أقر مجلس النواب في الولايات المتّحدة الأمريكي الموافقة على قانون سيزر لحماية المدنيين السوريين، بعد أن تم إرفاق مسودّة عنه إلى جانب قانون موازنة الدفاع الأمريكية لعام 2020، على ان ينتقل إلى مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، ثم إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكي يصبح نافذاً، حيث صوّت الكونغرس بموافقة 377 صوتاً، مقابل 48 ضد القانون.
ويكنى القانون، باسم المصور العسكري المنشق عن النظام السوري، والذي عرف باسم «سيزر» بعدما سرب آلاف الصور لمعتقلين سوريين قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد لعام 2013. ويقول خبراء لـ»القدس العربي» ان ما يريده المشروعون في الولايات المتّحدة من إقرار قانون سيزر، هو انزال عقوبات قانونية واقتصادية صارمة وغير مسبوقة تستهدف كل أجهزة السلطة والدولة والشخصيات المرتبطة بالنظام السوري، إضافة إلى تعزيز كل الإجراءات التي من شأنها تقويض نفوذ إيران في المنطقة ومكافحة أنشطتها العسكرية والأمنية والاقتصادية الآخذة بالتوسّع في سوريا، وكذلك الحدّ من قدرة روسيا على المناورة ودفعها نحو تقديم تنازلات لتحقيق التسوية السياسية في إطار جهود الأمم المتحدة.
ويقول المعارض السوري د .ايمن عبد النور، والمطلع على القانون والأنشطة الخاضعة للعقوبات وفقه، والمسؤولين الذين سيعاقبون، ان هذا القانون هو بمثابة تحذير كبير جداً لدول عديدة بما فيها الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية او لديها علاقات جيدة مع الرئيس الامريكي او لأفراد من عائلته وتظن انها لن تحاسب وايضاً لكل الشركات والمؤسسات التي كانت تأمل في القيام بأعمال تجارية مع نظام الأسد، مؤكداً انه بعد صدور قانون سيزر سيصبح كل شخص يتعامل مع نظام الأسد أو مع أي من شركائه الرسميين أو حتى غير الرسميين، عرضة لخطر العقوبات الأمريكية الشديدة.
وأورد عبد النور أمثلة على ذلك كشركات النفط والغاز وشركات التأمين والمقاولات والبناء وفي جميع المجالات والممولين وشركات الاستثمار ومقدمي الخدمات ورجال الأعمال، جميعهم سيمتنعون عن الدخول إلى السوق السورية لأنها ستخضع لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية.
إضافة إلى الميليشيات المسلحة العراقية والافغانية وشركات المرتزقة الروسية، والشركات اللبنانية والخليجية التي أسسها واجهات النظام للاستثمار في سوريا او إنشاء مصافي نفط او مدن سكنية او مشاريع تجارية مع الحكومة السورية جميعها ستخضع للعقوبات.
وقال إن الأنشطة التي تخضع للعقوبات، تخص أي شخص أجنبي يشارك في نشاط موصوف في هذه الفقرة «أ» «كل من يوفر عن علم، دعمًا ماليًا أو ماديًا أو تقنيًا كبيرًاً، أو يشارك عن قصد في صفقة كبيرة مع إحدى الجهات التالية، أولاً حكومة سورية (بما في ذلك أي كيان تملكه أو تسيطر عليه حكومة سورية) أو شخصية سياسية بارزة في الحكومة السورية).
بعد تمريره من «النواب» وبانتظار إقراره من «مجلس الشيوخ»
وأي شخص أجنبي مثل متعاقد عسكري أو شركة للمرتزقة أو قوة شبه عسكرية تعمل عن عمد بنشاط عسكري داخل سوريا لصالح أو نيابة عن حكومة سورية أو حكومة الاتحاد الروسي أو حكومة إيران، أو أي شخص أجنبي يخضع لعقوبات وفقًا لقانون القوى الاقتصادية الدولية الطارئة (وما بعدها) فيما يتعلق بسوريا أو أي حكم آخر من أحكام القانون يفرض عقوبات على سوريا، على من يبيع أو يقدم سلعًا أو خدمات أو تكنولوجيا أو معلومات أو دعمًا كبيرًا يسهل بشكل كبير صيانة أو توسيع الإنتاج المحلي لحكومة سورية من الغاز الطبيعي أو البترول أو المنتجات البترولية.
