امتدّت الأعمال الفنية المتعلقة بمجريات الحراك الثوري في بلدة كفرنبل لتصل بعد لافتاتها التي عبّرت بطريقة رسومية و كاريكاتورية ساخرة عن الواقع المرير الذي يمرّ به الشارع السوري خلال سنوات الحرب إلى فكرة تعبيرية جديدة عن طريق إنشاء لوحات فسيفسائية تجمع معاناتهم اليومية الحاضرة في أذهانهم.
قام فنانو بلدة كفرنبل بجمع قطع الفسيفساء لتشكّل لوحات كبيرة، متعهدين من خلال ذلك لأحجار بلدتهم أن يوصلوا معاناتها إلى العالم بأسره عبر فن شرقي عريق، إذ عمل أولئك الشباب على تجسيد لافتاتهم و صورهم المبتكرة عبر لوحات فسيفسائية أدهشت العالم بحرفيتها و دقة العمل بها و تعبيرها عن الواقع الذي يعيشه أبناء تلك البلدة.
أنجز مجموعة من فناني البلدة لوحة فسيفساء، أطلقوا عليها عنوان ” بانوراما الثورة ” تختصر مراحل الحراك الثوري و تتناول مجريات عدّة، تتضمن العديد من رموز الثورة مؤكدين بذلك وحدة الدم و المصير السوري.
حاكت لوحة ” بانوراما الثورة ” التسلسل الزمني للحراك الثوري منذ انطلاقه سلمياً وصولاً لتحوله إلى حراك مسلّح، كما قام منشئو تلك اللوحة برسم مستقبل مشرق للحال السوري على حسب تصورهم، مارين بأحداث كان لها دوراً كبيراً في تغيير الأحداث على الأرض.
تشكلت اللوحة من أكثر من مليوني قطعة فسيفسائية، استغرق العمل بها عدة شهور بعشرات الأيادي المبدعة من أبناء بلدة كفرنبل، الذين ترعرعوا على هذه الحرفة التي تعد مصدر رزق لأهالي البلدة منذ سنين عديدة.
أحمد أحد فنانو العمل الفسيفسائي من أبناء بلدة كفرنبل حدثنا عن طبيعة العمل قائلاً ” نقوم بجمع ما نستطيع من القطع الحجرية الصغيرة لنقوم بتجميعها و تشكيلها لتصبح فيما بعد لوحة فسيفسائية متكاملة تعبر عن غرض ما نستطيع من خلالها إيصال رسالة من الشعب على الأرض للعالم بأجمعه، علماً أننا لا نتلقى أي دعم مادي إنما الجهد القائم هو جهد شخصي تطوعي لتسليط الضوء على ما نمر به يومياً من معاناة ” .
كما أطلقت مؤخراً مؤسسات إنسانية مشروعاً لإنتاج لوحات الفسيفساء في المدينة، لترعى من خلال ذلك المشروع الأيادي العاملة في هذا الفن و تحفظ تلك الإبداعات من الضياع، و من المتوقع أن تدخل الأيدي العاملة النسائية لتشارك الشباب الثائر في تجسيد الأعمال الثورية بطريقة فنية إبداعية.
و تعتبر اللوحات الفنية في كفرنبل رسائلاً تعبيرية هدفها إيضاح صورة الواقع السوري للعالم أجمع، تحول بعد ذلك فنانو هذه اللوحات لرسم و إنتاج لوحات يحاولون من خلالها إصلاح المسار الثوري لبعض القيادات المعارضة، موصلين من خلالها فكرة معينة لجميع الجهات المختصة بالثورة السورية في الداخل السوري أو على الصعيد الدولي .
برهن شباب كفرنبل بطريقتهم الخاصة و المبتكرة للعالم بأسره، أن الشعب السوري سيبقى صامداً رغم كل ما يحل به يومياً من قصف و قتل و تشريد، و أنهم مدركين للواقع الذي يعيشون فيه مؤمنين بثورتهم و أهدافها، مصرين على العيش في ظل الحرية و الكرامة كباقي شعوب العالم المتحضر.
المركز الصحفي السوري – محمد الثائر