مرت البارحة “ال20 من آب “ذكرى المجزرة الكيماوية الرهيبة التي اقترفها نظام الأسد ومن خلفه العالم بدم بارد بحق أطفال نيام في الغوطة الشرقية.
أطفال ونساء وشيوخ كان كل منهم يحتضن سلاحه بين ذراعيه في استعداده الدائم الفطري للقتل والإرهاب.!!
عندما بدأت الثورة في سوريا سلمية بمظاهرات عارمة؛ بدأ الإرهاب الأسدي بقتل كلمة “الحرية “على أفواه البشر؛ فجابه جهازه الأمني ومن ثم آلته العسكرية الصدور العارية للمتظاهرين بالنار والبارود، وسيق الشباب وحتى الشيوخ والأطفال زمرا الى معتقلات الموت إمعانا في الإجرام والارهاب، ولم يكتف الأسد، والعالم من خلفه بذلك بل انتقل لنشر مدرعاته العسكرية وجيشه الباسل ليقطع أوصال المدن والبلدات، وعندما لم يفلح كل ذلك في وأد الثورة بدأ باستخدام كل همجيته العسكرية؛ فأصبح سلاح الجو رفيق السماء لايكاد يفارقها ليلا ولا نهارا، يرمي بحقده الأسود أكف الطفولة الندية وحنان الأمهات.
ولم تتوقف الثورة فما الحل. كان النوع الجديد هو معالجة “الجراثيم “-كما وصفنا رأس النظام- بالاسلحة الكيماوية، وليغطي العالم عورته قليلا بدأ من دول الخليج وانتهاء بالولايات المتحدة …حظروا على الأسد استخدام الكيماوي وحذوره من مغبة ذلك وأرسلوا من يفتش عن هذا السلاح “المحرم دوليا”وصادروه، لكنهم بنفس الوقت سمحوا له بالاستمرار باستخدام كل أساليب القتل والتدمير والتنكيل أملا منهم وضعفا من انفسهم أن ينجح كل ذلك بإخراس ثورة الكرامة، ومادامت الثورة موجودة فافعل ماتريد وعلى أساس هذا الضوء الأخضر تحرك الأسد واستفاقت البشرية في ذلك اليوم على واحدة من أبشع جرائم الحرب ومجازر الإنسانية حين أبيد مالايقل عن ألف وأربعمئة شخص جلهم من الأطفال والنساء وأصيب من أصيب.
هو حقد لم تعرفه سوى بلدان إسلامية أخرى كأقليم كوسوفو ومجازر الصرب الوحشية فيها؛ أو كتصفية الصهاينة للشعب الفلسطيني إبان النكبة في 1948.
ومن الطبيعي أن يستنكر العالم المتحضر ويتخفى وراء الاستنكار والشجب، فكانت بعض الدعوات البسيطة لمحاكمة الفاعلين؛ ولنلاحظ هنا “الفاعلين”دون تحديد فربما يكون أولئك الأطفال قد فعلو ذلك ببعضهم من شدة إرهابهم.
ومنذ ذلك الحين، وبعد أربع سنوات، وبالرغم من مايمتلك العالم من منظمات إنسانية وحقوقية، وكل التحقيقات واللجان والمبعوثين الذين أرسلوا إلى سوريا إلى الآن بقيت الجربمة مقيدة عند الأمم المتحدة “ضد مجهول “ولأنها كذلك فإن الأسد أعاد الكرة هذا العام؛ لكن كان أطفال “خان شيخون “هم الضحايا هذه المرة؛ وكان عليهم أن يجربوا الموت بالسارين بعدما جربه من قبلهم أطفال الغوطة.
وكالعادة العالم العاري ندد وشجب واستنكر، وبدأ بإرسال اللجان والمفتشين الأممين للتحقيق في ملابسات الحادث ومعرفة الفاعلين! والفاعل في المرتين يرقص في خمارة العربدة الدولية التي استحال ضميرها من الغفوة إلى الموت السريري !
شاديا الراعي -المركز الصحفي السوري.