يضع فيلم “غاندي الصغير” -الذي يحكي قصة الشهيد السوري غياث مطر-، المشاهد في أطر تتلاقى أضلاعها لتشكل مجتمعة مشهد الثورة السورية المتواصلة منذ خمس سنوات.
ويتحدث فيلم غاندي الصغير عن قصة الشاب مطر، أحد نشطاء الثورة السورية في عهدها السلمي، مبرزا قسوة نظام بشار الأسد الذي قتله داخل محبسه في 10 سبتمبر/أيلول 2011.
ويسلط الفيلم الذي عرض أمس الأربعاء في مدينة إسطنبول التركية الضوء على جدلية التحول من حالة الثورة السلمية إلى الكفاح المسلح الذي طال أمده دون آفاق للحل، متخذا بعده المكاني من مدينة داريا -مسقط رأس الشهيد في ريف دمشق- المعروفة بعاصمة الثورة السلمية.
ولقي الفيلم تفاعلا كبيرا من النشطاء السوريين والعرب الذين حضروا عرضه بإسطنبول بدعوة من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، والمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية، وأسرة إنتاج الفيلم.
الثائر النموذج
مخرج الفيلم سام القاضي قال إن “أهمية التركيز على شخصية الشهيد مطر تكمن في التذكير بأن الثورة السورية بدأت سلمية، لكنها قوبلت بالعنف من النظام الذي قام بتصفية رموزها ووضعهم في زاوية دفعتهم للتسلح حتى سرقت منهم الثورة”.
وعن رسالة الفيلم قال القاضي إنها “تكمن في أن شباب الثورة السورية هم شباب واع مثقف تأثر بمارتن لوثر كينغ وبمهاتما غاندي وليس شبابا إرهابيا”، مضيفا في كل مدينة وقرية وحي بسوريا هناك غاندي صغير قتل مظلوما لأنه يطالب بالحرية.
وفي حديث للجزيرة نت أكد المخرج السوري المقيم بأميركا أن مصداقية المتحدثين في الفيلم، ومصداقية رسالتهم، وشخصية غياث مطر المميزة والتي تجسد الجرأة والشجاعة، هي أهم عوامل نجاح الفيلم، واستحواذه على انتباه الكثيرين، مشيرا إلى أن الثورة السورية قدمت الكثير من النماذج على هذه الرموز الواعية والمخلصة لقضاياها والمثقفة مما أكسبها احترام العالم.
وكان عرض الفيلم قد سُبق بتقديم من الأمين العام لائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية محمد يحيى مكتبي الذي ركز على شرعية مطالب الثورة السورية التي انطلقت عام 2011 للمطالبة بحقوق سلبت على مدى 40 عاما من القمع والظلم.
أما سوزان مطر شقيقة الشهيد غياث الصغرى فروت تفاصيل من سيرته قبل رحيله، مؤكدة أن الثورة السورية أنجبت رموزا لا تقل إلهاما عن رموز الثورات العالمية عبر التاريخ.
صناعة التأثير
من جهته لفت مدير المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية المنتج للفيلم رضوان زيادة النظر إلى الاتجاه الإعلامي السائد في المجتمعات الغربية، والقائم على صناعة التأثير عبر تجسيد القضايا بشخصيات.
وقال للجزيرة نت إن “الفيلم وجه رسالته بصورة رئيسية إلى المشاهد الغربي، عبر إبراز انطلاق الثورة على أيدي ناشطين سلميين ينتمون للطبقة الوسطى، وخريجين جامعيين يهدفون إلى بناء سوريا جديدة تحلم بالحرية والديمقراطية”.
ورأى زيادة أن الفيلم نجح بإيصال هذه الرسالة من خلال اختيار شخصية غياث مطر، صاحب فكرة إعطاء الورود للشرطة ورجال الأمن، كي يقول لهم إن الثوار ليسوا أعداء بل هم طلاب حرية وبناء.
واعتبر أن أهمية عرض الفيلم في تركيا تكمن في كونها أول بلد يعرض فيها الفيلم بعد صالات الولايات المتحدة الأميركية، كما أنها توفر فرصة مثالية لأخذ رأي الجمهور السوري المنتشر بكثرة على أراضيها.
فيلم عاطفي
أما الكاتب والإعلامي السوري خطيب بدلة، فوصف الفيلم بأنه “من الأفلام ذات الطبيعة العاطفية”، التي تروي سيرة الضحية، وتظهر إجرام الأنظمة المستبدة بحق الشعوب التي تطالب بالحرية والديمقراطية، دون إظهار الطرف الآخر في عملية القمع.
وقال بدلة للجزيرة نت إن “هذه المعادلة تجعل توجيه أي نقد فني للفيلم محل رفض من قبل جمهوره المتأثر عاطفيا بأحادية العرض، على قاعدة أنت تتحدث بالفن ونحن شعب يقتل”.
ووفقا للإعلامي السوري فإن أهم ما في الفيلم هو التركيز على سلمية الثورة وإبرازها ثورة شعب لا ثورة تنظيم الدولة الإسلامية أو ثورة مسلحين.
وتابع “لو نظرنا إلى الفيلم من الناحية الروائية فإنه ينقصه عرض مشهد الطرف الثاني من المعادلة الإنسانية، لكنه يقدم رسالة إلى العالم الغربي الذي يمجد نضال غاندي السلمي”.
المصدر : الجزيرة