حلم كل مسلم أن يتم أركان الإسلام ويزور الأراضي المقدسة في مكة المكرمة ويؤدي فريضة الحج ومناسكها، ورغم أن الحرب أثرت بشكل سلبي على حياة السوريين، إلا أنهم يتشوقون كل عام لأداء شعائر الحج والطواف حول الكعبة المشرفة.
اهتمت لجنة الحج العليا السورية الحرة بشؤون الحجاج وقامت بتنظيم كل مايخص التسجيل والتنسيق مع المملكة السعودية وتم قبول 12 ألف سوري تقدموا بطلباتهم للجنة من مختلف المناطق سواء من داخل سوريا أو من خارجها، وقامت السلطات التركية بفتح معبر باب الهوى لدخول الحجاج من الداخل السوري ووصلوا جميعا إلى مكة المكرمة.
كانت أم محمد تعد الأيام والليالي شوقا لتغادر مدينتها ادلب وتتجه إلى مكة المكرمة، ففرحتها مضاعفة بأداء فريضة الحج ولقاء ابنتها بعد قطيعة دامت خمسة أعوام بسبب ظروف الحرب، تقول من داخل الحرم وفيض شوقها بدا واضحا من عينيها:” لم تستطع ابنتي العودة من السعودية إلى سوريا بعد اشتعال الحرب فيها، وحفيدتاي لا أعرفهما إلا من خلال بعض الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، فقدر الله أن يلتم الشمل وهنا في رحاب الحرم المكي التقيتها وزوجها ليكونا رفيقا لي وسندا في رحلتي بالأراضي المقدسة”.
أم محمد ليست الوحيدة التي اجتمعت بأحباب فارقتهم في سوريا، بل هناك كثير غيرها جمعتهم تلك الأراضي الطاهرة، عائشة التقت في الفندق بجارتها التي قدر الله لها أن تفارق حلب وتعيش مع زوجها في مصر، لتجتمعا من جديد وتبدأ الأحاديث عن الذكريات الجميلة والمواقف الطريفة التي حدثت معهن، وعن أحوال البلد كيف تغيرت وماذا فعلت الحرب بأهلها، شردتهم وحرمتهم من أشخاص قد لا تجمعهم الصدفة أبدا.
جاؤوا من مختلف المناطق والحنين لوطنهم سوريا ينبض في قلوبهم، لكل منهم قصته التي تحمل في جوفها آلاما ومعاناة قد تعجز الكلمات عن وصفها، تقول أم مصطفى من ريف حمص:” أجبرتني الحرب على اللجوء إلى الأردن بحثا عن حياة آمنة كم كنت أتوق للطواف حول الكعبة، والحمدلله منّ على وتمت الموافقة على طلبي وزوجي من قبل إدارة الحج لنزور هذه الأماكن المقدسة ونتضرع إلى الله آملين أن تكون دعوانا بالفرج القريب على بلدنا سوريا مجابة بإذن الله”.
دعواتهم واحدة، والمكان واحد، في أطهر بقعة على الأرض جاؤوا ملبين لنداء الحج، ودعواتهم الصادقة أن تنتهي الحرب في بلادهم ويعم السلام وينتصر الحق، ويعاقب كل ظالم على مااقترفت يداه، ولعل الدعوة الأولى التي نطقت بها شفاههم عندما وقفوا أمام الكعبة المشرفة، أن يحظى حجاج بيت الله الحرام الموسم القادم بشرف القدوم من مطاري حلب ودمشق، بعد تحريرهما من نظام عاث فسادا وشرد الملايين من أهل سوريا.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد