قطع الأشجار هي عملية لإخلاء الغابة أو من أجل استعمال الأشجار كخشب للبناء، وفي علم الحراجة “علم زراعة الغابات” يستعمل مصطلح قطع الأشجار للدلالة على عملية نقل جذع الشجرة بعد فصله عن باقي أصلها إلى مكان آخر خارج الغابة لمسافة غالبا ما تتجاوز الكيلومتر، أما في الاستعمال العام فمن معاني هذا المصطلح أنه داخل في عملية زراعة الغابات.
تنقسم طريقة قطع الأشجار إلى ثلاثة أقسام وذلك حسب الغاية الصناعية المنتظرة من وراء العملية ومنها:
• طريقة القطع الطولي حيث يتم قطع الشجرة ومن ثم نزع أغصانها وزوائدها مباشرة, وتنقل الشجرة بعدها إلى منطقة التخزين حيث يتم تقطيعها إلى أجزاء صغيرة ليتم حملها في الشاحنة, وهو ما يخلق كمية كبيرة من الزوائد في مكان القطع.
• القطع الكامل للشجرة, بعد القطع تنقل الشجرة بجميع أجزائها إلى منطقة التخزين حيث تقطع إلى أجزاء صغيرة, وهو ما يخلق كمية كبيرة من زوائد الشجرة في منطقة التخزين.
• القطع لأجزاء صغيرة, حيث تتم عمليات قطع الشجرة وإزالة زوائدها وتقطيعها إلى أجزاء صغيرة في مكان القطع وهو ما يخلق كمية معتبرة من الأغصان والزوائد في الغابة.
يذكر أن هذه العمليات من التقطيع للثروة النباتية, تتم في الدول التي تمتلك مساحات واسعة من الغابات الخضراء.
أما في سورية فقد انتشرت في السنوات الثلاث الأخيرة ظاهرة تعرف ب “القطع العشوائي للأشجار”, وهي ليست بالشكل المتعارف عليه دوليا, “على مستوى شركات خاصة كبيرة أو حكومية”, وإنما على مستوى الأهالي الذين اختلقوا هذه الظاهرة, وبكل الأحوال ومهما كانت المبررات هي ظاهرة سلبية, ويؤدي استمرارها إلى ظهور العديد من النتائج السلبية التي تنعكس على البيئة والحياة الطبيعية فيها.
مساحات واسعة من الأشجار الحراجية التي زرعت من عشرات السنين في منطقة جبل الزاوية, باتت اليوم بحكم الزائلة أو المهددة بالزوال, المشكلة لم تعد تقتصر على مجموعة من الأشجار الحراجية في جبل الزاوية فحسب, بل على ظاهرة التقطيع العشوائي امتدت وأخذت بالانتشار في مناطق أخرى تعتبر من المناطق الخضراء التي تحتوي على غطاء كثيف من الغابات الطبيعية, كبعض الغابات المنتشرة في ريف “جسر الشغور”.
ولكن السؤال لماذا نشأت هذه الظاهرة, ومن هي الجهة المسؤولة عن مكافحتها أو بالأحرى احتوائها؟
يقول المهندس الزراعي “رامي الأسعد”: “بداية لا نستطيع أن نلقي باللوم على جهة محددة, لأن العديد من الغابات والأحراش الحراجية, قد تم قصفها بشتى الأساليب, بل وأزيد على ذلك بالقول إن بعضها تعرضت للقصف بالقنابل “الفوسفورية” التي أدت إلى اشتغال أجزاء واسعة من هذا الغطاء النباتي, لذلك فإن قسما كبيرا من عمليات الاحتطاب تتم قبل الأهالي للأشجار الميتة للاستفادة من أخشابها في التدفئة خلال فصل الشتاء”.
إذا لا نستطيع أن نلقي باللوم على حاجة المواطن المستمرة, للحصول على مادة التدفئة, التي تحولت في كثير من حالاتها إلى مادة الأخشاب “الحطب” نظرا لانقطاع مادة المازوت عن بعض المناطق, أو غلائه في المناطق الأخرى, ولكن تشير بعض التقارير المحلية لوجود ظاهرة حقيقية لقطع الأشجار الحية فما مدى دقتها؟!.
يكمل المهندس “رامي الأسعد” قائلا:
“نعم لقد تم تسجيل العديد من التجاوزات التي قام بها بعض ضعاف النفوس لقطع الأشجار الحية وبيعها في الأسواق, مستغلين حاجة الناس للأخشاب من أجل استخدامها في مواقد التدفئة شتاءً, وقد تم ضبط العديد من هؤلاء الأشخاص وتمت إحالتهم إلى المحاكم الشرعية”.
ولكن ماذا لو استمرت هذه الظاهرة بالانتشار, وماذا لو اتخذت هذه التجاوزات طابعا آخر يتمثل بتقطيع الأشجار المثمرة أيضا؟.
يضيف المهندس رامي:
“قطع الأشجار المثمرة, ليس أمرا مستبعدا, بل قام بعض الأهالي باللجوء إلى قطع بعض الأشجار المثمرة من بساتينهم, أيضا لحاجتهم الماسة لاستخدام أخشابها كبديل عن مادة التدفئة “المازوت”, وفي كلا الحالتين ثمة نتائج سلبية, ولكن على الأقل يتذرعون بأنها من ملكيتهم الخاصة”.
والجدير بالذكر أن عملية القطع العشوائي للأشجار تؤدي إلى نتائج سلبية تتجلى في نقص مساحات الغابات التي تمد المدينة والبلدة, أو الطبيعة بشكل عام بكميات كبيرة من الأكسجين وتخلصها من غاز الكربون, كما أنها تحد من قدرة بعض الحيوانات من العثور على المأوى والغذاء.
ولكن المفارقة التي لا تقبل الجدل, هي وجود العديد من العائلات السورية المشردة في الداخل بلا مأوى وتحت ظلال الأشجار التي تقيهم أحيانا حر الشمس الحارقة في الصيف, فكيف يحرمون من حق اللجوء حتى لدولة الظلال؟!.
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود.