تستمر فصول المعارك في حلب بين قوتين غير متكافئتين عسكرياً وبشرياً، أطرافها قلة قليلة من المعارضة السورية المسلحة المحاصرة في القسم الشرقي، وقوات النظام السوري بدعم روسي وإيراني وميليشيات متحالفة معه، ومع آخر فصول هذه المعارك حيث سيطر النظام السوري وحلفائه على نصف المدينة القديمة في حلب، لتتمكن قواته أخيرا من السيطرة على الجزء الشمالي الشرقي من حلب بالكامل،
تزداد معاناة المدنيين الحلقة الأضعف في ظل حرب دامية جرت دماؤها وبغزارة على الأراضي السورية.
وأخيراً مع المأساة وتغير أوضاع نحو عشرة ملايين سوري تشردوا وأربعة ملايين ونصف باتو لاجئين، دعت ست دول غربية بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى وقف إطلاق النار فوراً في مدينة حلب، وفي بيان لها طلبت هذه الدول روسيا وإيران بممارسة نفوذهما على النظام السوري لوقف عاجل لإطلاق النار في حلب.
حيث هددت الدول الغربية بأنها ستدرس فرض مزيد من العقوبات على أفراد ومؤسسات تعمل نيابة عن الحكومة السورية، ودعت أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة إلى العمل على ملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب في سوريا.
ويبقى السؤال المطروح في أذهان السوريين، ألم تأتي دعوة هذه الدول متأخرة؟!
أم أن الوقت قد حان لتدخل المجتمع الدولي ليضغط بشكل أكبر من أجل تمكين وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين؟.
بالأمس تم عرقلة إصدار قرار في ظل تعنت روسي لوقف إطلاق النار فهي تطلب شروط من شأنها التأزم الإنساني الذي يتفاقم يوماً بعد يوم ، فما هي الطرق التي يمكن من خلالها لهذه الدول أن تعالج الوضع الإنساني المتأزم في ظل فشل المحاولات؟
ليس هناك إلا الطرق الدبلوماسية وطريق التوجه نحو مجلس الأمن أو إصدار قرار هدنة ووقف الأعمال العدائية لكن للأسف لم يتثن لغاية الآن للمجتمع الدولي للوصول للهدنة، ومن جانبها تقدمت المعارضة المسلحة في مدينة حلب بمبادرة إلى المجتمع الدولي بهدف إنقاذ المدنيين المحاصرين في الأحياء الشرقية المحاصرة، وتزامنت المبادرة مع تقدم النظام حيث تبنى الاتحاد الأوربي المبادرة التي أطلقتها فصائل حلب.
وفي خضام المعارك لا يزال النظام السوري يكثف قصفه الأحياء السكنية ومواقع المعارضة في المناطق التي انحسرت إليها شرقي المدينة مخلفة عشرات القتلى والجرحى، يأت ذلك بعد ساعات من مبادرة الهدنة الإنسانية التي طرحتها فصائل المعارضة في حلب والتي تضمنت هدنة إنسانية فورية في خمسة أيام لإجلاء الحالات الطبية المستعجلة المقدر عددها ب 500 حالة وإخراج الراغبين من المدنيين من الأحياء المحاصرة إلى ريف حلب الشمالي ليتم بعدها التفاوض بين الأطراف المعنية حول مستقبل المدينة.
ولحين استجابة النظام السوري أو الروسي حول وقف إطلاق النار وخروج المدنيين يستمر النظام السوري في اتباع سياسة الأرض المحروقة ومحاصرة آلاف من مدنيين دون مستشفيات ولا أي خدمات ليضطرهم إلى الاستسلام ، ويبقى الأمل معقودا بحل يتيح للمدنيين في حلب بوقف الكارثة الإنسانية وحق دماء المزيد من الأبرياء.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد