مقدمة:
صدر القانون رقم 15 لعام 2008 لجذب الاستثمارات إلى عملية التطوير العقاري في سوريا بهدف إقامة تجمعات سكنية متكاملة وتأمين الاحتياجات السكنية لذوي الدخل المحدود وأيضا معالجة مشكلة السكن العشوائي في سوريا، ويشمل تطبيق القانون مناطق التطوير العقاري؛ أي العقارات وأجزاء العقارات العامة والخاصة، المبنية أو غير مبنية، داخل التنظيم أو خارجه.
مضمون هذا القانون:
-أحدث هذا القانون الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري التي يرأس مجلس إدارتها وزير الأشغال العامة والإسكان، ومهمتها إعداد السياسات والخطط العامة للتطوير والاستثمار العقاري ومتابعة تنفيذها.
ويرفع المجلس اقتراحه بإحداث منطقة التطوير العقاري لرئيس مجلس الوزراء، بعد استطلاع رأي الوحدة الإدارية المعنية. ويمكن تحديد أهداف هذه الهيئة:
- إمداد قطاع الإسكان والتعمير بما يلزم من الأراضي المعدة للبناء والمرافق.
- إقامة مدن وضواحي سكنية متكاملة.
- معالجة السكن العشوائي .
- تأمين السكن لذوي الدخل المحدود.
-المطور العقاري: هو الشخص الطبيعي أو الاعتباري السوري أو من في حكمه أو العربي أو الأجنبي الذي تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في هذا القانون.
كيفية تأمين الأراضي للمطور العقاري:
يتم تأمين العقارات اللازمة لإحداث مناطق التطوير العقاري من خلال:
1-أملاك الدولة الخاصة غير المخصصة لإحدى الجهات العامة.
2- العقارات وأجزاء العقارات العائدة للجهة الإدارية داخل أو خارج التنظيم.
3-العقارات التي تقع بملكية المطور العقاري أو التي يرغب مالكوها بالاتفاق معه بإخضاعها لأحكام هذا القانون .
4- العقارات وأجزاء العقارات المملوكة من الأفراد التي يتم استملاكها لغايات إحداث مناطق التطوير العقاري.
حيث يتم استملاك العقارات الواقعة ضمن مناطق التطوير العقاري العائدة للأفراد (سواء داخل أو خارج منتطق التنظيم) لصالح الوحدة الإدارية المعنية، وتعد هذه الأخيرة إضبارة الاستملاك ثم تقدمها إلى مجلس إدارة الهيئة الذي يقدم بدوره الاضبارة ومشروع قرار الاستملاك إلى وزارة الإدارة المحلية، التي ترفعها بدورها إلى رئاسة مجلس الوزراء لإصدار قرار الاستملاك.
وبعد صدور القرار يجب على الجهة الإدارية اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقدير بدل الاستملاك، ويتم تسجيل العقارات المستملكة باسم الجهة الإدارية بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
وتحصل عمليات التطوير العقاري وفقاً للقانون 15/2008 بطريقتين؛ باستملاك الجهة الإدارية للعقارات الواقعة ضمن مناطق التطوير العقاري (كما ذكرناه أعلاه) أو بموجب اتفاق بين مالكي العقارات في المنطقة مع المطوِّر العقاري.
تعويض الاستملاك:
إذا تم استملاك العقارات الخاصة من قبل الجهة الإدارية وفقاً للقانون 15\2008 فيجري تعويض أصحابها وفقاً لأحكام قانون الاستملاك رقم 20\1983. أي لا توجد نسبة محددة للاستملاك أو الاقتطاع، إذ يجوز للإدارة استملاك العقارات وأجزاء العقارات المملوكة من الأفراد لغايات إحداث مناطق التطوير العقاري، مقابل “تعويض عادل”. ويلزم القانون 15\2008 الجهة الإدارية بتخصيص 40% من المساحات الطابقية السكنية (المقاسم) لبيعها لأصحاب العقارات المستملكة كلٌ بحسب النسبة المستملكة من مساحة عقاره.
وقد الزم القانون 15\2008 المطور العقاري تأمين السكن البديل للشاغلين أو دفع بدل نقدي لهم وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين.
وحسب تعديل قانون 15 لعام 2008 بالقانون 34لعام 2010 فإن العقارات المسجلة بالسجل العقاري وخضعت لقانون التطوير والاستثمار العقاري 15 فلا داعي للقيام بأي إجراء سوى متابعة الإجراءات الإدارية البلدية والمؤسسة العامة للإسكان لقبض بدل استملاك والحصول على السكن البديل والتخصص بمقسم تنظيمي، أما الملكية الغير مسجلة بالسجل العقاري فيجب على صاحبه مراجعة القضاء العادي وتثبيت ملكيته والمطالبة بحقوقه.
كيف يتم تطبيق هذا القانون:
يصدر قرار من مجلس إدارة الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري اقتراح إحداث مناطق للتطوير العقاري وتحدث بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
العلاقة بين الجهة الإدارية والمطور العقاري:
تحدد العلاقة بين الجهة الإدارية والمطور العقاري لأي نوع من المشاريع الخاضعة لأحكام هذا القانون بعقد يذكر فيه على وجه الخصوص صلاحيات الجهة الإدارية في الإشراف على التنفيذ وواجبات وحقوق الطرفين والالتزامات المترتبة عليهما أثناء التنفيذ بالإضافة إلى الشروط الأخرى التي تضمن تنفيذ المشروع وفق ما هو مرخص له ضمن المدة الزمنية المحددة.
