منذ بداية الحراك الثوري في سوريا، قام العديد من الجنود والضباط العسكريين والمتطوعين بالانشقاق عن الجيش السوري الذي كان ومازال يتزعم حماية البلاد ومكافحة الإرهاب، فكانت أرواحهم المتعطشة للحرية هي الدافع الأقوى لترك إجرام النظام وتبعيته، فهم عبارة عن أحجار يرميها النظام ليحقق بها غاياته المرجوة في قمع ثورة الشعب السلمية.
فمنهم من هاجر خارج البلاد ومنهم من انضم للفصائل الثورية في جبهات القتال، والبعض الآخر كان حياديا قرر العيش في المناطق السورية المحررة من قوات النظام.
لم يكن الانشقاق عن جيش النظام نهاية مطاف الظلم والمعاناة، بل زاد الظلم شدة وقسوة عليهم بعد استهداف قوات النظام لعائلاتهم وذويهم واقتحام منازلهم وحرقها بعد سرقة ممتلكاتها.
وقامت الحكومة التركية بإنشاء مخيم “إبايدين” للمنشقين العسكريين في ريهنلي في مدينة هاتاي التركية لتأمين الحماية اللازمة لهم .
وتعد البطاقة الشخصية “الهوية” من أكبر المشاكل التي تواجه العسكريين المنشقين، فالنظام يقوم باحتجاز بطاقاتهم الشخصية المدنية خلال فترة تأديتهم للخدمة الإلزامية في الجيش السوري، ليبقى مصير بطاقاتهم مجهولا، حيث تعرضوا للعديد من المواقف أثناء مرورهم على الحواجز في مناطق سيطرة المعارضة.
وسيم شاب في العشرين من عمره كان مجندا يخدم في ريف دمشق وانشق عن جيش النظام عقب تحرير مدينته ادلب يتحدث عن معاناته :” خرجت من الثكنة العسكرية التي كنت أخدم بها ولا يوجد بحوزتي أي شيء يثبت هويتي حتى البطاقة العسكرية، ومن هنا بدأت معاناتي، كلما مررت بحاجز للثوار يطلبون هويتي الشخصية التي لا أملكها، الأمر الذي دفعهم للشك بي واصطحابي للتحقيق ظنا منهم أني مخبر من أعوان النظام، وتتكرر هذه الحادثة عند كل حاجز اضطر لاجتيازه”.
كل ذلك لم تحرك إدارة المناطق المحررة ساكنا، في إيجاد حلول لهؤلاء المنشقين بأبسط حقوقهم.
ويقول أمين السجل المدني في نوى التابعة لمحافظة درعا المحامي أحمد الحوراني في حديثه مع الجزيرة نت أن افتتاح السجل المدني في نوى للتخفيف عن المواطنين من أعباء الذهاب لمناطق النظام وتعرض بعضهم للاعتقال.
ويقدم السجل المدني بطاقات تعريف بديلة ومؤقتة سواء للعسكريين المنشقين أو للمدنيين الذين فقدوا هوياتهم، ويتم الحصول عليها بعد تقديم طلب لدى الشرطة التابعة للمعارضة.
وللأطفال نصيب من المعاناة الذين بلغوا الرابعة عشر من عمرهم بعد تحرير مدنهم في ظل تخوف ذويهم من إرسالهم إلى مناطق سيطرة النظام لإخراج الهوية الشخصية .
انتشرت مؤخرا ظاهرة تزوير الوثائق الشخصية ومن ضمنها الهويات لكن سلبياتها فاقت التوقع، حيث كانت في البداية لتسيير أمور المنشقين وفاقدي البطاقات لتتحول لاحقا لوسيلة للمتاجرة بها ، فقد قام العديد من تجار الأزمات ببيع هويات سورية مزورة للبنانيين بمبلغ لا يتجاوز 100 دولار بهدف استخدامها للحصول على الإعانات التي تقدمها الأمم المتحدة للاجئين السوريين في لبنان أو للتقدم بطلب الهجرة لأحد الدول الأوروبية.
طمست الحرب معالم وهوية السوريين بكافة شرائحهم ليعيشوا حياة من المعاناة المستمرة لتبقى مسألة الهوية الشخصية المعضلة الكبرى أمام العديد من المنشقين والمدنيين الفاقدين لأبسط حقوقهم في وطنهم سوريا.
سماح خالد
المركز الصحفي السوري