قال الناطق باسم هيئة علماء المسلمين في العراق، يحيى الطائي، إن حصار قطر ومقاطعتها يعمق الأزمة، ولا يسمح بانفراجتها، مشيرا إلى أن المقاطعة مع إسرائيل لم تفّعل سابقا كما حصل ضد قطر حاليا. داعيا لوزن “الأمور عندما يكون الخلاف بين الأشقاء، بأن تحل بطريقة ودية، لأن هؤلاء يمثلون القاعدة الأساسية للأمة، ونحن أمام صراع عربي إسرائيلي، علينا أن نتوحد على هذا، وهناك الصراع على المنطقة والنفوذ، وإيران الطرف المستفيد من هذه الصراعات”.
وفي مقابلة مع الأناضول في إسطنبول، أوضح أن الهيئة في “قلق شديد مما حصل في الأزمة”، وهي ضد القرارات التي اتخذت بحق قطر، حيث لا يجوز استخدام المقاطعة ضد دولة عربية، داعيا جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار لحل الأزمة.
ومنذ الإثنين الماضي، أعلنت ثماني دول قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وهي السعودية ومصر والإمارات والبحرين واليمن وموريتانيا وجزر القمر والمالديف، في أسوأ صدع تشهده المنطقة منذ سنوات، بينما لم تقطع الدولتان الخليجيتان الكويت وسلطنة عمان علاقاتهما مع الدوحة.
من جانبها نفت قطر الاتهامات بـ”دعم الارهاب” التي وجهتها لها تلك الدول، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.
وقال الطائي أيضا: “هذه الأزمة لا تصب بمصلحة الأمة، لأن مصلحتها أن تتوحد وتتضافر جهودها، وخاصة في هذه المرحلة المهمة جدا”.
وبرر ذلك بأنه “لا يزال الجرحان السوري والعراقي ينزفان، واضطرابات كثيرة في المنطقة، لا سيما في ليبيا وفي مصر واليمن، فبالتالي هذه الملفات الشائكة تحتاج لوحدة وتضافر الجهود، بدل أن يكون هناك صراعا خليجيا، أو صراعا عربيا فيما بينهم”.
وأعرب عن وقوف الهيئة ضد قرار المقاطعة والحصار لقطر، قائلا: “نحن ضد هكذا قرارات، وبكل تأكيد لا يجوز استخدام المقاطعة ضد دولة عربية، مهما كانت الظروف والخلافات، يجب أن تحل بطريقة ودية ودبلوماسية وسياسية، وتجنيب شعوب هذه المنطقة الصراعات التي تحدث بين قادة هذه الدول”.
وأفاد أنهم “ضد حصار أي دولة عربية مهما كانت، نحن في العراق عانينا من هذا الظلم، حيث حوصر لسنوات كثيرة.. ويجب ألا نزج الشعوب في هذه الخلافات، حيث ستتأثر كثيرا بالحصار”.
وشدد على أن “الحصار في رمضان أو غيره لا يجوز عقلا ولا شرعا، أن يحاصر المسلم أخاه المسلم، مهما كانت الظروف”.
الطائي دعا “جميع الأطراف إلى الجلوس على طاولة الحوار وحل النزاعات والمشاكل بينها، فهي ليست كالمشاكل مع الكيان الصهيوني.. إلى الآن المقاطعة مع إسرائيل لم تفعّل كما فعّلت الآن مع قطر”.
وحول الأسباب التي سيقت لاتهام قطر بدعم الإرهاب، قال الطائي: “ذريعة مكافحة الإرهاب باتت سيفا مسلطا، وهو ما حصل في عدة دول، ولا أعتقد أن دولة قطر تقوم بهكذا أعمال، بل لها أعمال أخرى، فمن عمّر جنوب لبنان وقطاع غزة؟ ومن يدعم سوريا إنسانيا؟”.
