يضع الطيران الروسي المشافي الميدانية في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري؛ على قائمة أهدافه الاستراتيجية، ليفرغ مناطق الشمال السوري من النقاط الطبية، ويزيد حصار الأهالي، وهو بذلك يتابع نهج طائرات نظام الأسد التي دأبت على قصف المشافي والنقاط الطبية منذ بداية الثورة.
وقد بلغت الهجمات على المشافي الميدانية في ريف حماة أكبر عدد لها خلال الفترة التي تلت التدخل الروسي في سوريا، حيث تم استهداف أغلب مشافي الريف الحموي في كفرزيتا وكفرنبودة، ومشافي ريف حماة الشرقي.
ويروي الطبيب فؤاد نور الدين قصة استهداف إحدى النقاط الطبية الصغيرة قرب بلدة كفرنبودة في ريف حماة، حيث قصفها قبل الطيران الروسي، فيما قتل كامل طاقمها مع أربعة مرضى كانوا يتلقون العلاج؛ تحت الأنقاض.
ويعلق الطبيب بقوله: “فقدت ثلاثة من أعز أصدقائي الذين أعرفهم منذ أيام الدراسة، وخرجنا في الثورة سوية، فقد تحولت المشفى إلى كتلة من الأنقاض خلال دقائق، وكان واضحا أن الطيران يستهدفها بالتحديد، فلم يبق منها شيء، حتى أننا لم نستطع أن ننتشل الجثث من تحت الأنقاض رغم محاولاتنا الكثيرة”.
ويضيف الطبيب فؤاد في حديث لـ”عربي21“: “لقد باتت سياسة النظام ومن يسانده واضحة بالنسبة لنا، فهم يعملون على تفريغ مناطق المعارضة من مقومات الحياة والاستمرار؛ لأنهم لم يستطيعوا هزيمة المعارضة عسكريا فيحاولون هزيمتها من خلال تدمير حاضنتها الشعبية”، بحسب قوله.
كما يتحدث أبو واصل، وهو أحد الأطباء العاملين في مركز الدفاع المدني بكفرزيتا في ريف حماة، عن استراتيجيةٍ يتبعها الطيران الروسي خلال استهدافه للنقاط الطبية، حيث يتم استهداف المشفى أولا وبعد تجمع الأهالي وطواقم الدفاع المدني لإنقاذ الناجين وإزالة الأنقاض يتم قصف المنطقة مجددا، ليتم تحقيق أكبر عدد من الإصابات، وإيقاع عدد كبير من الضحايا.
ويقول أبو واصل، الذي شهد عدة استهدافات لمشافي ريف حماة، وشارك في إنقاذ العديد من المصابين في تلك الحوادث، إن ذلك حصل أكثر من مرة في ريف حماة وإدلب، عندما تم قصف مشفى قرب معرة النعمان في ريف إدلب، وكذلك عندما قصف مشفى سرمين الميداني.
وكانت منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية؛ قد أعلنت سابقا عن تعرض مشفى معرة النعمان الذي تدعمه؛ لتدمير شامل جراء غارات جوية روسية أدت إلى مقتل 25 شخصا، منهم تسعة عاملين طبيين، في 15 شباط/ فبراير 2016.
ووفقا لإحصاءات المنظمة فقد تم قصف 63 مستشفى وعيادة طبية مدعومة من قبلها، بالطيران أو المدفعية، خلال 94 حادثا متفرقا خلال عام 2015، حيث أدى ذلك إلى تدمير 12 مرفقا طبيا ومقتل 23 موظفا من الكوادر الطبية.
وحسب إحصاءات محلية قامت بها تنسيقيات ثورية، فإنه خلال عامي 2014 و2015 تم استهداف أكثر من 1380 نقطة طبية بين مشاف رئيسية وميدانية ونقاط طبية وسيارات إسعاف.
ويقول ناشطون إن الغاية من هذا الاستهداف هو ترهيب المدنيين، وتجريدهم من أهم أولويات العيش في ظل الحرب، بالإضافة إلى الضغط الكبير الذي يشكله ذلك على المعارضة وعلى منطقة الشمال السوري، فيزيد من نقص الشروط الضرورية للحياة فيها، ما يدفع الناس للنزوح أكثر فأكثر.
عربي21