بينما يرزح لبنان تحت وطأة الأزمات المالية والاقتصادية التي لم يسبق لها مثيل، يتخوف قطاع الأدوية من أن تصله شظايا هذه الأزمات.
ويصطف آلاف اللبنانيين أمام الصيدليات لشراء الأدوية بالعملة الصعبة المرتفعة أمام الليرة اللبنانية لتخزينها خوفا من انقطاعها، أو استبدالها بأخرى إيرانية.
وما أثار خشيّة البعض هو احتماليّة تهريب الأدوية المستوردة إلى لبنان بالدولار المدعوم عبر المعابر غير الشرعية للدول المجاورة كما يحصل في قطاع المازوت والمواد الغذائيّة، وسط أحاديث عن إدخال “حزب الله” أدوية إيرانية إلى السوق اللبنانيّة.
إعادة تصدير الأدوية المستوردة
يتخوف رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي من “إعادة تصدير الأدوية المستوردة من لبنان”.
وقال عراجي، إن “بعض أدوية القلب فقدت من السوق المحلية، لكن هناك اجتماعات ستعقد للبحث في هذا الأمر مع المعنيين”.
وأضاف: “كما أنه سبق والتقى بنقيب مستوردي ومصنعي الأدوية الذين وعدوا بأن لا ينقطع أي دواء عن السوق”.
وعن سبب غياب بعض الأدوية من السوق المحلية، رجح عراجي: “بأن هناك احتمالات عدة من بينها التخزين لإعادة بيعها في السوق السوداء”.
وأردف أن من بين الاحتمالات كذلك “تهريب الأدوية إلى الخارج لبيعها بسعر صرف الدولار في السوق الموازية”.
لكن عراجي شدد في ذات الوقت، على أن تلك الاحتمالات “بحاجة إلى إثبات”.
وقال: “بالإضافة إلى كل ذلك، فإن الشركات المستوردة للأدوية تحمل مصرف لبنان مسؤولية تأخير فتح الاعتمادات، ونحن كلجنة نتابع كل هذه الاحتمالات للتأّكّد منها”.
وعن إمكانية إغراق السوق اللبنانية بالأدوية الإيرانية قال عراجي، إن “الحدود مفتوحة، ومن الممكن أن يدخل الدواء الإيراني إلى البلاد بشكل غير قانوني من خلال المعابر غير الشرعية، خصوصا وأن البلد غير مضبوط”.
35% من الصيدليات قد تتأثر بالأزمة
كشف نقيب الصيادلة غسان الأمين، أن “200 صيدلية أُقفلت منذ بداية الأزمة الاقتصادية”.
ورجح الأمين، أن “يرتفع عدد الصيدليات المغلقة إلى ألف صيدلية”، مشيرا إلى أنها “تمثل 35 في المئة من الصيدليّات في لبنان”.
واعتبر أن “السياسات المتبعة في السنوات الماضية أدت إلى استنزاف الكثير من رأسمال أصحاب الصيدليات”.
وأوضح الأمين، أن “مصرف لبنان يؤمن 85 في المئة من استيراد الأدوية بالدولار وفق سعر الصرف الرسمي (ألف و550 ليرة)”.
وأضاف: “لكن مع تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار (خاصة في السوق السوداء) بات الدواء في لبنان الأرخص في المنطقة خصوصا، وأنه يُباع بالليرة اللبنانية”.
واعتبر الأمين، أن لبنان “ليس بلدا محميا من عمليات التهريب”، مؤكدا أن “التهريب يحصل إلى العراق”.
ولفت في هذا الصدد إلى “إصدار وزير الصحة اللبناني قرارا يمنع فيه التصدير إلى العراق لكن التهريب لم يتوقف”.
وأعرب الأمين، عن الخشية “من أن تزيد عمليات التهريب بأضعاف مع اعادة فتح المطار”.
وحذر من “عدم ضبط مسألة التهريب، لأن ذلك سيؤدي إلى أزمة في قطاع الأدوية”.
وطالب الأمين “بضبط الحدود البرية والجوية، أو أن يتم رفع سعر الدواء على سعر معين لمنع تهريبه”.
وعن تقييمه للأدوية الإيرانيّة في ظل الأحاديث عن إغراق السوق بها قال الأمين “هذا الكلام سياسي، ولا يوجد دواء إيراني إلى حد اليوم”.
أدوية ايرانية لاعتبارات واضحة
في المقابل أكد وزير الصحة اللبناني حمد حسن مطلع يونيو/ حزيران، وجود أدوية إيرانية، مشيرا إلى أنها “عالية الجودة على المستوى العالمي”.
ودعا حسن في حينه، إلى “إبعاد ما وصفها “الكيدية السياسية” عن الواقع الاستشفائي.
لكن أمين سر تكتل “الجمهورية القوية” الدكتور فادي كرم قال إن “وزير الصحة وعدنا بمتابعة الملف عندما كشفنا محاولات تسريب الأدوية الإيرانيّة إلى لبنان بطريقة ملتوية”.
وأضاف كرم: “التمسنا أن هناك محاولة لإدخال الدواء الإيراني بطرق غير قانونية، وبأدوية غير مستوفية للشروط”.
وأردف: “كما بدا جليا أن لهذه الأدوية أعراض جانبية خطيرة”.
وشكك كرم “بوجود مختبرات في إيران قادرة على أن تكون مرجعا لإدخال الأدوية إلى لبنان”، لافتا إلى أن الأدوية التي تصل بلاده “ليست أدوية أصلية وتسمى بيو- سيميلر، أي مشابهة”.
وأشار إلى أنه “قبل استقدام هذه الأدوية تابعنا هذا الملف، وراقبنا احتمال إدخاله بشكل غير مباشر، وهذا ما تبين لنا عندما أصبحت هذه لأدوية مدرجة على الصفحة الرسمية لوزارة الصحة”.
واعتبر كرم، أن “ادخال هذه الأدوية إلى السوق اللبنانية له اعتبارات واضحة”، مشيرا إلى “دور المسؤولين الإيرانيين في ذلك”.
ورأى كرم، أن “إيران قد تكون تعمل على استخدام اقتصاد لبنان لمصلحتها، لأن هناك أرباحا تجنى من عمليات تهريب الأدوية تصل 150 مليون دولار سنويا”.
لا خوف على الأدوية المصنّعة
ورغم أزمة الأدوية في لبنان، إلا أن رئيسة نقابة مصانع الأدوية كارول أبي كرم طمأنت اللبنانيين بأنه “لا خوف على الأدوية المصنعة في البلاد”.
وقالت: “هناك تفاوت بالنسبة لدعم الأدوية”.
وأوضحت أن “مصرف لبنان يدعمنا بـِ85 في المئة من كلفة المواد الأوليّة فقط، لكنه يدعم 85 في المئة من كامل كلفة الأدوية المستوردة، وهنا لا يوجد أي توازن في الدعم”.
وأردفت أن “هناك 50 في المئة من التكلفة ندفعها بسعر صرف السوق السوداء”.
نقلا عن القدس العربي