وأعطى هذا القانون الحق وحسب الاتفاق العقدي المبرم بين المطور العقاري والجهة الإدارية بتملك جزئي أو كلي للمقاسم الناتجة عن التنظيم.
مخاطر هذا القانون:
- أعطى هذا القانون الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري صلاحية اقتراح استملاك العقارات الخاصة أو أجزاء منها.
- سمح لها بهدم وإعادة بناء أو تأهيل وتجديد مناطق سكنية
- أعطى هذا القانون المطور العقاري إمكانية أن يكون السكن البديل داخل المنطقة أو خارجها أو دفع بدل للشاغلين وفق اتفاق بين المطور العقاري والشاغلين (طرف ضعيف) .
- سمح لشركات التطوير العقاري العربية والأجنبية افتتاح أفرع لها في سوريا وسمح بتأسيس شركات أجنبية للتطوير العقاري في سوريا وأعطاه الحق بتملك المقاسم الناتجة عن التنظيم جزئيا أو كليا، ومنحها أيضا تسهيلات كبيرة مثل الإدخال المؤقت للآليات والمعدات والأجهزة والسيارات وأيضا استيراد جميع مواد البناء والتجهيزات اللازمة لتنفيذ المشاريع.
مخاطر هذا القانون على النازحين واللاجئين والمعارضين والمغيبين قسريا:
صدر هذا القانون قبل بداية الصراع في سوريا أي في حالة سلم واستقرار ولكن بعد الآن وبعد مرور عشر سنوات على هذا الصراع فإن لهذا القانون آثار كارثية على هذه الفئة للأسباب التالية:
- تطبيق هذا القانون وأكثر من نصف الشعب السوري بين نازح ولاجئ ويتعذر على هذه الفئة مراجعة الدوائر المختصة لإثبات ملكيتها العقارية بالإضافة إلى مشكلة فقدان وثائق ومستندات الملكية العقارية لديهم مما يجعل من هذا القانون وسيلة انتقامية من كل لم يقف الى جانب النظام السوري في هذا الصراع ومكافأة لرجال الأعمال الذين وقفوا الى جانب النظام.
- تطبيق هذا القانون سيؤدي إلى استملاك الأراضي وتسجيلها على اسم البلدية وهذا سيؤدي إلى كارثه بحق أصحاب الحقوق العقارية في السكن العشوائي خصوصا أن الملكية العقارية لهذه الفئة في السجل العقاري ليست بأسمائهم وبذلك سيخسرون مساكنهم والتعويض عنها.
- هذا القانون يمكن تطبيقه على العقارات داخل وخارج المخطط التنظيمي الأمر الذي سيشجع على عمليات التزوير والبيوع الاحتيالية في المناطق المنظمة مستغلين غياب المالكين الأساسيين.
- السماح للشركات الأجنبية بالعمل بالتطوير العقاري وأيضا تأسيس شركات تطوير عقاري أجنبية في سوريا ومن ناحية أخرى إعطائها الحق بالتملك للمقاسم الناتجة عن التنظيم وغياب هذه الفئة كونها نازحة أو لاجئة وعدم وجود من يطلب التعويض أو سكن بديل سيشكل مطمع لتلك الشركات، وأيضا سيشكل هذا القانون مكافأة لشركات التطوير العقاري للدولة الحليفة للنظام السوري وخصوصا الشركات الإيرانية وبالنتيجة سيتم اقتلاع الملكية العقارية لهذه الفئة بعد استملاكها وبنائها وسلبها حقها في ملكيتها العقارية وحرمانها من التعويض والسكن البديل وسيؤدي الى تغيير ديمغرافي في المناطق التي سيطبق فيها هذا القانون خصوصا مع التسهيلات التي قدمها قانون تملك الأجانب في سوريا رقم 11 لعام 2011 وتعديلاته عام 2021.
- تطبيق هذا القانون سيشكل عقبة كبيرة أمام عودة النازحين واللاجئين إلى أماكن سكنهم الأصلية كونهم سلبت منهم دون أي تعويض .
آثار ملموسة لهذا القانون:
- خلال العام 2019 والنصف الأول من العام 2020، حصلت أكثر من 50 شركة مختصة بالتطوير والاستثمار العقاري على تراخيص عمل في قطاع الانشاءات ومن بينها 10 شركات مقارها الرئيسية في حلب.
خاتمة:
هذا القانون وضع بحالة السلم والاستقرار وهو لا يتناسب أبدا مع ظروف الصراع التي تعيشها سوريا منذ عشر سنوات ولا زالت مستمرة حتى الآن، ومن ناحية ثانية لا يتناسب مع المعضلة العقارية السورية وخصوصا مشكلة السكن العشوائي.
هذا القانون مخالف للقانون الدولي الإنساني ومبادئ بينيرو في حماية المساكن والأراضي والعقارات أثناء الصراعات والحروب.
هذا القانون وإن صدر تحت هذا المسمى إلا أنه يخالف مبادئ العدالة ورد المظالم وبالتالي هو شكل وسيلة جديدة للانتقام من أكثر نصف الشعب السوري (النازحين واللاجئين) وسيؤدي الى تغيير ديمغرافي كبير في بنية المجتمع السوري.