الأزمة السورية ألقت بثقلها على الأطفال والشباب والشيوخ وحتى البهائم، يعاني أهالي سوريا ما يعانيه من القصف والتهجير والحصار، وما يتبعه من نقص في الغذاء والمواد الأساسية وخصوصا الدواء وحليب الأطفال، الأمر الذي أودى بحياة الكثير من الأطفال الرضع.
انقطاع مادة الحليب الصحي في المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة، لا سيما في محافظة إدلب، التي تعاني من انقطاع تام لحليب الأطفال، الذي كان يُوزّع في مراكز عدة وبأصنافٍ مختلفة، يعتمد عليه معظم الأهالي في طعام الأطفال حديثي الولادة، ومع انقطاع هذه المادة أُجبر العديد من الأمهات إلى اللجوء لبدائل لإطعام أطفالهن، الأمر الذي تسبب بحالات تسمم وأمراض عديدة لهؤلاء الأطفال.
السيدة “رهام” من ريف إدلب الجنوبي، وهي أم لطفلة رضيعة لا يزيد عمرها عن شهر ونصف، تقول: “منذ ولادة الطفل حتى يصبح عمره ست أشهر يحتاج إلى حليب صحي مجفف رقمه واحد، ومع افتقادنا لحليب الاطفال بشكل عام وإلى الرقم واحد بشكل خاص، الذي كان يأتي عن طريق الإغاثة، اضطررت لإيجاد طرق بديلة لسد جوع طفلتي، حيث أصبحت أستخدم حليب الأبقار بعد أن أضيف إليه الماء، لن نسبة الدسم فيه مرتفعة ولا تناسب الأطفال حديثي الولادة، كما أنني استخدمت مغليات الأعشاب، ومغلي الرز المطحون، والنشاء، والراحة المذابة (نوع من الحلوى)، وهذه الأمور تسببت بحالات تسمم والتهاب بالأمعاء، وإسهال وحالات الجفاف”.
الاقتصار على الرضاعة الطبيعية يعود بمنافع كثيرة على الرضيع وأمّه، وفي مقدمة تلك المنافع الحماية من العدوى المعدية – المعوية، ويسهم التبكير بتوفير الرضاعة الطبيعية، أي في غضون ساعة واحدة بعد الميلاد، في حماية الولدان من اكتساب العدوى وخفض معدلات وفاتهم، ويمكن أن ترتفع مخاطر الوفاة جرّاء الإسهال وغيره من العدوى بين الرضّع، الذين لا يستفيدون من الرضاعة الطبيعية إلاّ جزئياً أو لا يستفيدون منها على الإطلاق.
تضيف السيدة رهام: “إن الرعب والخوف الذي نعيشه جراء القصف المتواصل، وأيضا سوء التغذية، أدى إلى جفاف حليب الأمهات المرضعات، حيث أصبحت معظم الأمهات تعتمد على الحليب الصناعي، طفلتي تحتاج كل اسبوع الى علبة حليب رقم واحد، وان توفر في بعض الصيدليات فإن ثمنه مرتفع جداً حيث وصلت علبة الحليب (ببيلاك 1)، في بعض المناطق إلى 3500 ليرة سورية أي ما يعادل 10 دولارات، وهذا سعر مرتفع جدا بالنسبة للعائلات ذوي الدخل المحدود، خصوصا في هذه الظروف المعيشة الصعبة وارتفاع الأسعار”.
يتم في البعض من الأحيان جلب مادة الحليب من تركيا، عن طريق حملات إغاثية من منظمات وجمعيات أو متبرعين، ولكن مهما قدم من كميات يبقى النقص ملحوظا بسبب الاستهلاك المتزايد من قبل الأطفال، فضلا عن فشل العديد من محاولات وصول هذه الإغاثة، إلى مناطق الاشتباكات المستمرة، وبسبب الكمائن التي تتعرض لها هذه الشحنات من قبل اللصوص أثناء قدومها.
ووجهت الأمهات المرضعات نداءات استغاثة لكافة المنظمات، التي تهتم بالطفولة داخل سوريا وخارجها، بإنقاذ هؤلاء الأطفال من خلال تأمين كميات الحليب المطلوبة.
علي الحاج أحمد ـ اتحاد الديمقراطيين السوريين