نص الدستور السوري لعام 1973 وفي المادة الخامسة عشر على ان:
- لا تنزع المكية الفردية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وفق القانون
- وأضاف ان المصادرة العامة في الأموال ممنوعة
- لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي
- تجوز المصادرة الخاصة بقانون لقاء تعويض عادل
وفي دستور عام 2012 ووفقا للمادة الخامسة عشر:
الملكية الخاصة من جماعية وفردية مصانة وفق الأسس التالية:
1 -المصادرة العامة في الأموال ممنوعة
2-لا تنزع الملكية الخاصة إلا للمنفعة العامة بمرسوم ومقابل تعويض عادل وفقا للقانون
3-لا تفرض المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائي مبرم
4-تجوز المصادرة الخاصة على لضرورات الحرب والكوارث العامة بقانون لقاء تعويض عادل
5-يجب ان يكون التعويض معادلا للقيمة الحقيقية للملكية
مع ان الدستورين المذكورين أشارا الى صيانة الملكية الخاصة إلا انهما أجازا نزع الملكية بمرسوم ومصادرتها بقانون وتحت ذريعة المنفعة العامة وأضاف إليها دستور 2012 ضرورات الحرب والكوارث ومقابل تعويض عادل وبذلك فتحا الباب على مصراعيه لانتهاك الملكيات الخاصة من قبل السلطة التنفيذية التي تحدد المنفعة العامة وضرورات الحرب وتحديد قيمة التعويض)
ويتم نزع الملكية العقارية في سوريا بمرسوم استملاك يصدر عن رئيس الجمهورية وهذا المرسوم مبرما لا يقبل أي طريق من طرق الطعن او المراجعة وأيضا تصادر الملكية بقوانين استثنائية
ولذلك من المهم دراسة قانون الاستملاك نظرا لخطورة في نزع الملكية العقارية الفردية
قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983:
لم يحدد هذا القانون جهة عامة واحدة تقوم بالاستملاك ولكنه اعطى حق الاستملاك لجميع الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة بما فيها وزارة الدفاع للعقارات الخاصة سواء كانت مبنية سواء كانت ملكا صرفا او ملكا للوقف او مثقلة بحق وقفي وذلك لتنفيذ مشاريعا ذات النفع العام المنصوص عليها المرسوم ووفق المادة الثانية منه
وأيضا اعتبر ان استملاك العقارات لإقامة التجمعات السكنية العسكرية أو لبناء المساكن لبيعها العسكريين ولأسر الشهداء وللعاملين في وزارة الدفاع.
ينص هذا القانون انه من النفع العام إقامة المنشآت التابعة لحزب البعث الحاكم، والمنظمات الشعبية المنبثقة عنه أو الرديفة له.
ويتم الاستملاك بمرسوم بناء على اقترح الوزير المختص يتضمن التصريح عن وجود النفع العام ويستند المرسوم على مخطط العقارات وأجزاء العقارات المراد استملاكها بالإضافة الى القيمة التقديرية لتلك العقارات ورأي الجهة الإدارية التي يقع الاستملاك ضمن حدودها الإدارية وراي المكتب التنفيذي بالإضافة الراي المكتب التنفيذي لاتحاد الفلاحين في المحافظة فيما يتعلق بالعقارات المراد استملاكها والواقعة خارج المخططات التنظيمية
وينشر مرسوم الاستملاك في الجريدة الرسمية وفي احدى الصحف المحلية وعند عدم وجودها ففي إحدى صحف العاصمة
ومع أن قانون التوسع العمراني رقم 26 لعام 2000 نص على أن يتم استملاك وتنظيم وتقسيم مناطق التوسع العمراني في مدينة دمشق ومدن مراكز المحافظات من قبل الجهة الإدارية حصراً وذلك لمصلحتها ومصلحة الجهات العامة الأخرى. إلا أنه لم يؤثر أبدا على حق جميع الجهات العامة بحق الاستملاك عن طريق الجهة الإدارية في المدن التي يجري فيها الاستملاك
وقد أجاز هذا القانون استملاك أراضي الإصلاح الزراعي حيث يتم تحديد وتحرير المساحات التي شملها الاستملاك فقط وفق أصول وإجراءات مختصرة يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة بناء على اقتراح المديرية العامة للمصالح العقارية ولا يحول عدم البدء في عمليات تحديد وتحرير المساحات المستملكة دون وضع اليد عليها بعد وصف حالتها الراهنة وتقدير قيمتها البدائية من قبل لجنة التقدير البدائي
ونصت المادة 12 من هذا القانون:
(تشكل الجهة المستملكة بقرار مبرم لجنة بدائية لتقدير قيمة العقارات المستملكة من ثلاثة أعضاء يكون أحدهم مهندس وقراراتها تكون بحضور جميع الأعضاء ويجوز إصدارها بالأكثرية)
وتقوم هذه الجنة بتقدير قيمة العقارات
ويتم تقدير قيمة العقار المستملك إذا كان مجرا على أساس قيمة الأرض والأشجار وتقدر قيمة الأشجار حسب نوعها وعمرها وانتاجها من قبل لجنة بدائية يكون أحد أعضائها خبيرا زراعيا
وإذا شمل الاستملاك ارضا زراعية يترتب عليها حقوق لمزارع بالمشاركة فيعتبر العقد منفسخ ويتم التعويض 70% لمالك الأرض و30% للمزارع بالمشاركة
وبعد ذلك تقوم الدوائر العقارية بناء على طلب الجهة المستملكة بتنظيم قائمة بأسماء مالكي العقارات المقرر استملاكها وأصحاب الحقوق المسجلة على أصحابها ومقدار حصة كل منهم مع بيان مساحتها والانواع الشرعية والحقوق العينية والارتفاقية على هذه العقارات.
