خلال أيام شيّع العالم ما يقرب من 1300 من الفقراء والمشردين والمضطهدين الذين ابتلعهم البحر، بينما كانوا يركبون قوارب الهجرة البائسة، والتي تكسِّرها أمواج المتوسط وتلقي بحمولتها في أعماق البحر إذا لم يكن بعضهم محظوظين ويجدوا من ينقذهم في اللحظات الأخيرة.
نعلم أنه مقابل الذين غرقوا هناك أضعافهم وصلوا بسلام بعد رحلة طويلة كان الموت خلالها يتراقص أمام أعينهم، لكن النتيجة أننا أمام رحلة موت على أمل الحياة، وهي حياة لا تبدأ مباشرة بعد الوصول إلى الشاطئ الآخر، إذ سيمر أكثرهم بفصول من المعاناة الأخرى، هم وعائلاتهم حتى يستقروا ويتأقلموا مع الوضع الجديد، فيما يمكثون في أوضاع بائسة لزمن طويل، ولا تسأل عن حرمانهم من أحبابهم الذين تركوهم خلفهم، وديارهم التي أحبوها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من المسؤول عن معاناة هؤلاء، ولماذا يجمع بعضهم شقاء العمر، وربما يستدين لكي يركب رحلة لا يدري هل تنتهي بحياة أخرى أم بموت؟
المؤكد أن المسؤول الأكبر هنا هو الغرب نفسه، فهو الذي مارس نهبا منظما طوال قرون لثروات العالم الثالث. وما أكثر هذه الرفاه الذي يعيشه سوى نتاج ثروات الفقراء. ولم يتوقف عند ذلك، فقام بدعم أسوأ أنواع الطغاة في العالم الثالث، والذين أكملوا مسلسل النهب والفساد، لتزيد معاناة الناس أكثر فأكثر.
وحين ضجّ الناس وذهبوا يبحثون عن ملجأ في الدول التي صنعت لنفسها الثراء بدماء أوطانهم، سُدت الأبواب في وجوههم، وقيل لهم إن العولمة تعني الانتقال الحر للبضائع والأموال والخدمات، لكنها لا تعني الانتقال الحر للعمالة، لأن الشق الأول يخدم الدول الغنية، بينما لا ينطبق ذلك على تشريع الانتقال الحر للعمالة.
سيقول البعض إن جزءا لا يتجزأ من المأساة الجديدة، بخاصة فيما يتعلق بالمهاجرين العرب من سوريين وفلسطينيين، وربما يمنيين بعد حين، هو الربيع العربي والثورات، ما يعني أن منطق هؤلاء هو أن على الشعوب أن تبقى تحت أحذية الطغاة إلى أبد الآبدين، يورثونها إلى أبنائهم جيلا فجيل كي لا تحدث معاناة جراء الثورات، مع أن حروب أوروبا قبل أن تصل إلى توافقاتها الحالية قد أسفرت عن ضحايا بعشرات الأضعاف.
ولأن لسوريا حصتها من المهاجرين الغرقى، ومن بينهم لاجئون فلسطينيون يعيشون في مخيماتها، فإن من العبث تجاهل طاغية شرع يقتل شعبه، ومن ورائه أدعياء ثورة إسلامية يتباكون على ألف قتيل في اليمن، ويتجاهلون ملايين من القتلى والجرحى والمهجرين في سوريا لأجل بقاء نظامهم الطائفي في دمشق، لكأن قدر السوريين أن يظلوا تحت حكم عائلة بسطوة الأمن إلى يوم الدين، ومن ورائها أقلية طائفية لا ترى بقاءها إلا في بقاء تلك العائلة.
سوريا جزء من مأساة أوطان أرادت أن تتحرر لكي يعيش أبناؤها بحرية وكرامة، ولكي لا يركبوا قوارب الموت بحثا عن حياة أفضل، لكن الطغاة أنفسهم، ومن ورائهم قادة إيران تربصوا بالربيع، فكان ما كان، لكن المأساة هي ذاتها في دول العالم الثالث كله.
كل الإجراءات التي يتحدث عنها الأوروبيون للتخفيف من مآسي الموت في البحر لن تخفف من جريمتهم، لا سيما حين يركزون أولا وقبل كل شيء على من يسمونهم تجار الموت من أصحاب القوارب، وليس على أصل المشكلة التي تجعل ما يفعله هؤلاء خدمة إنسانية بالنسبة لطالبي الهجرة، حتى لو كان ثمنها الكثير من المال.
مأساة يبدو أنها بلا حل، بل إن منظومة الاقتصاد العالمي ستفاقهما بمرور الوقت.. تلك المنظومة التي تزيد الأغنياء غنىً والفقراء فقرا.. وإلى أن يثور الفقراء والغلابى على هذا الواقع في كل مكان؛ ستتواصل المأساة، سواءً ركب الناس البحر أم ظلوا في بؤسهم المقيم حيث همْ.
