ينتظر عشرات الآلاف من المواطنين العرب ومن جنسيات أخرى في تركيا على أمل انهيار اتفاق اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي الذي تمكن من إيقاف حركة الهجرة من السواحل التركية إلى الجزر اليونانية ومنها إلى قلب أوروبا بعد مرور أكثر من مليون مهاجر منذ بداية العام الماضي.
وخلال الأيام الأخيرة، تصاعدت المخاوف بشكل غير مسبوق حول احتمال انهيار اتفاقية إعادة القبول بين تركيا والاتحاد، عقب تصريحات حادة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان شدد خلالها على أن بلاده لن تنفذ بعض شروط المفوضية الأوروبية المتبقية من أجل السماح بعبور الأتراك إلى دول الاتحاد بدون تأشيرة الدخول «شنغن».
وتربط تركيا بشكل كامل، بين إيفاء الاتحاد الأوروبي بوعده بإعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول، وبين الاستمرار في تنفيذ اتفاق اللاجئين «إعادة القبول» الذي قبلت تركيا بموجبه قبول إعادة اللاجئين الذي يصلون إلى اليونان من أراضيها بعد تاريخ 20 آذار/مارس الماضي.
وبسبب هذه الإجراءات، لم تشهد الأيام الخمسة الأولى من مايو/ أيار الحالي، أي تدفق للمهاجرين وطالبي اللجوء، إلى أوروبا من تركيا، عبر بحري إيجه والمتوسط، حيث انخفضت وتيرة الهجرة بشكل ملموس، بعد اتفاق بروكسل بين تركيا والاتحاد الأوروبي في آذار/مارس الماضي.
وتشير معطيات خفر السواحل التركية، إلى أن عدد المهاجرين الذين جرى ضبطهم في بحري إيجه والمتوسط خلال العام الماضي 91 ألفا، و611 شخصًا، فيما توقفت موجة اللجوء، التي شهدت ارتفاعًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2016، عقب دخول اتفاق «إعادة القبول» حيز التنفيذ، في 20 مارس/ آذار الماضي.
ولكن في حال انهيار الاتفاق، يتوقع أن يتدفق إلى أوروبا مئات الآلاف من اللاجئين خلال الأسابيع الأولى بفعل تكدس أعداد كبيرة من الذين ينتظرون هذه اللحظة في تركيا، بالإضافة إلى تكهنات بأن تعمل أنقرة على تسهيل وصولهم للاتحاد كـ»خطوة انتقامية» بسبب عدم تنفيذ الاتفاق.
أحد مهربي البشر والذي تحدث لـ»القدس العربي» رافضاً الكشف عن اسمه، أكد أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية واليونانية بالإضافة إلى الدوريات التي تقوم بها السفن الحربية التابعة لحلف شمال الأطلسي الناتو على مدار الساعة، كل ذلك جعل من أمكانية وصول السفن من تركيا إلى الجزر اليونانية أمر شبه مستحيل، على حد وصفه.
وأوضح المُهرب (عربي الجنسية)، أن العامل الآخر والأهم هو اتفاقية إعادة القبول والتي جعلت من ركوب البحر مقامرة خاسرة، فمن يصل سالماً إلى الجزر اليونانية سيتم إعادته إلى تركيا، وقال: «تردنا بعض الطلبات بأعداد قليلة هذه الفترة ونعمل بشكل محدود جداً على أمل تغير الأوضاع»، مستدركاً: «لكن بالمقابل تصلنا حجوزات واستفسارات يومية عن نية الآلاف العبور إلى أوروبا في حال انهيار الاتفاق وتخفيف السلطات التركية قبضتها عن الساحل».
فاضل محمد، شاب سوري يؤكد لـ«القدس العربي» أنه عازم على الذهاب إلى أوروبا بكل الطرق الممكنة، لكنه قال: «أنتظر الوقت المناسب، الآن نهاية الشتاء والأجواء ما زالت صعبة، والأمن التركي شدد إجراءاته، لكن أملنا كبير أن يتغير الموقف التركي ونحن نتابع يومياً الأنباء عن احتمال انهيار الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي».
ويقول ياسين (33 عاماً) من العراق: «ليس أمامنا خيارات اصطحبت عائلتي من العراق إلى تركيا لكي أصل إلى أوروبا، الحياة هنا غالية جداً وأنا لا أقدر على ذلك، وفي أقرب فرصة ممكنه سأصطحب عائلتي إلى أوروبا مهما كانت المخاطر فلن تكون أسوأ من الظروف السابقة التي مررنا بها».
باسل (21 عاماً) فلسطيني من غزة، يقول: «بعد أشهر من الإجراءات حصلت على فيزا إلى تركيا بحجة الدراسة، وبعد أشهر من المحاولات خرجت من معبر رفح لإسطنبول، ليس لدي المال الكافي وأعيش ظروف صعبة هنا، سأذهب إلى اليونان ومن ثم إلى ألمانيا في أقرب فرصة».
وأضاف: «نضع آمال كبيرة على انهيار الاتفاق وانتهاء الحظر التركي، يقولون انه ربما ينهار خلال شهر، أنا لا استطيع الانتظار هنا أكثر من ذلك، حتى لو لم ينهار الاتفاق سأركب البحر إلى اليونان وسأجرب ماذا سيحصل، لم يعد لدي ما أخسره».
وفي مقابل تأكيد أردوغان على عدم تلبية شروط الاتحاد، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، الاثنين، أن على تركيا التي وصفها بـ»الشريك الصعب» في الاتحاد الأوروبي، أن تلبي الشروط التي فرضها الأخير لتطبيق مبدأ إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول.
وقال الوزير أنه «طالما لم تلب تركيا كل الشروط فلن يتم تطبيق مبدأ الإعفاء»، مضيفاً: «الاتحاد يفرض 72 معياراً لإعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول.. لا يزال هناك عدة معايير لم تحترم منها دولة القانون التي على تركيا تطبيقها».
وفي لهجة تصالحيه، أعرب أردوغان، الاثنين، عن أمله في أن يؤدي إعفاء الأتراك من التأشيرات لدخول فضاء شنغن إلى تسريع مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، مؤكداً أن عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي «هدف استراتيجي»، وذلك بعد يوم واحد من قوله: فاليسير الاتحاد الأوروبي من طريق ونحن في طريق آخر».
من المقرر، أن يعقد البرلمان الأوروبي جلسة خاصة اليوم الأربعاء لبحث آخر ما توصلت إليه إجراءات رفع تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد، في اجتماع هام سيؤشر إلى أي مدى يمكن أن يرضخ الاتحاد لتهديدات أردوغان وتفادي تدفق عشرات وربما مئات آلاف اللاجئين الجدد.
القدس العربي