وأكد أن “قطر لا يمكن أن تكون داعمة للإرهاب.. والغرب وأمريكا لهما تصنيف للإرهاب على مزاجهم، والإرهاب شماعة.. فمثلا أمريكا تصنف الحرس الثوري الإيراني إرهابيا، فيما توفر لهم الدعم والغطاء للتمدد في العراق وسوريا”.
وأضاف: “من جاء بالإرهاب للمنطقة العربية وخاصة العراق وسوريا، التي لم تكن تعرفه من قبل، هو الاحتلال الأمريكي، فأمريكا راعية الإرهاب، وكانت توظفه لأغراض سياسية لتمرير مشاريعها”.
وقال “كنا نتمنى على السعودية أن تحتوي الأزمة بدلا من أن تكون طرفا، فهي تمثل الدولة الكبيرة في الخليج العربي، وهو ما يفرض عليها التزامات كبيرة، من ضمنها أن تكون هي من يحتوي الأزمة ويسعى لحلها”.
وبين أن “المشروع الإيراني كبير وضخم، ويجب أن يكون أمامه مشروع موحد لكل الأطراف العربية والإسلامية، لإيقاف مد هذا المشروع الذي يستهدف هذه المنطقة بالذات، وتداعياته كبيرة”.
وفي هذا الصدد أكمل: “تدخل إيران سافر في العراق وسوريا واليمن، كما أن اليمن عامل مقلق للسعودية، وسوريا والعراق عاملان مقلقان للمنطقة، وبالتالي إضعاف هذه الجبهة هو إضعاف لمشروع مقاومة المد الإيراني، سواء في المنطقة أو الخليج”.
واستحضر الطائي مقولة لوزير خارجية أمريكا الأسبق هنري كيسنجر يقول فيها: “(ليس من وظيفة الولايات المتحدة حل الأزمات، بل توظيفها لمصلحتها)، فأمريكا ستسفيد من هذه الأزمة، ربما أمريكا ستسلح كل الأطراف من أجل أن يكون هناك صراعا خليجيا فيما بينهم، أمريكا وروسيا والدول العظمى تستفيد من هذه الصراعات وتوظفها من أجل أغراض سياسية”.
وعن الموقف التركي حيال الأزمة، أوضح: “تركيا مواقفها مشرفة جدا للأمة، سواء موقفها من غزة، ومن سوريا، أو من احتلال العراق، ورفضها أن تكون قاعدة للجيوش التي تحتل العراق، نحن نحيي مواقف تركيا المساندة للأمة وقضية الأمة، وهي سائرة في طريق أن تكون عامل استقرار وتوازن في المنطقة، أمام المد الإيراني”.
وأبدى الناطق الرسمي خشيته من أن يتكرر سيناريو احتلال العراق للكويت، باحتلال قطر، إذ أن “هذه الدول لا تتحمل هذا السيناريو فهي ليست كالعراق، فعملية إضعافها سيكون شديدة جدا، وستكون لقمة سائغة أمام المشروع الإيراني”.
واتهم “وسائل إعلام بأنها تشعل النار، وتشعل فتيل الفتنة بطريقة لم يسبق لها مثيل، فالإعلام يسعر الفتنة ولا يطفئها، وهو ينذر بأخطار نأمل من جميع الأطراف أن تسعى لحلها، وتجنيب الشعوب ويلات ما ستؤول إليه النتائج”.
وختم بقوله: “نحاول وأد الفتنة في مهدها، وعدم السماح لها أن تنتشر وتنتقل للشعوب، وفي العراق عانينا كثيرا .. وحتى الآن يوجد كثير من الكويتيين يعانون(جراء احتلالها سابقا من قبل العراق 1990)”.
وهيئة علماء المسلمين في العراق تضم جمعا من علماء الدين السنة وتأسست بعيد الاجتياح الأمريكي للعراق في العام 2003 على يد العالم حارث الضاري الذي توفي في 2015، وجعل من الدفاع عن حقوق السنة هدفاً لها.