تقدم الثوار في ريف حماة الشمالي يشكل هاجسا يقلق النظام وحلفاءه، فهو يؤكد للعالم أن الثورة السورية تمشي بخطوات واسعة باتجاه تحديد مصير الأسد وأعوانه على الأرض السورية، ليس هذا فقط، بل إن الثوار ككتلة متلاحمة من العديد من الفصائل الثورية تشكل قوة عسكرية قادرة على تحقيق النصر على الأسد و قواته، فمجريات الأحداث الحالية التي تشهدها الساحة السورية على الصعيد العسكري، التي تعلن فشل النظام بالحفاظ على المناطق الواقعة تحت سيطرته، خير دليل على ضعف الأسد (فرحتنا ما بتتقدّر بالنصر والتحرير اللي عم يحققوه الشباب بريف حماة الشمالي، أخيرا ذقنا طعم التحرر من حكم الأسد، واتجدد جواتنا إحساس إنه أيام الأسد مارح تطول بإذن الله) كانت هذه كلمات أبي حسام أحد سكان حلفايا الذي أظهر فرحة النصر رغم الأسى الذي عاشوه نتيجة قصف النظام لتلك المنطقة.
جن جنون الأسد بخسارته الفادحة أمام الثوار، فراح يستهدف المدنيين في الأراضي المحررة مستخدما الفوسفور والنابلم المحرمين دوليا غير آبه لما يقرره المجتمع الدولي من قرارات، فهو واثق أن المجتمع الدولي يتعامل (دان من طين ودان من عجين) على حد قول المثل، يصف زياد من مدينة جسر الشغور إثر قصفها بالفوسفور(النار اشتعلت بالأبنية السكنية، بس من لطف الله أنو هاي الأبنية أهلها ما موجودين، وفرق الدفاع المدني كانوا مستعدين لأنه اتعودنا؛ بعد كل انتصار للثوار ما غنى عن حفلة القصف هاي)
وتابع مستهزئا من موقف المجتمع الدولي: (قضينا ليلة بضوء الفوسفور، من زمان ما شفنا المدينة مضواية بالليل، كان لازم نعزم المحبين من المجتمع الدولي يقضوا معنا ساعات الاحتفال) جسر الشغور ما هي إلا منطقة من ضمن العديد من المناطق ومدن سورية التي يقصفها النظام دون رحمة، فالنظام يصب جام غضبه على المدنيين بعد كل انتصار للثوار.
التقدم الكبير الذي حققه الثوار بتحرير طيبة الإمام وصوران وغيرها من بلدات ومناطق الريف الشمالي لحماة، يأجج من نيران الغضب لدى النظام ما يدفعه لإفراغ غضبه بقصفه إدلب وريفها مجددا الليلة السابقة بالقذائف العنقودية والفراغية استهدفت كلية الآداب والمشفى الوطني بالإضافة للفرن الآلي بحسب ناشطين، ما يقطع الشك أن النظام يستهدف البنى التحتية بالإضافة لاستهداف المدنيين، علما أن الغارات الروسية منذ أيام استهدفت عددا من المشافي في مدينة إدلب ما أدى لخروجها عن العمل.
خالد من الناس الذين كانوا متواجدين لحظة استهداف طائرات النظام المشفى الجراحي التخصصي في إدلب، وكان برفقة ابنه الذي تعرض لإصابة بليغة بإحدى غارات الطيران الروسي للمدينة يقول: (بلحظة زلزلت الأرض فينا وحسينا كأن المبنى رح ينهد فوق روسنا والدخان عبى الدنيا، صار ليلنا نهار والخوف أكل قلوبنا وبلحظة الكل اتجه للممرات للاختباء، وبعدها عرفنا أنه في ممرضين اتصاوبوا، يعني عم يقتلوا فينا ولو احساس ضعيف بالأمان، وبدن يحرمونا أقل شي عم نحصل عليه من الخدمات الطبية).
مخطط استعماري ممنهج يتبعه الأسد وأعوانه للضغط على الشعب السوري بالتخلي عن إرادة الصمود واجبارنا على التخلي عن الأرض، ويحكي وليد مأساة الأطفال الذين تعرضوا لحروق نتيجة غارات الفوسفور والنابالم (ما عرفنا وين لازم نسعف الأطفال اللي تعرضوا لحروق نتيجة القصف، خصوصا بعدما استهدفوا المشافي بالمدينة وخرجوا عن العمل، ما كان عنا حل الا بمعالجتن بالبيت بالطحين متل ما اسمعنا عن كتير من حالات الأطفال في المناطق المحاصرة) تعلم الأهالي كيف يتعاملون مع الحالات الصعبة التي يمكن أن تواجههم نتيجة الغارات الغادرة.
غفل الأسد عن أن إرادة الشعب لنيل الحرية من الصعب قهرها، وأن الانتصارات التي يحققها الثوار على الصعيد العسكري ماهي إلا دفع للشعب السوري على تحمل المزيد من الضغط والممارسات التي يستخدمها النظام للوصول لأهدافه، فمع بلوغ الثوار هذا التقدم الساحق في ريف حماة الشمالي يتجدد الأمل لدى أهل سورية بأن الحصول على الحرية ليس هدفا مستحيلا، وإن كان يصعب الحصول عليه.
الثوار على بعد كليو مترات من حماة والآفاق تفتح أمام آمال جديدة، وتساؤلات عديدة تدور، ما موقف الأسد بالنسبة للموالين داخلها في حال سقوط حماة إن تحقق؟ وما موقف روسيا وإيران من الأسد في حال تحقق انتصار الثوار على الأسد؟ تساؤلات عديدة ستكشف عن إجاباتها الأيام القادمة.
هدى محمد- المركز الصحفي السوري