كيف يُشرع النظام السوري السيطرة على الأملاك
ثم يتم تبليغ المالكين وأصحاب الاستحقاق القيم المقدرة لعقاراتهم وحقوقهم المستملكة من قبل الجهة المستملكة بما في ذلك حقوق الأشجار وتعلن ذلك بصحيفة محلية ان لم توجد عن طريق احدى صحف العاصمة وأيضا تعلن في بهم الجهة المستملكة وفي المنطقة التي يجري فيها الاستملاك
حيث تعلن انتهاء اعمال التقدير البدائي ودعوة جميع المالكين وأصحاب الحقوق الى المكان الذي تحدده الجهة المستملكة وتعرض هذه الاعمال لمدة خمسة عشر يوما ويعتبر هذا الإعلان هو تبليغ لمن تعذر تبليغه
ويحق لجميع المذكورين الاعتراض خلال 30 يوما ابتداء من تاريخ نشر الإعلان على التقدير البدائي لقيمة عقاراتهم المستملكة
إذا وجدت نزاعات تدخل باختصاص حل الخلافات يمكن للجهة المستملكة يمكن للجهة المستملكة ان تطلب تشكيل لجنة من وزارة العدل يرأسها قاضي وممثل عن المصالح العقارية وممثل عن الجهة المستملكة وقرار ات اللجنة قابلة للطعن بالاستئناف
أما الاعتراضات على التقدير الاولي فتنظر بها لجنة إعادة النظر بقرار بمبرم من رئيس المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة التي يقع بها العقارات المستملكة وتتشكل هذه اللجنة من قاض وممثل عن الجهة المستملكة وممثل عن أصحاب العقارات المستملكة ينتخبه أصحاب العقارات المستملكة وممثل عن اتحاد الفلاحين ويمكن ان تصدر قرارات هذه اللجنة بالأكثرية وقراراتها مبرمة.
يحق للجهة المستملكة ان تضع يدها على العقارات الغير مبنية فور صدور مرسوم الاستملاك وقبل تقدير قيمة الاستملاك أما إذا كانت مشجرة تحتوي اجار او مزروعات فتنظم محاضر جرد لها قبل وضع اليد عليها ليكون هذا الجرد أساس في تقدير قيمتها
أما العقارات المبنية فيجوز وضع اليد عليها بعد نشر مرسوم الاستملاك والقيام بالمعاملات الأتية:
- تقدير قيمة العقار
- تشكيل الجهة المستملكة لجنة من مهندس وموظف مهمتها تنظيم محضر بأوصاف البناء وبحور المالك او ممثله ويرفق بهذا المحضر الصور الشمسية او المخططات التي تساعد على معرفة وضعية وشكل البناء
يعطى شاغل العقار مدة شهر على الأقل لإخلاء البناء المقرر هدمه
-وهذا المرسوم اعطى الحق للجهات المستملكة باقتطاع ربع العقار أذا كان الاستملاك جزئي بمعنى انه لا يتم تعويضه عنه
– هذا القانون نص على تسديد القيم لأصحاب أو ايداعها لمصلحتهم بالمصرف خلال خمس سنوات من تاريخ مرسوم الاستملاك وإذا تم التأخير يدفع لصاحب الاستحقاق فائدة بسيطة 6% سنويا عن مدة التأخير تسري من تاريخ انقضاء خمس سنوات على صدور مرسوم الاستملاك او تاريخ وضع اليد على العقار ايهما اسبق وتزيد الفائدة الى 8% بالنسبة للعقارات التي وضعت اليد عليها بعد خمس سنوات من تاريخ وضع اليد
– يسقط حق ذوي الاستحقاق بقبض مبلغ التعويض بعد ايداعه من قبل الجهة المستملكة في المصرف بمرور خمسة عشر عاما على ذلك الإيداع وهنا يعاد المبلغ الى صندوق الجهة المستملكة
والمادة الغريبة في هذا القانون هي رقم 35
إذا ما ازيلت صفة النفع العام عن العقارات المستملكة فأنه يعتبر تلك العقارات من الأملاك الخاصة للدولة ويتم تسجيلها على اسم الجهة المستملكة في السجل العقاري
وان كانت تلك العقارات المستملكة ارضا زراعية بالأصل وتم استملاكها ثم زالت صفة النفع العام يتم بيعها من قبل الجهة المستملكة وللمالكين السابقين أولوية في شرائها إذا قبلوا بالثمن الذي تحدده الجهة المستملكة.
