بعد أن كانت سورية من أقوى الدول في مجال التعليم، دفعت الأزمة السورية المتواصلة منذ حوالي 5 سنوات الآلاف من الطلاب إلى ترك مقاعد دراستهم، بسبب قصف قوات النظام المتواصل لها، فقد أفاد تقرير للشبكة السورية لحقوق الانسان لعام 2014 أن حوالي 3994 مدرسة مدمّرة بشكل كلي أو جزئي، وقدّر عدد الطلاب الذين تركوا مقاعد دراستهم بحوالي 400 ألف طالب حسب تقارير المنظمات الدولية، ولاشك أن هذه الإحصائيات قد تضاعفت في العام الحالي، خصوصا بعد التدخل الروسي في سوريا واستهداف المدنيين.
وفقد حوالي 50 ألف مدرّس وظائفهم لامتناعهم عن الذهاب الى مناطق النظام، للحصول على رواتبهم حيث يقول الاستاذ علاء الدين وهو أحد المدرسين، الذين تم فصلهم عن عملهم لامتناعهم عن الذهاب الى حلب، ليتقاضى راتبه: “منذ عامين لم أتقاضى راتبي لأني لا أستطيع المرور على حواجز النظام، خوفاً من اعتقالي وسوقي الى التجنيد الاجباري الذي تهرّبت منه طوال سنوات الثورة”.
وهذا الاجراء من سلسلة الاجراءات التي يتبعها النظام، في اجبار موظفي الدوائر الرسمية على الذهاب الى مناطق النظام، فيضمن بذلك بقاء تخوّف لدى شريحة كبيرة من الموظفين، على الانخراط بشكل فاعل في العمل الثوري السلمي أو المسلح ضده.
ومما زاد أيضاً في تدهور الوضع التعليمي في المناطق المحررة، حركة النزوح في الداخل فقد ذكرت التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة، وتقارير الشبكة السورية لحقوق الانسان أن حوالي 650 ألف نازح، يقطنون المدارس حتى نهاية سنة 2014م، وهذه الأرقام قد تضاعفت في العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، وهؤلاء النازحين يشغلون الغرف الصفية للطلاب حيث يقول الاستاذ، حسن وهو مدير إحدى المدارس المحررة في ريف ادلب الجنوبي: “هناك عائلات نازحة منذ ثلاث سنوات موجودة في المدرسة التي أديرها، الأمر الذي دفعني الى وضع أعداد كبيرة من الطلاب في غرف صفية واحدة، مما يؤثر سلباً على العملية التعليمية”.
بالإضافة إلى ذلك فسوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة في المناطق المحررة، دفعت أيضاً عدد كبير من الطلاب، إلى ترك مدارسهم والبحث عن فرص عمل لمساعدة عوائلهم على تأمين متطلبات حياتهم اليومية، وخاصة طلاب العائلات النازحة الذين طال نزوحهم.
أحمد ابن 15 عاماً اضطر إلى ترك مدرسته بعد نزوحهم من بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي نتيجة المعارك الدائرة هناك يقول: “لقد اضطررت لترك مدرستي لمساعدة والدي في العمل، للإنفاق على عائلتنا المؤلفة من 10 أشخاص، ونحن نعمل في صيانة السيارات لتأمين مستلزمات العائلة”.
كما أن تقاعس المجتمع الدولي عن تأمين المساعدات الإنسانية الدولية، المخصصة لدعم العملية التعليمية في سوريا، وحرمان النظام للمناطق الثائرة والخارجة عن سيطرته، من حصتها من هذه المساعدات التي لا تتجاوز 2% من حجم المساعدات الإنسانية، المقدمة للشعب السوري في الداخل والخارج، كما ورد في تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان في عام 2014.
وعلاوة على ذلك فالمستقبل المجهول للطلاب، وعدم قدرة المؤسسات المسؤولة (مديرية التربية الحرة) عن تأمين جامعات معترف بها، وفرص عمل للطلاب الخريجين من معاهدها، وفشل القوانين الدولية المتعلقة بالتعليم من تأمين الحماية للطلاب في مدارسهم، من قصف قوات النظام لها وإمساك النظام عن تزويد هذه المدارس باحتياجاتها الضرورية، وخاصة سد النقص الحاد في الكتب لاستمرار التعليم فيها، كل هذه الأسباب تزيد في سوء العملية التعليمية في المناطق المحررة.
وهنا يبقى السؤال إلى متى سيبقى طلابنا بعيدين عن مقاعد دراستهم، وتبقى الأحلام ترتسم في أذهانهم عن مستقبل يكتنفه الغموض، في الوقت الذي ينعم به أطفال العالم بحقهم في التعلًم والحياة الكريمة، ورسم مستقبلهم بعيداً عن الحرب التي طال أمدها في سوريا.
وسيم القاسم ـ المركز الصحفي السوري