تعكس المواقف السياسية الإقليمية والدولية عموما والتطورات الميدانية، أن جنيف 4 سيكون محطة جديدة فاشلة لحل الصراع السوري.
ولا تزال أطراف الصراع متمسكة بمواقفها، حيث تشدد المعارضة وداعموها على ضرورة أن يكون الانتقال السياسي المحور الرئيسي لمحادثات السلام المقررة في المدينة السويسرية الخميس، في المقابل يرفض الرئيس بشار الأسد وحلفاؤه وبالأخص الإيرانيين، مناقشة هذا الطرح.
وأكد مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الثلاثاء، أن عملية الانتقال السياسي في سوريا ستبقى محور جولة المفاوضات الجديدة.
وشدد مايكل كونتت، مدير مكتب دي ميستورا، للصحافيين الثلاثاء، في جنيف على أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الذي ينص على عقد “مفاوضات بشأن عملية انتقال سياسي” يبقى الأساس للجولة الجديدة.
وأوضح أن المفاوضات ستتركز حول ثلاثة مواضيع أساسية، هي “إنشاء حكم ذات مصداقية ولا يقوم على الطائفية”، وتحديد جدول زمني لصياغة دستور جديد، فضلا عن إجراء انتخابات.
ومن الثابت أن النظام السوري وإيران خاصة لن يقبلا بهذا التمشي، لأن ذلك سيعني إنهاء نفوذ طهران في سوريا، المتجسد عبر ميليشياتها الطائفية، المنتشرة في معظم أنحاء البلاد.
وتعتبر إيران سوريا نقطة محورية في الهلال الشيعي الذي تعمل بشكل حثيث على بنائه ويمتد من العراق وصولا إلى لبنان المطل على البحر الأبيض المتوسط.
وبالتالي فإن القبول بالانتقال السياسي، وما يعنيه ذلك من تنحية للأسد حليفها الموثوق، سينسف مشروعها التوسعي، وعلى هذا الأساس لن تقبل به كما الحال بالنسبة إلى دمشق.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، في تصريحات لصحيفة ألمانية الثلاثاء، إنه يتعين على الأسد التنحي من منصبه بالرغم من كل التقدم الذي حققه.
وأوضح أن “الحل الوحيد هو تصعيد الضغط على النظام، وإلا سنعيش لسنوات عديدة أخرى نعاني من حرب العصابات السورية”.
وحقق النظام السوري بفضل الدعم الجوي الروسي والميليشيات الإيرانية تقدما ميدانيا هامة، خلال الأشهر الماضية، ترجم خاصة في السيطرة على كامل حلب نهاية العام الماضي، والعديد من البلدات في ريف دمشق، بيد أن ذلك لا يعني بالمرة أنه قادر على فرض رؤيته للحل، القائمة على تشكيل حكومة موسعة تشارك فيها أطراف المعارضة مع احتفاظ الأسد بمنصبه.
ومنيت المعارضة المسلحة الثلاثاء بانتكاسة جديدة، إذ أفادت مصادر في بتجميد مساعدات عسكرية كانت تنسقها وكالة المخابرات المركزية الأميركية لمقاتلي المعارضة في شمال غرب سوريا وذلك بعد تعرضهم لهجوم كبير من جهاديين في الشهر الماضي.
ويثير ذلك شكوكا حول الدعم الخارجي للمعارضة المسلحة والذي يعد أساسيا في حربها مع الأسد.
وقال مسؤولون في المعارضة السورية إنه لا يوجد تفسير رسمي للخطوة التي اتخذت هذا الشهر بعد هجوم الجهاديين على فصائل تنتمي للجيش السوري الحر، لكن عددا من المسؤولين يعتقدون أن الهدف الرئيسي منها هو الحيلولة دون سقوط السلاح والمال المقدم للمعارضة المسلحة في أيدي جهاديين. وتوقع المسؤولون أن يكون تجميد المساعدات مؤقتا.
وسيعزز ذلك موقف وفد الاسد في مفاوضات جنيف المقبلة.
وسيكافح وفد النظام في جنيف الذي يترأسه مندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري في الدفاع عن وجهة النظر هذه، وهو ما لن يلقى أي صدى لدى المعارضة.
وفي ظل الوعي بأن محطة جنيف لن تكون سوى منصة للتراشق الإعلامي بين وفدي النظام والمعارضة، كحال المؤتمرات السابقة، تبحث الأخيرة وداعموها في جملة من الخيارات العملية لفتح ثقب في جدار الأزمة، وعلى رأسها الحل العسكري.
ويشجع المناخ الدولي الجديد بعد تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، هذا التوجه، خاصة وأن الأخير يبدو مندفعا أكثر من سلفه باراك أوباما حيال الأزمة السورية.
وتتقاطع المعارضة وداعموها وعلى رأسهم السعودية وتركيا مع واشنطن في عدة نقاط لعل أهمها إنهاء تنظيم داعش، ووضع حد للنفوذ الإيراني.
ومعلوم أن الإدارة الأميركية الجديدة تعتبر إيران الراعية الأولى للإرهاب في العالم، غير مستثنية حتى الخيار العسكري في مواجهتها، كما يتصدر أولوياتها القضاء على داعش في العراق وسوريا.
وأعلن وزير الخارجية السعودي استعداد بلاده لإرسال قوات إلى سوريا لمكافحة التنظيم المتطرف بالتعاون مع الولايات المتحدة.
وقال الجبير في تصريحاته لصحيفة “زود دويتشه تسايتونج”، “إن المملكة العربية السعودية ودولا أخرى بالخليج أعلنت عن الاستعداد للمشاركة بقوات خاصة بجانب الولايات المتحدة، وهناك بعض الدول من التحالف الإسلامي ضد الإرهاب والتطرف مستعدة أيضا لإرسال قوات”.
وتابع الوزير السعودي قائلا “سوف ننسق مع الولايات المتحدة بشأن الخطة.
العرب اللندنية