مريم غنام (٥٠ عاماً) من معضمية الشام، قامت قوات الأمن التابعة للنظام السوري بقتل أولادها بينما كانت تعد الطعام لهم كي لا يقوموا باعتقالهم، بعد سلسلة مداهمات في المدينة سيق فيها العديد من الشباب الى اعتقال ما يقارب (٥٠٠) شابا و قتل (٧٠) آخرين بطرق وحشية لا تمت إلى الإنسانية بصلة.
فجرالجمعة المصادف 17/ نيسان استيقظ أهالي المدينة على أصوات جنازير الدبابات والرصاص، فلا حركة و لا صوت يعلو فوق أصوات تكسير الأبواب من قبل الجنود لتعتقل الرجال، وتنتهك حرمات بيوت الشرفاء.
السيدة مريم تحدثت قائلةً ” كنا في حالة رعب هستيري عندما سمعنا نبأ الاقتحام، هرب ابني محمد لأنه كان المطلوب الوحيد من بين إخوته و بقيت مع إخوته الأربعة وإذ بطرق عنيف كاد يكسر الباب ( افتحو الباب يا كلاب) هرعت فاتحة، أهلا وسهلا انتم حماة الوطن تفضل يا بني، وبصوت لا أنسى جلجلته في أذني صرخ قائلاً اين محمد؟ فتشو عنه، ووضعوا أولادي الأربعة في غرفة واحدة طالبين مني تحضير الطعام لهم، حضرت ما لذ وطاب لعلهم يتركون أولادي دون أن يمسوهم بسوء”.
وتكمل حديثها:” فتشوا.. أكلوا.. ورحلوا بعيداً أسرعت إلى الغرفة حينها تمنيت لعيني ألا تصبر بعدها.. جثث هامدة دون حراك متكدسة فوق بعضها البعض وكأنها نعاج ذبحت بالساكيين”.
نسرين (٢٦ عاماً) كشفت لنا أيضاً عن معاناة من بطش الاعتقال وهي تقول “سمعنا طرقا عنيفاً وأصوات رصاص باتجاه باب المنزل، جعلتنا غير قادرين على الوقوف، لا أحد لديه القدرة على فتح الباب أو حتى الرد على صراخهم، خلعوا الباب ودخلوا وأنا وامي وإخوتي متلاصقين خوفا منهم، نادى أكثرهم همجية لا تخافوا جئنا للقضاء على الإرهابيين، سيق والدي وأشبعوه ضربا و نحن ننظر إليه بعيون حزينة والدماء تملأ وجهه بعد أن رموه أرضاً وألحقوا قميصه الممزق فوقه، تم تكبيله.. وصرخ أحدهم (لا تحطو بالسيارة هاد أهابي دمو نجس بيوسخ الكرسي) فرموه بأرض السيارة بقرق”.
تتابع نسرين حديثها مضيفة “قالوا لنا :” بدكن حرية يا كلاب، ثم أدخلوني أمامهم لتفتيش المنزل لأنهم أجبن من أن يدخلوا لوحدهم، وكان نصيبي ضربة روسية على كتفي لكوني غير سريعة من فرط الخوف و التوتر في فتح الباب، و سرقوا كل ما يحلو لهم أمام أعيننا، و مازلت أعالج كتفي إلى الآن”
“ماهر أحمد” (٢٢ عاماً) يسرد لنا قائلاً “عندما سمعت بالاقتحام لم أعرف أين أهرب للاختباء خوفا منهم ( يا أخي هدول ناس ما بيعرفو الله) أسرعت مهرولاً مثل باقي الشباب كل منا يدور على مخبأ ولم أجد سوى حفرة الصرف الصحي علها لاتخطر ببالهم، قبعت فيها نحو (١٦ ساعة) لحين مغادرتهم المدينة تحملت روائح لا تحتمل و كانت تأتيني أصواتهم من الخارج يسبون و يشتمون الشباب والنساء وأنا ارتجف منهم رعبا تفوق قدرتي على تحمل الروائح الكريهة”.
استمرت المداهمات حتى المغرب من يوم الجمعة و كانت الحصيلة 500معتقلا و70شهيدا غير السرقات و التعفيش الممنهج
عندما رحلوا تركوا خلفهم في كل زاوية من زوايا المدينة قصة مأساوية و معاناة لا تنتهي، فأي مستقبل ينتظرنا في بلاد تحكمها مثل هذه العصابات المجردة من كل ما يمت إلى الإنسانية بصلة؟!
المركز الصحفي السوري – حنين معتوق