وكل من يبيع أو يوفر عن عمد الطائرات أو قطع غيار الطائرات التي تستخدم للأغراض العسكرية في سوريا لصالح الحكومة السورية أو نيابة عنها لأي شخص أجنبي يعمل في منطقة تسيطر عليها بشكل مباشر أو غير مباشر حكومة سورية أو القوات الأجنبية المرتبطة مع الحكومة السورية.
وكل من يوفر عن عمد البضائع أو الخدمات الهامة المرتبطة بتشغيل الطائرات التي يتم استخدامها لأغراض عسكرية في سوريا لصالح أو نيابة عن حكومة سورية لأي شخص أجنبي يعمل في منطقة موصوفة في الفقرة الفرعية (ج) ؛ أو يوفر خدمات بناء وإعمار أو هندسة كبيرة لحكومة سورية عن قصد ، بشكل مباشر أو غير مباشر.
اضافة لما سبق سيتم وضع اصحاب المناصب التالية المسؤولين عن الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان أو المتواطئين معهم وكذلك من يراه الرئيس الامريكي من افراد عائلاتهم في قائمة العقوبات وهم: رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء، وأعضاء مجلس الوزراء، ورؤساء الفرق والقوات المسلحة السورية ، بما في ذلك القوات البرية والقوات الجوية والبحرية وأجهزة المخابرات، والقيادات في وزارة الداخلية السورية، بما في ذلك مديرية الأمن السياسي ومديرية المخابرات العامة وقوة الشرطة الوطنية، وقادة ونواب قادة الفرقة الرابعة، وقائد الحرس الجمهوري، ومستشار الشؤون الاستراتيجية للرئيس، ومدير ونائب مدير مركز الدراسات والبحوث العلمية، ومدراء السجون الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، والمحافظون ورؤساء الافرع الأمنية جميعاً في المحافظات السورية الـ 14 الذين تم تعيينهم من قبل الرئيس.
الباحث السوري عبيدة فارس رئيس وحدة الدراسات في مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، يقول لـ»القدس العربي»، إنه بموجب قانون سيزر ستطال النظام السوري عقوبات قانونية واقتصادية صارمة وغير مسبوقة تستهدف كل أجهزة السلطة والدولة والشخصيات المرتبطة به بما في ذلك الشركات، الأشخاص، الحكومات، والجهات التي تتعامل معه سواءً من بيع التقنيات العسكرية والخدمية أو في إطار تتبادل المعلومات، أو إبرام العقود التجارية وغيرها.
ما يضع كل الشركات الاقتصادية في مجال الطاقة، البناء، الاستثمار، الاتصالات وغيرها العاملة في سوريا أو المتعاونة مع النظام بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء كانت روسية أو إيرانية أو صينية أو غير ذلك، تحت طائلة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية. والتي ستلاحق أيضاً الشركات الأمنية والعسكرية العاملة لصالح النظام السوري بشكل أو بآخر، لا سيما المرتبطة بإيران وروسيا مثل فاغنر.
ومن شأن القانون، حسب الخبير الذي تحدث لـ»القدس العربي»، تعزيز النشاط الاقتصادي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، وبالتالي دفع الشركات إلى الاستثمار والعمل فيها، لكن في المقابل ستكون هناك أعباء اقتصادية كبيرة على مناطق سيطرة النظام مع احتمال حصول انهيار جديد وكبير في سعر صرف الليرة، وربّما تعوّل الولايات المتّحدة على مساهمة ذلك في دفع السكان المحليين نحو القيام بمظاهر احتجاجية تزيد الضغط على النظام السوري وروسيا وإيران.
بقلم: هبة محمد
نقلا عن: القدس العربي