لم يبق من العيد في سورية سوى اسمه من الإعادة و التكرار, ولولا أننا أمرنا بالاحتفال به لما بقي منه سوى الألم والذكريات.
وككل عيد مر منذ أكثر من خمس سنوات على بداية الحرب في سورية, جاءت أيام هذا العيد حاملة معها الكثير من الحزن والألم على أناس فقدوا من جديد منهم من مات ومنهم من اعتقل ومنهم من هاجر بعيداً لم يبى منهم إلا الذكريات التي تعتصر الفؤاد.
وليس ذلك فحسب فمزيد من الخوف لاحق الجميع من تنفيذ غارات جوية في أيام العيد وخصوصاً أن النظام لم يعد يفرق بين مقاتل أو مدني أو بين طفل وامرأة, فالجميع سواسية والجميع إرهابيون في نظرهم.
في هذا العيد حاول أهالي مدينة إدلب التقليل من التجمعات التي تحصل في العيد وذلك بعزوف الكثير من أصحاب الألعاب عن التجمع في مكان واحد واقتصروا على وضع الألعاب في الأماكن التي يقطنون فيها, مع أن هذه الظاهرة كانت موجودةً سابقاً إلا أنها أصبحت أكثر نشاطاً هذا العيد, فالناس تخوفت من غارة على المدينة رغم أن هذا العيد بدأ النظام بهدنة ل (72 ساعة) شملت جميع الأراضي السورية ابتداءاً من اليوم الأول الساعة الثانية عشر صباحاً لتنتهي في اليوم الذي يلي انتهاء العيد وفي نفس الوقت.
في كل زقاق وحي أصبحت لها مدينة الألعاب الخاصة بها يقصدها أطفال الحي فقط وربما يزورها أطفال الأحياء المجاورة, أبا محمد (52 عاماً) يملك لعبة الأرجوحة وضع أرجوحته أمام منزله هو لا يريد أن يجمعها مع باقي ألعاب المدينة خوفا من التجمعات يقول “رغم الهدنة التي أعلنها النظام إلا أننا متخوفون من غارة غادرة على المدينة فنحن تعودنا على تلك الأساليب, ومع أن وضع أرجوحتي في العيد مع باقي الألعاب في المدينة سيدر عليّ أرباحاً أكثر من وجودها هنا كونه سيقتصر اللعب فيها على أطفال حيّنا فقط”.
سامي وأخته الصغيرة تلقوا تعليمات كثيرة من والديهما قبل الخروج وعدم الابتعاد عن الحي “والدينا قالا لنا بأن ألعاب الحي تكفي لنستمتع طوال اليوم مع أن هناك ألعابا غير موجودة كالقلابة فنحن نحبها كثيراً وأيضاً هناك حصان العم سمير فأنا كنت أركب به كلما أذهب إلى العيد أما الآن فقد حرمنا منه”.
وفي حيٍ آخر تتعالى أصوات “أبا عبدو” وهو يحرك الأرجوحة أعلى وأسفل ويردد الأطفال مع كل جملة يقولها كلمة “هويا” ويتناغم صوته بتلك الكلمات “يا حج محمد.. عيرلي حصانك.. لنط وأركب.. وألحق اسكندر.. اسكندر ما مات.. خلف بنات.. بناته سود.. متل القرود.. عندي وزة.. تقرط الرزة .. والرز غالي.. حقه مصاري.. يا جحش خالي.. عنطز رماني.. في أرض الحمرة.. يبعتله جمرة..”.
هكذا أمضى أطفال مدينة إدلب عيدهم, حيث نقلوا العيد إلى كل حي واختصروا ذلك المهرجان الكبير بمهرجان صغير امتد في كل حارة ممتلئاً بضحكات الأطفال الذين لن يثنيهم شيء عن متابعة الفرح.
المركز الصحفي السوري– أسماء العبد