صرحت صحيفة شيكاغو تربيون الأمريكية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثار اهتمام العام أجمع من خلال مفاجآته، وذلك حين أرسل طائراته وجنوده إلى سوريا في الخريف الماضي، موضحة أن صناع السياسة الأمريكية استهزأوا بقراره، متوقعين أن بوتين ينجر إلى مستنقع، لكنهم فشلوا الآن مرة أخرى في التنبؤ بتحركاته التكتيكية، وبالكاد هنأوا أنفسهم بقرار انسحابه من سوريا، ورأوا أنه فشل، لكن الأدلة المتاحة تؤكد عكس ذلك.
وتضيف الصحيفة أن أهداف بوتين في سوريا بسيطة ومقيدة، ليس كما يصورها المسؤولون الأمريكيون، فأولًا وقبل كل شيء، بوتين يرغب في تحقيق النجاح على الساحة العالمية، ويعيد أمجاد الماضي السوفيتي. وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن الرئيس الروسي يريد أن يبرهن للعالم، خاصة بلدان الشرق الأوسط، التي صدمت من قرار محاولة واشنطن استرضاء إيران، أن روسيا وحلفاءها يمكن الاعتماد عليهم.
ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة تتبع استراتيجية الجنرال ديفيد بتريوس، القائد السابق للعمليات العسكرية في العراق، لكن بوتين يبتعد بشكل كامل عن هذا، وما يهدف إليه هو حماية وإنقاذ الدولة السورية، واستمرار العمل المناسب والقيادة في سوريا، حيث أن هناك المنشآت الحيوية للقوات الروسية في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط.
ورأت الصحيفة أن إعلان بوتين خروجه من سوريا يعني أنه أنجز أهدافه، وهو ما تشير إليه كل الدلائل، حيث ازدات شعبيته في الداخل، رغم إسقاط طائرة روسية خلال العمليات في سوريا. وتؤكد الصحيفة الأمريكية أن بوتين أصبح له وضعه في المنطقة، فكما بيَّن مؤخرًا سيطرته على محادثات وقف إطلاق النار الأخيرة، بالإضافة إلى ردة فعله المبالغ تجاه تركيا، بعد إسقاط طائرة روسيا، بحجة اختراق المجال الجوي التركي.
وأضافت الصحيفة أن الطائرات الروسية حققت أهدافها في سوريا وقضت على المسلحين، والطائرات المتبقية بعد مغادرة القوات الروسية تحتفط بحق مواصلة القتال. وتشير الصحيفة إلى أنه في المستقبل يبدو أن بوتين والرئيس السوري بشار الأسد سينضمان سويًّا لتشكيل ائتلاف واسع، لكن السؤال هنا: كيف ستقاوم الولايات المتحدة هذا التحالف، وكيف ستتصرف السعودية؟
وأكدت الصحيفة أن الأهداف المعقولة لبوتين قد تحققت، ولا مستنقع يظهر في الأفق، فهو يمتلك مزايا لا يمتلكها الغرب، وهو أذكى من الغرور الذي يصيب السياسة الأمريكية، مما سمح له بالنجاح، في خضم استمرار الفراغ السياسي الأمريكي في الشرق الأوسط وأماكن أخرى.
مركز الشرق العربي