شتاء مظلم كحياة السوريين في شتى بقاع الأرض أرخى سدله عليهم حاملا معه بردا ورعبا أشد بأسا على قلوبهم ليضاف لقائمة معاناتهم اليومية، فأين المفر من عيش جحيم قدر لهم أن يشهدوه حتى لمن قرر الفرار خارج البلاد فكانت مخيمات الأمم المتحدة المتشابهة ملجأ من لا يملك مالا ليعيش في منزل يستر خلف جدرانه خيبات الزمان وخزي العرب ودول العالم الذين يتفرجون ويصفقون وإن تحرك وجدانهم فجل ردات أفعالهم أقوالا وتنديدا لا تثمر نتائج ملموسة على أرض الواقع.
ولعل السوريين الذين يعيشون في مخيمات اللجوء في لبنان شتاؤهم أقسى ومعاناتهم مضاعفة عن سواهم في باقي الدول، فأي حياة يمكن أن تعاش في بلد من المفترض أن يكون صديقا بحكم الجوار، فدولة لبنان حكومة وشعبا أظهرا امتعاضهما مرارا من وجود اللاجئين السوريين على أرضهم، ولا ينفكون بتوجيه الشتائم والعبارات القاسية لهم فضلا عن موشحات المسؤولين وتهديداتهم المتواصلة بأنهم يشكلون عبئا ويؤثرون سلبا على اللبنانيين من الناحية الاجتماعية والاقتصادية.
حياة يشوبها التوتر والخوف، ومع قدوم كابوس فصل الشتاء يعجز أولئك المساكين عن لإيجاد حل لمعاناة البرد والجليد الذي أخذ بطرق باب خيامهم المهترئة التي لا ترد ولا تستر خلفها سوى الآلام ودموع الحنين لسقف كان يؤويهم وأجبروا على تركه رغما عنهم، ومشكلتهم ليست وليدة العام بل منذ أن أطاح بهم القدر في تلك الأراضي فظنوا حينها أنهم أحسنوا الاختيار ولجؤوا لدولة سترد لهم الجميل وتعاملهم بالحسنى وترأف لحالهم وتجبر خاطرهم، لكنهم صدموا بسوء المعاملة وأوضاعا سيئة للغاية في تلك المخيمات المنتشرة في البقاع وزحلة على الحدود مع سوريا.
فقد السوريون في تلك المخيمات الأمل من أن يتحسن حالهم، فشتاؤهم الماضي كان بين أكوام الثلوج المتراكمة، وقدمت لهم الأمم المتحدة كميات من المازوت للتدفئة لا يكاد يكفيهم لتشغيل المدافئ أقل من 5 ساعات وباقي اليوم ينخر البرد أجسادهم وأجساد أطفالهم النحيلة، مااضطر البعض لتشغيل “الحطب” مما يجمعونه من الغابات الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على حياتهم كونهم يعيشون في خيام من النايلون سريع الاشتعال.
ونتيجة لذلك شب حريق مؤخرا في مخيم للنازحين السوريين في الفيضا زحلة بلبنان، وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن “طفلا اصيب بحالة اختناق، جراء الحريق الذي حصل داخل المخيم ونقل الى أحد المستشفيات في المنطقة، وأتى الحريق على حوالي 12 خيمة من دون معرفة الأسباب التي أدت إلى اندلاعه.
وكأن البلاء رفيق السوريين أينما حلوا، تخبرنا أم حسان من أحد مخيمات البقاع وهي من ريف حمص عن معاناتها:” من أين أبدأ لا أعلم، والله استحى الغرب أن يعاملوا الحيوانات كما يعاملنا اللبنانيون، فهم باعتقادهم أننا ننقل الإرهاب لبلادهم وهم يدركون تماما ان النظام من خلفه وليس نحن البسطاء، ويدعون أن ميزانيتهم لاتكفي لتوفير التدفئة في الشتاء، وجميعنا نعلم أن المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة هما من يتكفل بإعانتنا ويملؤون جيوبهم على حسابنا، شكيناهم لله فهو حسبنا عليهم وعلى من هجرنا من ديارنا”.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد