نشرت مجلة فورين بوليسي الأميركية مقتطفات من تقرير لمحققين تابعين للأمم المتحدة، تناول أوضاع سجون النظام السوري ونماذج لمعتقلين فقدوا أرواحهم نتيجة التعذيب بداخلها.
واستهلت المجلة تقريرا إخباريا بالقول إنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 فرَ 9.5 ملايين شخص من ديارهم، بينما لم يجد عشرات آلاف آخرون فرصة للهرب فوقعوا أسرى في يد قوات الرئيس بشار الأسد.
وأجرى محققو الأمم المتحدة مقابلات مع أكثر من 500 من الناجين من سجون النظام حيث تعرض جميعهم تقريبا للتعذيب أو كانوا شهوداً على حالات تعذيب في المعتقلات، بينما شاهد مئتان ونيف زميلا لهم وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة داخل السجن على يد أفراد الأمن السوري.
وبحسب التقرير الأممي، فإن معاملة المدنيين في تلك السجون ترقى إلى وصفها بسياسة إبادة حكومية وجريمة ضد الإنسانية. غير أن الأمم المتحدة لم تستثن بعض جماعات المعارضة المسلحة من تلك التصرفات، إذ اتهم تقريرها أيضا تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة بنفس جريرة حكومة دمشق.
ومن بين الوفيات داخل تلك المعتقلات أطفال لم تتجاوز أعمارهم السبعة أعوام. وضربت المجلة مثلا بوالدي صبي عمره 13 عاما اعتُقل في مظاهرة عام 2011 في بلدة صدنايا بريف دمشق، لكنهما رأوه مرة أخرى بعدما أعيد إليهما جثة هامدة مشوهة. وفي أغلب الأحوال يتولى حراس السجن تعذيب وقتل المعتقلين على مرأى من النزلاء الآخرين.
وفي 2014، أجبِر السجناء في دمشق على أن يولوا وجوههم شطر أحد جدران السجن بينما قام الحراس بركل زميل لهم في الزنزانة في رأسه وجميع أجزاء جسده. وطلب هذا الزميل المعتقلين من رفاقه الآخرين وهو يتقيأ دماً، أن يبلغوا عائلته بما جرى له.. “لقد مات”، قالها أحد الناجين للمحققين الأمميين.. “أغمضنا عينيه، ولففنا جثته ببطانية للجيش ثم تلونا آيات من القرآن الكريم سراً”.
ناجٍ آخر كان قد اعتُقل في مدينة حمص ذكر أنه رأى رجلا عجوزا يموت أمام ناظريه بعدما أطفأ حراس السجن سيجارة في عينيه، وطعنوه بآلة معدنية ملتهبة وعلقوه من معصميه، وقد استغرق منهم ذلك ثلاث ساعات ليقتلوه.
وفي حالات أخرى، كانت الوفيات سريعة للغاية، ففي 2014 تعمد الحراس تشويه الأعضاء التناسلية لسجين في سجن تديره الفرقة الرابعة للجيش السوري، وبعد ثلاثة أيام قضى نحبه متأثرا بجروحه.
وتمضي المجلة في نقلها من التقرير إلى الإشارة إلى أن من يتعرضون للتعذيب من المعتقلين غالباً ما تتلوث جروحهم، لكنهم لا يتلقون علاجاً في السجن. أحد المعتقلين لدى مخابرات القوات الجوية السورية تركه الحراس في رواق السجن عندما رأوه لم يعد يستطيع الوقوف على قدمه الجريحة، وما هي إلا بضعة أيام حتى أدرك الناس أنه مات، وعندما تسلمت أسرته الجثة لم يتعرفوا عليها.
وطبقا للتقرير الأممي، فإن زنازين السجون مكتظة بالنزلاء وفي كثير من الأحيان يُضطرون للتناوب على الجلوس والوقوف. كما يضطر هؤلاء أحيانا لقضاء الحاجة داخل الزنزانة بسبب القيود على الذهاب إلى المراحيض. وتحدث المعتقلون عن غزو القمل وحالات الجَرَب في زنازينهم.
كما يعاني كثير من المعتقلين من نقص التغذية لحد المجاعة، أو أنهم يعطونهم طعاماً فاسداً مما يدفعهم إلى التقيؤ ويصيبهم بالإسهال.
المصدر : فورين بوليسي