ام عمر امرأة لم تتجاوز الثلاثين من عمرها، ام لثلاثة اطفال.
ذهب زوجها الى لبنان من اجل العمل، وفي طريق عودته الي ابنائه، قامت قوات النظام باعتقاله في مدينة حمص، وساقته الى سجونها المظلمة.
مما اضطر ام عمر للنزوح من حلب، التي كانوا يعيشون فيها الى مسقط راس ابي عمر في ريف ادلب الجنوبي، مصطحبة معها اطفالها وكان جل اهتمامها المحافظة عليهم وتربيتهم وتعليمهم.
ففي كل يوم تستيقظ ام عمر متفائلة بخبر عن زوجها، يزيل عنها شقاء الحياة، ويزرع في نفسها الامل من جديد، ولكن دون جدوى.
اقامت هذه العائلة في منزل بسيط، يعود لأقرباء زوجها، كونهم لا يملكون منزل، وبدأ كفاح هذه المرأة، ومعاناتها، وشدة حزنها من طلب ابنائها لأبيهم، وفي كل مرة تقول لهم حجج واهية تغنيهم عن السؤال ….
عملت ام عمر في حياكة الثياب، لتامين قوت اولادها، فزادت المعاناة معاناة، لكنها اصرت على العمل من اجل الا ينقص عن صغارها اي شيء.
اشرقت الشمس، وبدأ نهار جديد، استيقظ الاطفال، وانصرفوا للعب والمرح، حضرت امهم الطعام البسيط، وبدأوا بتناول فطورهم.
طرق الباب واذ بجارتهم التي لم تبلغ العقد الثاني من العمر، دخلت لتطمئن عن احوالهم، وما إذا كان ينقصهم شيء.
جلس الجميع، ولم يدركوا ما الذي سيحصل.
كانت ام عمر تتمنى وتدعو الله ان تعيش او تموت مع فلذة كبدها.
اربعة اعوام عاشتها ام عمر بين اليأس والامل، زرعت في اطفالها الثقة، وعودتهم على انتظار والدهم، ورسمت على شفاههم البسمة.
هدرت طائرة في السماء، ودقت ساعة الصفر في التاسعة والنصف، القت بحممها المتفجرة، لتردي الجميع قتلى، واشلاؤهم تملأ المكان.
والنظام السوري يستخدم البراميل المتفجرة وهي صناعة محلية تكلفتها قليلة جدا وتأثيرها كبير وعشوائية بأهدافها…
ذهب الامل، وذهبت البسمة، ولم يتحقق حلم هذه العائلة في رؤية من انشأها.
استشهدت ام عمر واطفالها والجارة، ولم يبقى من المنزل سوى ركام.
ولكن ستبقى هذه المرأة رمزا في الصمود والتحدي، ومثالا عن التعاسة والشقاء.
عاشت مع اطفالها فوق الارض وها هي تجاورهم تحت حبات التراب.
(مكتب المركز الصحفي السوري – الفطيرة)