روت معتقلات سوريات أفرج عنهن حديثا ضمن صفقة تبادل أسرى مع النظام السوري أسباب وظروف اعتقالهن وصنوف التعذيب الذي تعرضن له. وأكدت إحدى المفرج عنهن أنها شهدت موت خمس من زميلاتها في فرع الأمن السياسي بدمشق جراء التعذيب.
ما إن نشرت منظمة العفو الدولية تقريرها بعنوان “المسلخ البشري” حول الفظائع المرتكبة في سجن صيدنايا العسكري التابع للنظام السوري قرب دمشق، الذي وثق عمليات إعدام خارج نطاق القضاء لأكثر من 13 ألف معتقل، حتى ظهرت ردود أفعال غاضبة ومنددة في الساحة الدولية.
لكن بالنسبة للسوريين الذين خبروا أهوال الاعتقال فقد أيقظ فيهم التقرير ذكريات مريرة حول تجارب اعتقالهم في سجون النظام السوري.
الجزيرة نت التقت عددا من المعتقلات اللائي أطلق سراحهن قبل يومين بالتزامن مع صدور تقرير منظمة العفو، حيث تم الإفراج عنهن في صفقة تبادل للأسرى بين المعارضة السورية المسلحة والنظام السوري بإشراف وتنسيق المؤسسة العامة لشؤون الأسرى التابعة للمعارضة السورية.
وقدمت المعتقلات شهاداتهن للجزيرة، حيث أكدن أن منهجية التعذيب المذكور في تقرير منظمة العفو الدولية وسواه لا تزال متبعة حتى اليوم، وقد تعرضن للتعذيب حتى قبل أيام من الإفراج عنهن.
لنساء رهائن
التقت الجزيرة نت المعتقلة رشا شربجي، وهي معتقلة معروفة، ذكرت أنها اعتقلت مع أطفالها الثلاثة في 22 مايو/أيار 2014، وكانت وقتها حاملا في توأم.
قالت رشا شربجي للجزيرة نت “بقيت حتى إطلاق سراحي أنا وأطفالي الخمسة محتجزين في فرع المخابرات الجوية داخل مطار المزة العسكري، وسبب اعتقالي كان فقط للضغط على زوجي حتى يسلم نفسه للمخابرات السورية”.
وتناولت سابقا إحدى المنظمات الدولية المرموقة اعتقال رشا شربجي، وقالت إنه يرتقي لاحتجاز رهائن، وفق أسلوب أكدته تقارير حقوقية عدة منذ فترة حكم حافظ الأسد في ثمانينيات القرن الماضي.
المعتقلة (م.ن) التي أفرج عنها في هذه الصفقة، تنحدر من مدينة التل في محيط العاصمة دمشق، قالت للجزيرة نت إنها اعتقلت أثناء محاولتها العبور إلى لبنان في أكتوبر/تشرين الأول 2015 ليتم اقتيادها إلى فرع الأمن السياسي بدمشق، “قبل أن تبدأ رحلتي بين أربعة أفرع أمنية أخرى في رحلة مريرة من الإهانة والإذلال، وكل ذلك دون أن يجري عرضي أمام أي محكمة”.
تعذيب وقتل
وفي شهادتها للجزيرة نت، ذكرت المعتقلة نفسها أنها فقدت بسبب التعذيب جنينها، وكانت حاملا في الشهر الثاني، وقالت “تعرضت لكل أنواع التعذيب المعروفة في معتقلات النظام، وكان أقساها بالنسبة لي هو الصعق بالكهرباء بعد رشي بالماء البارد، وتعليقي بالسلاسل من يدي ورفعي عن الأرض، وهو ما يُعرف في سوريا بالشبح”.
وأضافت “كان يتم تعليقي من شعري، وفي إحدى المرات بقيت معلقة ثلاثة أيام متواصلة، كما كان الطعام الذي يقدم لنا يكفي فقط لنبقى على قيد الحياة، وكنا نحرم من النوم ساعات طويلة”.
وتابعت “تم تعذيبي أيضا بما يعرف ببساط لريح؛ كانوا يدخلون قدمي في لوح خشي ويتم ربط اليدين، ومن ثم يُطوى اللوح الخشي حتى تصل قدماي إلى مستوى رأسي، لينهالوا علي بالضرب حتى يُغمى علي”.
ليس هناك تمييز بين أعمار المعتقلات؛ فجميعهن يتعرضن لمستوى التعذيب والإذلال نفسه، كما تقول المعتقلة (م.ن)، والأقسى أنها وطيلة فترة التعذيب لم تكن تعلم سبب اعتقالها سوى أن زوجها كان أحد الثوار في مدينة التل، ولم يعفها أنه قتل قبل شهرين من اعتقالها.
وفي شهادة المعتقلة (م.ن) للجزيرة نت أكدت أنها خلال وجودها في فرع الأمن السياسي شهدت موت خمس معتقلات بسبب التعذيب اليومي، وسجلت مشاهدات مروعة لأن مكان احتجازها كان قريبا من غرفة التحقيق في الفرع المذكور.
الجزيرة