لم تكن وحدها ثنائية الحصار والنار هي ما يعانيه الأهل في مضايا ليرافقها شبح المرض القاتل من نقص بالدواء وقلة في الإمكانات الطبية ونقص في الكادر الطبي مما يزيد من حالات الموت وبالتزامن للمدنيين ممن لا يملكون “باليد حيلة”
مأساة إنسانية بكل معنى الكلمة يعيشها أهالي بلدة مضايا مع نقص حاد في الغذاء، حيث يواجه أكثر من 40 ألف مدني شبح الموت جوعاَ منذ حصار فرضه حزب الله اللبناني بسياسة العجز والخوف من اقتحامها فلجأ إلى سياسة الحصار والتجويع.. فقد أكد العديد من النشطاء أن عشرات السكان بالصور المرافقة تصور أجسادهم الناحلة بل شديدة النحول حتى غدت كأنها مجرد هياكل عظمية يغلفها قماش رقيق اسمه جلد، وهم يموتون ببطء؛ تذوب أجسادهم وتفنى قبل دفنها تحت التراب.
مع دخول أول أيام الشتاء الباردة بات التخوف ظاهراَ من وقوع كارثة إنسانية تزيد من الأوجاع وتضيق الخناق على أعناق الأهالي الواقفين أمام أوجاعهم موقف العجز والضعيف راجين من الله الفرج القريب.
أبو أحمد (33 عاماً) من بلدة مضايا يتواصل مع أخته “خديجة” عبر جهازه الخليوي البسيط والتي غادرت البلدة مع طفلها الصغير وزوجها المنشق عن نظام بشار، وكون أصل الزوج من ريف إدلب عاد إليها بعد التحرير ولدى مقابلتنا ل “خديجة” حدثتنا عن معاناة أخيها والأهل في مضايا قائلة “أموت باليوم مئة موتة وأعيش ألماً لا يفارقني.. كلمات أخي تمزق قلبي حزناَ قبل أن أذرف دموع ألم الفراق، أوراق الشجر ونباتات بسيطة طعامهم .. اقتلع بلاط غرفة المنزل ليزرع بعض النباتات التي قد تسد الرمق.. واليوم مع بداية فصل ثقيل “الشتاء” زادت المخاوف من كارثة إنسانية حقيقية”.
مع زيادة القلق من شتاء لا يستعد له المدنيون في بلدتي مضايا وبقين بريف دمشق، أطلق فيهما وسماً انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي باسم “أغيثوا المحاصرين قبل وقوع الكارثة” موجهاً إلى المنظمات الإنسانية والهيئات الدولية، والمؤسسات الخيرية للإغاثة، حيث نشر المجلس المحلي على صفحته الشخصية مناشدة إنسانية وصف فيها الشتاء ب “الضيف الثقيل” مشيراً إلى أن الأهالي “لا طاقة لهم على استقباله” بعد أن دخل الشتاء بيوت الأهالي الخالية من النوافذ والأبواب المهدمة كلياً أو جزئياً، عداك عن عدم توفر المحروقات ليس لاستعمالها في التدفئة إنما لطهي الطعام.. وإن تم السماح بدخول كميات محدودة فهي ستكون بأسعار جنونية تصل لأضعاف مضاعفة عن سعرها الحقيقي في أسواق دمشق
ومع تلك المعاناة الجديدة صار من الضروري حرق ما تبقى من أثاث المنازل “فإن نجا الأثاث من نيران القصف لن ينجو من استخدامه للتخفيف من صقيع وثلج الشتاء.
تدمدم خديجة بصوت حزين ترافقه نبرة الدعاء للأهل المحاصرين قائلة “تزداد الجرائم بحق الأهل في وطني التي تلازمهم بشكل يومي ولا أملك لهم سوى الدعاء بالتخفيف عن أوجاعهم والفرج من كربهم العظيم”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد