العميد الركن أحمد رحال
من المعروف أن نظام (الأسد) وعلى مدار خمسة عقود, فشل في كل ما من شأنه خدمة الشعب السوري أو العمل على بناء مؤسسات الدولة ونجح فقط (وهذا أمر نعترف به) بأنه بنى جهازاً استخباراتياً محترفاً في فن بناء المؤامرات واللعب على التناقضات العربية والإقليمية واستغلال الأحداث, وامتلك (بنك معلومات أمنية) تسيل له لعاب كل أجهزة المخابرات العالمية وجعلته مقصداً لها, وهيأت لهذا النظام أن يرتبط مع أجهزة مخابرات الغرب ومن ضمنها إسرائيل بعلاقة مصلحية, وتلك الحاجة لخدمات مخابرات (الأسد) وضرورة الحفاظ على تلك المصالح المتبادلة دفعت بـ(حالوتس) لأبعد من ذلك عندما خشي من سقوط نظام (الأسد) نتيجة تردي أوضاعه العسكرية بمعاركه مع قوات الثوار ونتيجة ضعف الإمدادات القادمة من إيران بسبب الضائقة الاقتصادية التي تعيشها طهران.
هذا الجهاز الاستخباراتي الأسدي البارع بحياكة المؤامرات والمكائد واستغلال الظروف والذي بناه (الأسد) الأب ولحق به (بشار) الابن, دفعته لالتقاط تصريحات رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي (دان حالوتس) قي لقاء له على الإذاعة العبرية عندما قال: “إن مصلحة إسرائيل والغرب هو ألا تحقق التنظيمات الإسلامية نصراً على (نظام الأسد), مضيفاً: الغرب سيرتكب خطأً كبيراً في حال سمح بسقوط (نظام الأسد), الذي لم يكن يوماً مؤذياً لإسرائيل أو الغرب في حال ضمن بقاءه في السلطة”.
التقاط تلك التصريحات دفعت بعصابات الأسد مدعومة من حزب الله بالتحضير لعملية في جبهة الجولان, التي فقدتها قوات (الأسد) بعد معارك ضارية مع ثوار الجبهة الجنوبية الذين تسيدوا الموقف وطردوا قوات النظام من معظم جبهة الجولان مع إسرائيل, أما طبيعة تلك العملية التي أرادها جهاز استخبارات الأسد وبالتعاون مع عناصر حزب الله وبغض النظر عما تكون, فمن الواضح أن غايتها هو إشعال الجبهة مع إسرائيل أو افتعال عمليات تنسب للثوار أو لبعض التنظيمات الإسلامية, تأتي كشاهد على تخوفات (دان حالوتس) بشأن ما يحدث في سوريا, وبالتالي تخلق واقعاً جديداً يضفي حيثيات جديدة للإبقاء على نظام (الأسد).
الغارة الإسرائيلية على مزرعة (الأمل) الواقعة على مجنبات اللواء (90) التابع لجيش (الأسد), تثبت وبما لا يدع مجالاً للشك أن هناك عملاً ما كان يحضر ضد إسرائيل, ومن ناحية أخرى يؤكد أيضاً أن هناك اختراقاً أمنياً إسرائيلياً كبيراً داخل صفوف (حزب الله) وجيش (الأسد), استطاعت من خلاله الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من وقف تلك العملية قبل وقوعها عبر غارة نفذتها حوامة “أباتشي” قتلت من خلالها وحسب اعتراف الحزب (سبعة) من قادة حزب الله من بينهم (محمد عيسى) مسؤول عمليات حزب الله في سوريا والعراق و(جهاد مغنية) الابن الأصغر للقائد العسكري السابق لقوات حزب الله (عماد مغنية) والذي اغتالته إسرائيل في شوارع دمشق عام (2008).
العملية التي كان يحضر لها في الجولان من قبل حزب الله وعناصر مخابرات الأسد والهادفة لزعزعة الجبهة مع إسرائيل, والتي تأتي بعد يومين من تصريحات (إعلامية) لقائد حزب الله هدد فيها بنقل المعركة لداخل إسرائيل, وتأتي أيضاً كتصديقاً لنبوءات (رامي مخلوف) التي قالها مع بداية الثورة السورية وكتحذير لإسرائيل عندما قال: (أمن إسرائيل من أمن سوريا).
إذاً, فـ تلك العملية التي أرادها نظام الأسد وحزب الله في الجولان لا تتوقف عند عدد المقتولين ولا بنوعية الخرق الأمني لـ(حزب الله), بل تتوقف عند توقيتها وما أراده (الأسد) وجهاز استخباراته من هذا الاستغلال السمج لتصريحات المسؤولين الإسرائيليين الأخيرة المطالبة بإبقائه على سدة الحكم, وتفضح مدى التنسيق (الأسدي) القديم- الجديد, للقائد الممانع والمقاوم, مع المصالح الإسرائيلية, هذا القائد الذي ما برح يتغني وينسب لنفسه محاربته لإسرائيل وللإمبريالية الأمريكية, كتصريحات إيران التي صدعت رؤوسنا ومعها حزب الله بمحاربتها الشيطان الأكبر وضرورة إزالة إسرائيل من الوجود.
“حسن نصر الله” وقبل يومين حذر من انه سيرد على أي اعتداء إسرائيلي على عناصره في سوريا أو في لبنان, ننتظر رده, والمتوقع أن يكون كرد حليفه وشريكه (بشار) الذي ما فتء يحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين.
العميد الركن أحمد رحال