أعلن رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، مساء اليوم الاثنين، تقديم استقالته للرئيس اللبناني ميشال عون، وذلك بعد كارثة انفجار مستودع نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت والذي هزّ المدينة ومحيطها وراح ضحيته المئات.
وفي خطاب استقالته، قال دياب إن “منظومة الفساد أكبر من الدولة”، ورأى أن “فساد المنظومة السياسية” هو ما أنتج هذه الكارثة، مشيراً إلى أنّ الخطر كبيرؤ من الطبقة التي نتتحكم بمصير هذا البلد وتعتاش على الفتن.
وشنّ حسان دياب هجومًا لاذعًا على هذه “الطبقة النتنة” الذي حمّلها مسؤولية الانهيار المالي والاقتصادي، متهمًا “الطبقة” التي لم يسمّ أحداً منها، بمحاربته والعمل على إفشال حكومته، مضيفًا “يلي استحوا ماتوا” بدون أن يسمّيهم. وقال “تابعنا بشراسة وشرف” لكن “اليوم نرجع خطوة إلى الوراء للوقوف إلى جانب الناس”، معلنًا في نهاية خطابه استقالة الحكومة اللبنانية.
و تأتي استقالة دياب، بعد تقديم عدد من الوزراء استقالتهم من الحكومة وتهديد وزراء آخرين بالاستقالة في حال لم تتجه الحكومة إلى استقالة جماعية، وبعد الضغط الذي مورسَ من مجلس النواب الذي حدّد رئيسه يوم الخميس جلسة لمساءلة الحكومة، وطرح الثقة بها، وهذا ما أكد عليه أكثر من نائب في البرلمان اللبناني بقولهم، “إذا لم تستقل الحكومة، فإننا سنقيلها في مجلس النواب”.
وقبيل إعلان الاستقالة، شهد محيط البرلمان اللبناني في بيروت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية لليوم الثالث على التوالي. وحاول المحتجون اختراق البوابات الحديدية وإزالة البلوكات (الكتل) الإسمنتية التي تمنع الوصول إلى مجلس النواب، الأمر الذي دفع القوى الأمنية إلى إلقاء القنابل المسيلة للدموع بشكل مكثف على المتظاهرين بهدف إبعادهم من المكان ومنعهم من الوصول إلى البرلمان، في حين ردّ المتظاهرون بإلقاء الحجارة والمفرقعات باتجاه العناصر الأمنية.
8 أشهر من الإخفاقات
وشكل حسان دياب حكومته في 21 يناير/كانون الثاني الماضي بعد تكليفه في 19 ديسمبر/كانون الأول 2019، عقب استقالة رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري في 29 أكتوبر/تشرين الأول نتيجة الانتفاضة الشعبية التي ثارت بوجه الطبقة السياسية الحاكمة والقائمة بسياسات مبنية على الهدر والفساد والمحاصصة الطائفية، بيد أنّ حكومة حسان دياب ولدت ميّتة بالأساس، إذ لم تحظَ بثقة غالبية اللبنانيين منذ اليوم الأول على تشكيلها وثبوت أنها ليست إلّا استكمال للمنظومة السياسية نفسها، يحرّكها “حزب الله” اللبناني وفريق الثامن من آذار الذين أقرّوا بوجود وزراء لهم في حكومة يفترض أنها تكنوقراط وتضم مستقلّين فقط.
وعجزت حكومة حسان دياب عن إدارة الأزمة وإيجاد مخارج للأزمة الاقتصادية. وعلى الرغم من أنها تباهت بإنجازات صوتية تفوق نسبة التسعين بالمائة بارتفاع، فإنّ الواقع أظهر تدهورًا في الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وأبرز ملامح هذا التدهور بان من خلال ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء وتجاوزه عتبة العشرة آلاف لبنانية، فيما سعر الصرف الرسمي بقيَ على 1515 ليرة.
و علاوة على ذلك، انعدمت القدرة الشرائية عند اللبنانيين، وارتفعت أسعار السلع بشكل فاحش، وزاد معدل البطالة والفقر والجوع بتقارير دولية تحدثت عن خطورة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان على الشعب، بالإضافة إلى أزمة الكهرباء التي ارتفعت حدّتها أكثر من ذي قبل وتجاوزت ساعات التقنين الـ18 ساعة في مختلف المناطق اللبنانية، وزاد قساوتها لوبي المولدات الذي استغل الأزمة لرفع تسعيرته وحرم اللبنانيين الذين يدفعون فاتورتي كهرباء من التيار.
ومن الإخفاقات التي سُجلت في عهد حكومة حسان دياب، عدم قدرتها على ضبط تهريب المازوت والدولار والقمح عبر المعابر الشرعية التي يسيطر عليها فعليًا “حزب الله”، علاوة على التعيينات الإدارية القائمة على المحاصصة، واستبعاد التعيينات القضائية، وقمع المتظاهرين والناشطين والصحافيين ومحاولة إسكات وسائل الاعلام، وصولاً إلى الاعتداء على الناشطين في أماكن التوقيف، وإرغامهم على توقيع تعهدات خطية بعدم الإساءة إلى الرؤساء والشخصيات السياسية في البلد.
كما تفاقمت أزمة البنزين والخبز والمياه والاتصالات والانترنت، مروراً بأزمة فيروس كورونا وفضيحة المستشفيات والمستلزمات الطبية التي عانت من حرمان مزمن من قبل الحكومات المتعاقبة، فكانت حكومة دياب عاجزة عن تحمّل تداعيات فيروس كورونا بالشكل المطلوب، إلى أن أطاحت بها كارثة انفجار مرفأ بيروت التي حصلت في الرابع من أغسطس/آب وراح ضحيتها أكثر من 150 شخصاً و6000 جريحاً وشردت آلاف العائلات التي دمرت منازلها في بيروت جراء تفجير مرفأ بيروت، والذي ألحق خسائر مادية كبيرة بالمؤسسات والمحال والأسواق التجارية والمطاعم الموجودة على مقربة من المكان.
نقلا عن العربي الجديد