بحسب دراسة أجرتها الأمم المتحدة فإن نحو 1.9 مليون شخص أصيبوا في الحرب القائمة في سوريا، وبلغ عدد السوريين الذين فقدوا طرفا أو عضوا من أعضائهم جراء الحرب منذ عدة سنوات في بلادهم نحو مليون ونصف المليون شخص، وفي تقرير صدر عام 2014 عن قوى الائتلاف الوطني السوري ورد فيه ” الحرب التي يشنها النظام في البلاد خلفت نحو مئتين وسبعين ألف إعاقة دائمة “، حيث بلغت نسبة المعوقين بسبب الحرب نحو 10 % من عدد السكان وفق منظمة الصحة العالمية.
ياسمين تبلغ من العمر سبعة عشر ربيعا تعيش في ريف حمص – الرستن مع زوجها وطفلتها شام، ومنذ سنة ونصف سمعت صوت قذيفة متجهة نحوها فجعلت طفلتها شام خلفها علها تحميها بجسدها وسقطت القذيفة عليها، ماهي إلا دقائق حتى انقشع الغبار وبانت الملامح الخفية خلفه، تنظر ياسمين حولها لترى الدماء تحيط بها، وطفلتها شام بالقرب منها وتغيب بعدها عن الوعي.
اجتمع الناس من حولها واقفين لاحول لهم ولاقوة من هول المشهد وكمية الدماء النازفة وتلك الطفلة المذهولة مما ترى، وضعت ياسمين في السيارة لإسعافها خارج الرستن المحاصرة من قبل قوات النظام السوري وتم إخراجها عن طريق التهريب لتنقل للحدود السورية التركية ومنها إلى تركيا بسبب سوء الوضع وكارثيته.
فقدت ياسمين وعيها لثلاثة أيام بسبب خسارتها لكمية كبيرة من الدماء، وطفلتها شام تجلس بجوارها تتابع ذبول والدتها أمام عينيها، وتكرر باستمرار ” ماما واوا “.
استيقظت ياسمين لتجد ظلاما كاملا في عينها اليمنى ويدا مبتورة؛ وكسورا عديدة تكاد لاتحصيها في جسدها.
كانت حاملا بشهرها الثامن لكن شدة إصابتها أودت بحياة الجنين ليقتل قبل أن يرى النور، ومع مرور الأيام خسرت أيضا زواجها فزوجها فرط بها وتزوج عليها فور إصابتها، وأخد شام منها لتبقى حبيسة سرير المشفى وحدها دونما أحد.
تنقلت كثيرا بين أسرة المشفى والعمليات بين ترميم وتصحيح بتر وتجميل وعدة عمليات أخرى اجريت لها للتخفيف من حالتها.
تقول ياسمين ” الحمد لله بنتي ماصابها شي، الله حماها
هلأ هي عند خالتها مرت أبوها طبعا مابخلوني أحكي معها ولا شوفها ..، والي أسعفني قال مستحيل تعيش هالبنت فقدت كل دمها وكتير تأخرنا على علاجها وتوصيلها للمشفى .. بس لساتني عايشة ..”.
اليوم ياسمين تقف بروح يملؤها الأمل أمام مثيلاتها من المصابات تحيي فيهم الأمل والعزيمة وتحاول جهدها لتتلقى العلاج المناسب علها تتخطى عجزها وتتأقلم معه.
ورغم إصابتها وعجزها الذي يشمل جهتها اليمنى بشكل شبه كامل إلا أنها تنتظم ضمن فريق تطوعي يقوم بزيارات للمصابين لرفع اليأس عنهم والوقوف بجانبهم، كما تلقت دورات للخط العربي وأتقنت مهارات استخدام اليد السليمة اليسرى، لتثبت للجميع أننا من نقف عند إصاباتنا عاجزين عالة على أنفسنا، والمجتمع، وبيدنا التغيير إذا ماسعينا له.
المركز الصحفي السوري_يارا تامر