“البيوت مغلقة والهموم مفرقة “..في كل بيت من بيوت السوريين حكاية …هنا أم ثكلى تبكي فراق ولدها، وهناك زوجة فقدت زوجها شهيدا تحت الركام وأخرى لا تعرف أين ولدها، هل يا ترى في معتقلات النظام ؟ أم خطف من أجل المال ؟ أم خطفته “شبيحة” القرى الموالية للنظام ؟أطفال بلا أب ،بلا أم، مآسي لا تنتهي تطرق أبواب السوريين مادامت الحرب مستمرة.
يوسف تاجر للمواد الغذائية من مدينة ادلب وأب لخمسة أطفال لا يتجاوز عمر أكبرهم عشر سنوات، خرج صباحا إلى عمله منذ أكثر من ثلاث سنوات ولم يعد حتى الآن، تقول زوجته أم محمد: ” بعد يوم من اختفائه، أخبرت إخوته وبدأت مرحلة العذاب في البحث عنه، بحثوا في الطرقات والمشافي وحتى في الأسواق بريف إدلب، قيل بأنه كان يقود السيارة بسرعة على طريق الفوعة ومعه أشخاص يرتدون زي الجيش وكانوا مسلحين، دفعنا مبلغا كبيرا لشخص من بلدة الفوعة ليعطينا معلومات عن مكان وجوده ولكن دون جدوى، وأشخاص أخبرونا أنهم شاهدوا سيارته في بلدة الفوعة وتم احتجازه كرهينة”.
انهمرت الدموع على وجهها وهي تحضن ابنتها الصغيرة وبدأت يدها ترتجف وغاب صوتها وهي تنظر بحرقة إلى أطفالها الصغار، وبعد لحظات من التنهيد والبكاء تابعت الحديث:” وكلنا محامية وهي تعمل “سمسارة” في أفرع النظام الأمنية وتتقاضى 500 ألف سوري، وتعطسنا الخبر اليقين ما إذا كان على قيد الحياة وفي أي فرع يحتجز، لم نترك فرعا من أفرع الأمن إلا وسألنا عنه، ودفعنا مبالغ خيالية للسماسرة لكن دون فائدة”.
وتضيف:” لم أفقد الأمل من عودته، وأطفالي كلما سمعوا الباب يطرق تتعالى أصواتهم البريئة ويقولون “رجع بابا..رجع البابا “،الله كريم ما بعد الضيق إلا الفرج”.
.
وأما أم يوسف فدموعها لاتنقطع تقول:” يوسف المرضي الحنون وين صارت أراضيك ياابني أيمت بترجعلي وضمك لصدري وشم ريحتك بدي حطك بقلبي وسكر عليك وما خلي الهوا الطاير يقرب عليك ياروحي، ياقلبي أنت، شو صار فيك”، تمسك صورته بيدها التي رسمت السنين تجاعيدا عليها ،وتتابع:” ماعم أحسن نام وكأن جمرا في صدري انبليت بالأوجاع والأمراض على فراقك يابني، أولادي عم يدوروا عليه ورح يرجعوه، بندفع المبلغ يلي بدهن ياه بس يرجع”.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الانتظار فارقت أم يوسف الحياة مقهورة بحسرة ولدها التي حلمت برؤيته.
وبحسب اللجنة السورية لحقوق الإنسان فإن عدد المفقودين في سوريا يبلغ نحو” 28″ألف شخصا، وقد بلغ عدد المعتقلين في سجون النظام أكثر من 300ألف معتقلا، وتستمر المعاناة باستمرار أسلوب النظام التعسفي في اعتقالاته للأشخاص الأبرياء وقصفه المتعمد لجميع المناطق التي تخرج عن سيطرته، مخلفة آلاما حفرت آثارها على الأمهات والزوجات السوريات الحالمات بالنصر والعيش بحرية وكرامة كما قالت زوجة يوسف أم محمد “إن شاء الله الفرج قريب”.
المركز الصحفي السوري ـ راميا فياض