إلى جانب القصف بالأسطوانات المتفجرة والصواريخ وقذائف الهاون، يعيش سكان حي الوعر في حمص معاناةً آخرى جراء عمليات القنص الممنهجة من قبل قناصي قوات نظام بشار الأسد المتمركزين في معظم أرجاء الحي، لاسيما عند مشفى حمص الكبير، أو ما يعرف بـ”مشفى حمص الجديد”.
الناشط “أبو عمر الحمصي” أوضح لـ”السورية نت” أن هذا المشفى ليس لعلاج الناس، بل حولته قوات النظام إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، وأضاف أن العشرات من قوات ميليشيا “الدفاع الوطني” مهمتهم اليومية قنص المدنيين داخل الوعر المحاصر.
ويقع المشفى عند الجهة الشمالية الغربية للحي، وهو مؤلف من عدة أبنية صغيرة الحجم ومبنى رئيسي مكون من 12 طابقاً، ويمتاز المشفى ببنائه القوي المدعم بالإسمنت، ما جعل منه حصن يصعب اختراقه أو الاقتراب منه، خصوصاً وأن المشفى يطل على حوالي 75 بالمئة من مساحة حي الوعر، وتحيطه مساحات فارغة كبيرة، وهو ما يعيق تحرك قوات المعارضة فيما إذا أرادت مهاجمة المشفى لإمكانية تصيدهم من قبل قوات النظام.
ولفت الناشط “الحمصي” إلى أنه خلال الأشهر الماضية سقط عشرات الشهداء من أبناء الحي على يد قناصي المشفى، فضلاً عن جرح أكثر من 100 آخرين، مشيراً إلى أن بعضهم أصبح يعاني من إعاقات دائمة.
وبحسب “الحمصي” لا تقتصر مهمة قوات النظام في المشفى على قنص المدنيين فقط، بل أيضاً يشكلون خط دفاع لمبنى الجنائية المجاور للمشفى وحماية حاجزي الشؤون الفنية وحاجز الفرن الآلي على طريق مصياف، إضافة إلى حماية مركز الشرطة الموجود داخل حي الوعر وكتيبتي المدفعية والصواريخ المتواجدتين غرب الحي.
محاولات للاحتماء
ومع تزايد أعداد الضحايا من المدنيين، حاول بعض شباب حي الوعر التقليل من مخاطر القناصين، ووضعوا المتاريس في معظم الشوارع والمفارق التي يطل عليها القناصون، ويقول “الحمصي” لـ”السورية نت”: “هذه المحاولات جاءت لتخفيف أعداد الإصابات جراء القنص، لكن الشباب الذين يضعون المتاريس، يواجهون صعوبات كبيرة، بسبب عدم توفر مادة الرمل التي تصنع منها المتاريس، لذا لجأوا إلى استبدالها ببقايا المنازل المدمرة في الحي وبقايا السيارات المحروقة”.
ويضيف “الحمصي”: “على الرغم من ذلك، دمرت قوات النظام المتمركزة في المشفى المتاريس مرات عدة، من خلال استخدامها للرشاشات الثقيلة والمدافع، ليعود بعد ذلك مسلسل القنص ويسقط الضحايا من جديد”.
ونوه الناشط إلى أن قوات النظام في مشفى حمص الكبير تتناوب مع القوات المتواجدة في برج “الغاردينيا” أو كما يسميه السكان “برج الموت” في قنص المدنيين، ذلك أن هذا البرج يمتاز بارتفاع كبير إذ يتكون من 32 طابقاً ويطل على معظم أجزاء الوعر، ويشير “الحمصي” إلى أن القنص يتوقف من جهة المشفى ليبدأ من جهة البرج.
وبالإضافة إلى هذا، تحدث “الحمصي” عن وجود قناصين في بساتين الوعر عند الجهة الجنوبية للحي، إلى جانب تمركز القناصين في مشفى البر والكليات الحربية شمال الحي، الذين يستهدفون بشكل منتظم المدنيين.
ويعاني سكان الوعر الذي يقدر عددهم بـ 300 ألف شخص من ظروف معيشية صعبة جراء الحصار المفروض عليهم من قبل قوات النظام، التي ارتكبت أكثر من مجزرة في الحي، إثر قصفه بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة، وباءت أكثر من محاولة للتوصل إلى اتفاق بين سكان الحي والنظام بالفشل، نتيجة تعنت مؤيدي النظام وإصرارهم على دخول الحي عسكرياً.