خمس سنوات من الأزمة السورية وأعداد من رحلوا عنها بازدياد كبير، رجال ونساء وأطفال وشيوخ، عائلات تنزح بالكامل، وأطفال قصر نزحوا دون ذويهم، فمنهم من فقد ذويه بالكامل، ومنهم من أرسله والداه لتأمين “مستقبله” ومستقبل عائلته .
أم أنور من ريف حلب تقول :”لم يكن باستطاعتنا تأمين المبلغ المطلوب للمهرب، فكان ذهاب أنور لوحده البالغ من العمر 15 سنة هو الحل، كثير من أقاربي لجؤوا لنفس الطريقة حيث أرسلوا أطفالهم لأوروبا ليتم بعدها استقدام أفراد العائلة”.
في الكثير من الحالات يخرج القاصر مع عائلته ليصل وحيدا، فمنهم من يغرق ومنهم من يفقد أهله بسبب الازدحام
فحسب وكالة الأنباء الفرنسية التي عرضت قصة أحد الأطفال السوريين ممن وصل اليونان دون ذويهم في 15أيلول 2015، محمود ابن الـ 13 عام انفصل عن عائلته بعد غرق “البلم” ليصل إلى الشواطئ اليونانية وحيدا دون اهله “.
كثيرة هي المخاطر التي يتعرض لها اللاجئون القاصرون، في رحلة الوصول إلى أوروبا فمن الضياع وعدم معرفة التعامل مع المهربين، إلى تعرضهم للاغتصاب ، والضرب والتعنيف من قبل المهرب أو في أماكن احتجازهم .
يعبر خالد بغضب عن حال الأطفال القصر في قسوة الرحلة التي يتعرضون لها فيقول:” رحلة الوصول إلى أوربا قاسية على الرجال فكيف هي الحال على الأطفال القصر لا معين لهم ولا سند، اذ يقوم المهرب دائما بالصراخ عليهم وتصل في بعض الاحيان لضربهم في حال مخالفتهم لطلبات المهرب، فهو يعتبر نفسه وصياً عليهم، مع أنه قد أخذ منهم مالاً أكثر، بحجة أنه سيقوم بحمايتهم من المخاطر التي قد تعترضه ”
قوانين الدول الأوربية تعطي أولوية قصوى لموضوع القاصرين، الذين يكون عادة عرضة لمخاطر عديدة تتمثل في سوء المعاملة والاستغلال.
رواد طفل ثمانية أعوام خرج من سوريا مع والدته ليصل بعد رحلة طويلة إلى المانيا يقول:” مدرستي الجديدة جميلة يعطوني بها وجبة فطور وغذاء ، أرسم بها وأضحك، جدرانها جميلة لا تتعرض للقصف كما حصل في مدرستي بسوريا “.
تضيف أم رواد ” أقف حائرة لم كل هذا العطاء ؟؟ ،ما المقابل ؟؟، فقد تم تخصيص مبلغ 235يورو لرواد، بالإضافة لدفع أقساط مدرسته، كما عرضت علي أسرة ألمانية بأن تتكفل بجميع مصاريف ابني ولكني رفضت الفكرة تماما ”
وتضيف أم رواد ” المغريات كثيرة إلا أني لا أشعر بالسعادة فالحنين إلى الوطن لا يفارقني وأحاول أن أزرع في طفلي حب الوطن ،وأننا سنعود يوما ما لبناء سوريا “.
إيمي ربشموند مستشارة حماية الأطفال في ألمانيا تقول :”إن أهم شيء بالنسبة لصحة الأطفال العقلية أن يكون لديهم شعور بالانتماء للمكان، ولكن أطفال سوريا مروا بتجارب الحرب الرهيبة وانتقلوا من مجتمع إلى مجتمع أخر لأكثر من أربع سنوات فكيف يتوفر لهم هذا الشعور؟”.
إن الاضطراب وكثرة التنقل والخوف يسبب القلق في النوم والكوابيس، إضافة للتبول اللاإرادي ليلا، كما أن كثيراً من الأطفال يعانون من تجربة ما يطلق عليه الأطباء النفسانيون “عقدة الضياع ” أي عدم المقدرة على الرجوع للحالة الطبيعية .
سوسن طفلة ذات الـ13ربيعا وصلت إلى السويد مع والدها منذ 6شهور يقول والدها:” منذ وصولنا إلى سويد وابنتي تستيقظ ليلا من الكوابيس ترى فيها أشخاص تريد قتلها أو أخذها لمكان مجهول، فمنذ اعتقال عمها أمامها على يد المخابرات السورية وهي تعاني من نفس الكوابيس “.
ويضيف والد جمال ” توفر لنا السويد جلسات نفسية محاولة منها مساعدتنا على تجاوز ما مر بنا في سوريا”.
معتقدات وعادات لا تشبه أبدا معتقداتنا العربية، تضاف إلى ثقافة أطفالنا منها ما هو مفيد لهم ومنها ما هو مخالف لعاداتنا وتقاليدنا ، فمهما كانت العروض والتأمينات المقدمة للسوريين فلا أحد من اللاجئين القصر يمكن أن يجد بديلاً عن تراب الوطن .
المركز الصحفي السوري أماني العلي