجب الأخلاقي “لإبعاد الضرر” وعندما أصبحت القضية أن على بريطانيا أن تقف إلى جانب الدول الأصغر حجما و التي تتعرض لتخويف من الأكبر, كان المعنى الضمني واضحا. بعد كل شيء, كان هناك أثر مباشر للضعف الأخلاقي الذي لزم الناتو صيف 2013 تمثل في الدراما التي تحصل الآن في البحر الأسود وتحيق بأوكرانيا.
التداعيات الجيوسياسية لعدم التدخل واضحة كفاية. يمكن لبوتين أن يشعر كم هو هين لمحبوبه الهروب من الحساب الدولي على الجرائم التي يرتكبها. وهو ما طور أسلوب تفكيره. هل لأن أمريكا وحلفاؤها غير قادرين على معاقبة القتل الجماعي في الشرق الأوسط, حدث بوتين نفسه بضم دولة من دول الجوار؟ وبالتالي القيام باحتلال غير معترف به ومن ثم إجراء استفتاء غير شرعي بذريعة واهية في القرم: بوتين واستراتيجياته لاحظوا عجز الغرب عن العمل, فاستغل الوضع وانفض.
بعيدا عن وجود مواقع سحرية لكاميرات الأخبار, الوضع في سوريا لا زال على حاله. صحيح أن التقارير الواردة من هناك أقل من تلك الواردة عن باقي الأزمات الدولية, ولكن ذلك لا ينتقص من أهميتها الحيوية الناحية السياسية إضلفة إلى المصداقية الأخلاقية. الدول الغربية تنظر بضعف في وجه المعارضة المحلية (واأنا أعني هذه الكلمة بكل ما تحمله من أبعاد سيئة). السياسة الخارجية الأخلاقية وضعت جانبا لصالح الصراع الحزبي في الداخل, وهذا لا ينعكس إيجابيا على أي طرف.
الكارثة المستمرة في ضرب الشرق الأوسط متواصلة, ويجب أن تقلق كل شخص يقرأ هذه الكلمات, ولكن ذلك على أهميته, لا يمكن أن يغطي الحقيقة المحزنة وهو أن الوضع الراهن في سوريا لم يكن ليكون موجودا لو أن الأسد أوقف عند حده في أغسطس.
كان علينا أن نتدخل في سوريا. يبدو أن الأشخاص الوحيدون الذين لا يوافقون بعد رؤية نتائج عدم القيام بذلك هم إما حمقى بقلوب باردة أو أنهم يسعون بشراهة للانتخابات.