بنبرة غاضبة مع قليل من الحرص اقتربت من ولدها وقالت له:” رح احجزلك بعد كم يوم عحماه، بدك تروح مو بكيفك، وبدك تقدم التاسع عند النظام، بكرا رفقاتك بينجحوا وبجمعوا درجات عالية وأنت إذا قدمت هون رح ترسب”، لوهلة صدمت بعد سماع الحديث الذي جرى بين الأم وابنها عندما كنت أنتظر دوري في عيادة طبيب الأسنان، وهي تحاول إقناعه أن مستقبله مرتبط بذهابه لمناطق النظام وهو يرفض الفكرة.
أدركت حينها درجة الجهل والضياع التي نجح النظام بإيصالنا إليها والمتمثلة بزرع أفكار سلبية في أذهان أطفالنا كي يصبحوا اتكاليين يعتمدون على أساليب رجعية ليحققوا أهدافهم المرجوة في الحياة، فتكون امتحانات الشهادات نقطة البداية لتطبيق هذه السياسة وتتشرب أذهانهم الطعم جيدا ويطبقونه على كافة الأصعدة.
وجل من يعيش في سوريا وبالأخص في مناطق سيطرة النظام يعي تماما ماهية السياسة المتبعة خلال فترة تقديم طلاب الشهادات امتحاناتهم، فيغريهم تارة بالمساعدات الإغاثية والمبالغ النقدية التي لا تتجاوز 10 دولارات، وتارة بالتساهل مع الطلاب النازحين من حيث المراقبة والتصحيح تصل لدرجة شعور الطالب بالأمان وكأنه ذاهب في نزهة يستطيع فعل ما يحلو له حتى بإمكانه أن يدخل الكتاب معه لقاعة الامتحان بحسب شهادات بعض الطلاب ممن تقدموا هناك، بعد أن كانت سابقا تلك الامتحانات هاجسا مرعبا للطلاب تصيبهم بالتوتر والخوف لأنها تقرر مصيرهم الدراسي وتحدد مستقبلهم.
وبالعودة لنقاش الأم وابنها يمكننا استنتاج أن نظام التعليم في سوريا منذ الأزل يعتمد على حصول الطالب على الشهادة بأي طريقة كانت، فأصبح هم الطلاب اجتياز تلك المرحلة ولو باتباع أسلوب الغش بغض النظر عن الهدف الحقيقي منها ألا وهو التعلم واكتساب المعارف للارتقاء نحو الأفضل وتوجيه فكر الطالب أخلاقيا للنهوض بالمجتمع الذي نعيش به، إلا أن الانفلات الأمني والتسيب اللذان يسودا مناطق النظام ألغيا جميع القيم الإيجابية ليتحقق المبتغى وهو التخلف والجهل وبالأخص للطلاب النازحين القادمين من مناطق المعارضة.
وما يثير الجدل حقا كيف يثق الأهالي اللذين يرسلون أبناءهم لمناطق سيطرة النظام لتقديم الامتحانات، وقواته ذاتها من تقوم بقصفهم يوميا بشتى أنواع الأسلحة، رغم أن مديريات التربية في المناطق المحررة تجري امتحانات للشهادات الأساسية والثانوية وليس هناك داع للذهاب لتلك المناطق وإعطاء فرصة للنظام كي يحقق هدفه ويفسد جيلا بأكمله تنتظره سوريا لتنهض من جديد بهمته بعد أن دمرها نظام الأسد.
المركز الصحفي السوري_سماح الخالد