لطالما أسعد قلب الوالدين رؤيتهم لأبناهم وهم يتناولون الطعام بشهية وتزداد تلك السعادة حين ما تكون بالقدر والنوع الكافي لنمو جسمه السليم، لكن ما يحدث في سوريا في ظل الحرب التي صنعها النظام وأتباعه الروس والإيرانيون، أثرت سلباً على نفسية الأطفال، وزادت من معاناة الأهل وقلقهم المستمر، حول كيفية تأمين الطعام لأطفالهم والمسكن الملائم، مع تدهور ملحوظ في أحوالهم الاقتصادية والمادية في ظل تلك الظروف القاسية والمؤلمة.
تقول أم رامي من ريف إدلب” أنا من الأمهات الولود ولدي أعصاب هادئة تتيح لي تحمل مزاج أبنائي المتقلب في مختلف مراحل نموهم لكن حالات الخوف الشديدة من قصف الطيران ومشاهدة أطفالي لحالات الموت والدمار أثرت سلباً على سلوكهم ونفسيتهم فأحياناً أمضي ساعات طويلة في إعداد الخبز والطعام من أجلهم لأجد لديهم بعد هذا عدم الرغبة بالأكل وتأجيل ذلك إلى ما بعد.. آه لقد كانت ضحكاتهم وهم يتقاسمون رغيف الخبز الطازج تثلج صدري”.
كما تكشف جارتها سعاد عن مرض ابنها وفقدانه للشهية الأكل” كم أعاني من مرض التهاب اللوزتين المستمر لدى طفلي عمر (7سنوات) وأعمد لعرضه على طبيب للأطفال وبعد الانتهاء من العلاج وماهي إلا أيام قليلة يعود لحزنه الشديد على فراقه والده المعتقل في سجون النظام ويعود لمرضه من جديد ..وتبدأ معاناة العلاج ..لأن السبب لم يختفي لديه فذاكرته الصغيرة تجعله لا ينسى من يحب”
فقدان الشهية مشكلة تشغل تفكير الآباء والأمهات، يقول أبو علاء “كنت أحرص على تأمين المتطلبات الغذائية الأكثر نفعاً لنمو أطفالي كالحليب والخضراوات والبقول، التي تغني عن اللحوم والدجاج، وأطلب من زوجتي وضع الخضار كالخس والبندورة لتزهو الألوان على المائدة وأرغّب الأطفال بتناول البقول التي لا تنال منهم الرضى والقبول؛ كمجدرة العدس والبرغل”.
كما يُلاحظ في كثير من الأحيان إقدام الأهل على إعطاء أطفالهم حبوبا مشهية وهي مجموعة من الفيتامينات لفتح الشهية كعلاج مؤقت يساهم في تحسين وضعهم الصحي، ومشاركة الأبناء في إعداد الطعام وتحضيره بيدهم أيضاً يساهم في التقليل من مشكلة فقدان الشهية؛ فحب الطفل لمساعدة والدته وشعوره الرائع بالقرب منها حتى في إعداد الطعام، مثل تقشير الثوم وتكسير البيض وتقطيع الطماطم يزيد في رغبته للأكل.
تقول أم هاني كان طفلي يلجأ إلى الامتناع عن الطعام عندما أمتنع عن تحقيق رغبة من رغباته -الأمر الذي كان كثيرا مايقلقني- لكني حسمت أمري بطريقة جديدة، وقررت رفض تلبية رغباته، وبالمقابل عمدت في الفترات نفسها لتحضير أطعمة مميزة ومفيدة وبجانبها وجبة من الشوكولا، وأعلم تماما مقدار ضعفه في مقاومته لمثل هذا النوع من الأطعمة يرغب بها ويحبها، وطبعاً كل الأطفال لا يستطيعون مقاومتها.. وبعد الانتهاء من الوجبة الرئيسية أقدم الشوكولا ممزوجة مع محبتي وابتسامتي”
مهما كانت الأسباب مَرَضية أو نفسية أو معاناة اجتماعية واقتصادية فعلى الأهل تقبل أمر فقدان الشهية لدى أطفالهم بكل رحابة صدر والحرص على حلها بالتأني والصبر وليس بالتذمر والقلق تقول جدة هاني” رح يجي اليوم يلي بتعود فيه الضحكة لولادنا.. ورح نقول لحظتها.. أكل الرجال على قدر فعالهم”.
المكز الصحفي السوري – بيان الأحمد.