هام جداً…كيف يسلب القانون السوري الأملاك وماهي الدساتير المشرعة لذلك؟
ملاحظات قانونية على قانون الاستملاك:
- صدور مرسوم الاستملاك بشكل مبرم هو انتهاك حقيقي لجوهر حق الملكية ويحرم المواطن السوري الحق بالطعن بهذا المرسوم امام المحكمة الدستورية وتبحث هذه المحكمة موضوع النفع العام ومدى تحقيقه بهذا الاستملاك ومن ثم تصدر قرارها
- إعطاء جميع الهيئات والوزارات والمؤسسات حق الاستملاك بدون تحديد جهة عامة واحدة معنية بهذا الاستملاك يجعل من تلك الجهات العامة سيفا جائرا على الممتلكات العقارية الفردية. ولم يكن للقانون 26 لعام 2000 أي تأثير على تسلط تلك الجهات على الملكيات الفردية فيمكنها استملاك أي عقار عن طريق الجهة الإدارية في المدن
- قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983 مخالف لدستور 2012 حيث أن الدستور لم ينص على اقتطاع الربع المجاني لصالح الجهة المستملكة ولا على أي مصطلح اقتطاع بشكل عام. وأيضا مخالف للمواثيق الدولية وللإعلان العالمي لحقوق الانسان حث نصت المادة / 17 /:
- لكل فرد حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره
- لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا
- تكوين اللجان سواء كان لجنة حل الخلافات أو إعادة النظر هي لجان ليست قضائية إنما هي لجان استثنائية وبالتالي هي عاجزة عن تحقيق العدالة وخصوصا أن مالكي العقارات وأصحاب الحقوق أفراد عاديين أمام الجهات العامة المستملكة
- قرار لجنة إعادة النظر بتقدير التعويض مبرما! لماذا يحرم المالك المتضرر من التقاضي على درجتين وأن يكون هذا القرار قابلا للاستئناف امام محاكم الاستئناف مع تحفظنا الكامل على صحة تشكيل هذه اللجنة بالأساس
- ما نصت عليه المادة 35 وهو في حال إزالة صفة النفع العام عن العقارات المستملكة حيث ان منطق وفكرة العدالة يقتضي إعادة تلك العقارات الى المالكين الاساسيين وذلك نظرا لانتفاء سبب الاستملاك أصلا وهو صفة المنفعة العامة. فكيف يستوي الامر أن يتم تسجيل تلك العقارات باسم الجهة العامة المستملكة مع زوال صفة المنفعة العامة ثم تقوم ببيعها دون أي وجه حق. وهنا يتجلى الظلم الحقيقي ويبرهن انه لا حماية ولا احترام لمعنى الحق العقاري الفردي بالمطلق.
- بالنسبة لدفع مبلغ التعويض نص هذا القانون على ان تكون خلال خمسة سنوات وفي الواقع والتطبيق أطول من ذلك بكثير فمنطق العدالة بالنسبة للمتضرر هو جبر الضرر وهذا يقتضي أن يتم الدفع خلال فترة زمنية بسيطة كون المالك تضرر بفقده لملكيته العقارية
من كل ذلك يتضح لنا أن صيانة الملكية الفردية المذكورة في الدستورين وهمية والحقيقة أنها عرضة للنزع والاستملاك من قبل أي جهة عامة وبكل سهولة
آثار هذه القانون على النازحين واللاجئين:
لهذا القانون أثار كارثية على ممتلكات النازحين واللاجئين العقارية حيث أن النظام يعتبر كل من لم يقف الى جانبه معارضا له مما يجعل من هذا القانون وسيلة انتقامية ويمكنه استخدامه كسلاح إضافي عن طريق استملاك ممتلكاتهم العقارية وبحجة المنفعة العامة وضرورات الحرب والكوارث العامة سيما وأنهم غير قادرين على مراجعة الدوائر العامة لإثبات ملكيتهم لعقاراتهم وذلك خوفا من الاعتقال في الافرع الأمنية
ومع ذلك على هؤلاء حماية حقوقهم وممتلكاتهم العقارية وأن يحافظوا على وثائقهم ومستنداتهم العقارية من التلف والضياع والسعي للحصول على تلك الوثائق إن لم تكن بحوزتهم وأيضا متابعة القوانين والمراسيم العقارية. والقيام بالإجراءات القانونية اللازمة وذلك عن طريق أحد اقرباءهم أو بتوكيل محامي لمراجعة الدوائر المختصة لإثبات ملكياتهم وإبراز المستندات القانونية المطلوبة وضمن المدد القانونية المحددة.