نعلم أنه مقابل الذين غرقوا هناك أضعافهم وصلوا بسلام بعد رحلة طويلة كان الموت خلالها يتراقص أمام أعينهم، لكن النتيجة أننا أمام رحلة موت على أمل الحياة، وهي حياة لا تبدأ مباشرة بعد الوصول إلى الشاطئ الآخر، إذ سيمر أكثرهم بفصول من المعاناة الأخرى، هم وعائلاتهم حتى يستقروا ويتأقلموا مع الوضع الجديد، فيما يمكثون في أوضاع بائسة لزمن طويل، ولا تسأل عن حرمانهم من أحبابهم الذين تركوهم خلفهم، وديارهم التي أحبوها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من المسؤول عن معاناة هؤلاء، ولماذا يجمع بعضهم شقاء العمر، وربما يستدين لكي يركب رحلة لا يدري هل تنتهي بحياة أخرى أم بموت؟
المؤكد أن المسؤول الأكبر هنا هو الغرب نفسه، فهو الذي مارس نهبا منظما طوال قرون لثروات العالم الثالث. وما أكثر هذه الرفاه الذي يعيشه سوى نتاج ثروات الفقراء. ولم يتوقف عند ذلك، فقام بدعم أسوأ أنواع الطغاة في العالم الثالث، والذين أكملوا مسلسل النهب والفساد، لتزيد معاناة الناس أكثر فأكثر.
وحين ضجّ الناس وذهبوا يبحثون عن ملجأ في الدول التي صنعت لنفسها الثراء بدماء أوطانهم، سُدت الأبواب في وجوههم، وقيل لهم إن العولمة تعني الانتقال الحر للبضائع والأموال والخدمات، لكنها لا تعني الانتقال الحر للعمالة، لأن الشق الأول يخدم الدول الغنية، بينما لا ينطبق ذلك على تشريع الانتقال الحر للعمالة.
سيقول البعض إن جزءا لا يتجزأ من المأساة الجديدة، بخاصة فيما يتعلق بالمهاجرين العرب من سوريين وفلسطينيين، وربما يمنيين بعد حين، هو الربيع العربي والثورات، ما يعني أن منطق هؤلاء هو أن على الشعوب أن تبقى تحت أحذية الطغاة إلى أبد الآبدين، يورثونها إلى أبنائهم جيلا فجيل كي لا تحدث معاناة جراء الثورات، مع أن حروب أوروبا قبل أن تصل إلى توافقاتها الحالية قد أسفرت عن ضحايا بعشرات الأضعاف.
ولأن لسوريا حصتها من المهاجرين الغرقى، ومن بينهم لاجئون فلسطينيون يعيشون في مخيماتها، فإن من العبث تجاهل طاغية شرع يقتل شعبه، ومن ورائه أدعياء ثورة إسلامية يتباكون على ألف قتيل في اليمن، ويتجاهلون ملايين من القتلى والجرحى والمهجرين في سوريا لأجل بقاء نظامهم الطائفي في دمشق، لكأن قدر السوريين أن يظلوا تحت حكم عائلة بسطوة الأمن إلى يوم الدين، ومن ورائها أقلية طائفية لا ترى بقاءها إلا في بقاء تلك العائلة.
سوريا جزء من مأساة أوطان أرادت أن تتحرر لكي يعيش أبناؤها بحرية وكرامة، ولكي لا يركبوا قوارب الموت بحثا عن حياة أفضل، لكن الطغاة أنفسهم، ومن ورائهم قادة إيران تربصوا بالربيع، فكان ما كان، لكن المأساة هي ذاتها في دول العالم الثالث كله.
كل الإجراءات التي يتحدث عنها الأوروبيون للتخفيف من مآسي الموت في البحر لن تخفف من جريمتهم، لا سيما حين يركزون أولا وقبل كل شيء على من يسمونهم تجار الموت من أصحاب القوارب، وليس على أصل المشكلة التي تجعل ما يفعله هؤلاء خدمة إنسانية بالنسبة لطالبي الهجرة، حتى لو كان ثمنها الكثير من المال.
مأساة يبدو أنها بلا حل، بل إن منظومة الاقتصاد العالمي ستفاقهما بمرور الوقت.. تلك المنظومة التي تزيد الأغنياء غنىً والفقراء فقرا.. وإلى أن يثور الفقراء والغلابى على هذا الواقع في كل مكان؛ ستتواصل المأساة، سواءً ركب الناس البحر أم ظلوا في بؤسهم المقيم حيث همْ.
ياسر الزعاترة – الدستور